صرخة طفل ورقصة أستاذة
"بهدلوكي يا بهية وخلعوكي الطرحة والجلابية، وجعلوكي أضحوكة لكل الإنسانية"
من قصيدة الأطلال إلى أغنية بحبك يا حمار، هكذا كان مقدار الانحدار والسقوط، من قمة المجد إلي قاع الضياع، كيف ولماذا حدث ذلك؟ إنها المؤامرة الكبرى التي حيكت ضد مصر منذ قدوم الكيان الصهيوني على الحدود، والهدف كان إخراجها من حضن الهوية، والدخول بها إلى حالة اغتراب ثقافي، وهذا ما أصبح عليه المواطن والوطن بكل مؤسساته.
تمت شرعنة وتقنين ثقافة الهيافة لتكون أداء لقوانين اجتماعية تحكم العلاقة بين المواطن ووطنه وبين المواطن وأخيه المواطن، هنا حكاية الطفل شنودة والدكتورة مني برنس، فحكاية الطفل هي حكاية باكية على حال أمة كانت تاج الإنسانية وأصبحت الآن أضحوكة لكل البشرية، فلا صرخات الطفل ذو الأربعة أعوام ولا انكسار ولا دموع وتوسلات الأب والأم الذين هم شيوخ في العمر استطاعوا تحريك ضمير مصر الغائب داخل من حكموا ومن نفذوا ومن أيدوا، فالقضية ليست مرتبطة بقانون كما يصورها البعض، بل هي تجسيد صارخ على ما وصل له الوطن مصر من سرعة انحدار إلي قاع الظلام.
والسؤال الذي يطرح نفسه على كل من اشترك في تلك الجريمة ضد الوطن قبل أن تكون ضد الطفل والأسرة، ما هو الأصلح للوطن، أن يتربى الطفل وسط أسرة ويحصل على الأمان والحماية والتربية علميًا وصحيًا وثقافيًا وأخلاقيًا، أم يتم الرمي به في طريق المجهول الذي ربما يسحبه في طريق الضياع ويكون مصيره شخصًا فاشلًا وخطرًا على وطنه؟
لن أكتب عن حكاية ذلك الطفل، لأن الجميع يعرف تفاصيلها، لكن ما أود طرحه هو ثقافة تكوين المسئول التي أصبحت خطرًا يهدد تماسك وتواجد الوطن مصر، ألم يعلم من حكم ونفذ ومن أيد وصفق وهلل أن ذلك الحدث البربري سوف تتناوله وسائل الإعلام العالمية ومنصات الأعداء لتصوير مصر على إنها دولة فاشلة تحكمها عصابات بربرية، وهذا ما حدث وبالطبع سيكون تأثيره على الاستثمار والسياحة والعلاقة مع منظمات ومؤسسات الطفولة وحقوق الأنسان العالمية.
ومن الطفل شنودة إلي الأستاذة الجامعية مني برنس، فالمسببات والدوافع واحدة، ولن أغوص كثيرًا في ذلك الاتجاه، واختلف كليًا مع الذين انتقدوا رقصة الأستاذة، أو حاولوا تبرير حكم فصلها من الجامعة، وأطرح سؤالًا على القيادة السياسية ومعها من حكم ونفذ وأيد، أيهما يستحق المحاكمة والفصل،، الأستاذة الجامعية والروائية والكاتبة، التي تسهم في بناء الوعي والذوق المصري والتي لا خطورة منها علي امن واستقرار الوطن، أم عشرات آلاف من الإرهابين التابعين لجماعات الظلام وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية والمتواجدون في كل مؤسسات الدولة، هؤلاء هم الخطر علي الوطن مصر لأنهم يهدمون ويدمرون وعلي مدار الساعة يبثون سمومهم القاتلة، هؤلاء هم من يستحقون البتر والاجتثاث و(الحرق) لأنهم هم من حكموا علي الطفل شنودة والأستاذة مني برنس ويحكمون علي الوطن بالموت والضياع.
فالحكاية ليست رقصة الأستاذة الجامعية ولا قانون التبني للطفل شنودة، بل هو الصراع الشرس بين أبوالهول وحضارته المصرية وأبو جهل ومرجعتيه الظلامية.
وهنا يأتي دور القيادة السياسية في ذلك الصراع، فصمتها يعني موافقتها ضمنيًا على ما يفعل ضد أبوالهول وحضارته التاريخية، وهنا الخطورة القادمة على الوطن والقيادة السياسية.
فالحل قد تأخر كثيرًا وكان في المتناول وبثمن بسيط، وهي المرحلة التي أعقبت ثورة ٣٠ يونيو والتفاف والتحام الشعب حول الجيش، هنا كان الحل الجذري َهو البتر والاجتثاث لتلك الثقافة البربرية الهدامة، لكن لم يحدث لأسباب غير معلومة، فهل تتحرك القيادة السياسية لكسر شوكة أبو جهل وردم مستنقعه، أم ننتظر جميعًا ليبتلعنا هذا المستنقع كما ابتلع الطفل شنودة وأستاذة الجامعة مني برنس.