«مرصد الأزهر» يحذر من عواقب احتجاز الاحتلال لجثامين الشهداء الفلسطينيين
حذر مرصد الأزهر من تصاعد معدلات احتجاز سلطات الاحتلال الصهيوني جثامين الشهداء الفلسطينيين في الثلاجات خلال السنوات الماضية؛ حيث ارتفعت الحصيلة من (36) شهيدًا في فبراير 2019م إلى (72) شهيدًا في فبراير 2021م، ثم إلى (93) شهيدًا في فبراير 2022م، وصولًا إلى (105) شهداء محتجزين في ثلاجات الاحتلال أبريل 2022م.
وبحسب معطيات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فقد وصلت أعداد الجثامين في مقابر الأرقام إلى نحو (256) شهيدًا، بينهم (9) أطفال، و(3) سيدات، و(9) أسرى قد أمضَوا مُدَدًا مختلفة في سجون الاحتلال.
ووَفق التقارير الصهيونية؛ احتجزت سلطات الاحتلال خلال حرب فلسطين، جثامين أكثر من (80%) من الشهداء الذين قُتلوا برصاص الجيش أو في عمليات فدائية، وحجب المعلومات عن أماكنِ احتجاز أغلب الجثامين، بل والأخطر من ذلك سرقة أعضاء هذه الجثامين.
وأظهرت صور العديد من جثامين الشهداء المحتجزين في ثلاجات الاحتلال، اختفاء بعض الأعضاء وإعادة خياطة الجروح بشكل يوحي أنه تعرضت للشق.
وكانت وزارة الإعلام الفلسطينية قد نشرت فيديو بعنوان: "حتى جلودهم" يناقش قضية سرقة الاحتلال الصهيونى أعضاء جثامين الشهداء الفلسطينيين، ويوثّق اعترافات أطباء تابعين للكِيان المحتل بالحفاظ على شكل الجثمان كاملًا ظاهريًّا، لكن الحقيقة أنهم يسرقون كل شيء ويغلقونها بالغراء حتى لا تُكتشف الجريمة.
وفي كتابها: "على جثثهم الميتة"، كشفت الطبيبة مئيرا فايس عن تفاصيل جريمة سرقة أعضاء الشهداء الفسطينيين وكتبت: "في الفترة (1996- 2002م) كنت أقوم ببحث علمي في معهد الطب الشرعي بتل أبيب، وشاهدت كيف كانت تتم سرقة الأعضاء من جثامين الفلسطينيين، كانوا يأخذون أعضاء من الجسد الفلسطيني، قرنيات، وجلود، وصمامات قلبية، ولا يمكن لغير المهنيين أن يتنبهوا لنقص هذه الأعضاء، حيث يضعون مكان القرنيات شيئا بلاستيكيًّا، ويأخذون الجلد من الظهر بحيث لا ترى العائلة ذلك، ثم تستخدم الأعضاء -التي تتم سرقتها مِن قبل بنوك الأعضاء الأخرى في دولة الاحتلال- من أجل الزرع، وإجراء الأبحاث وتعليم الطب".
ووثق فيديو آخر اعترافات إحدى الطبيبات، بامتلاك الكيان الصهيوني ما يعادل (170) مترًا مربعًا من جلود الشهداء. كذلك اعترف المدير السابق لمعهد الطب الشرعي بأنه استخرج بعض الأنسجة والأعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين في أثناء عملية تشريح الجثث، وافتضح أمر بعض هذه الجرائم حين اكتشفت الأسر وجود غرز جراحية في جثامين أبنائهم.
ووَفقًا لمنسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن الاحتلال يخشى من جنازات شهداء القدس بسبب تحولها إلى مظاهرات وطنية كبيرة؛ لذا يفرض شروطه، ويتعمد الإفراج عن الجثامين في وقت متأخر من الليل، وأما مَن يخالف شروط الاحتلال في تشييع جثامين الشهداء، تُفرض عليه غرامات مالية كبيرة، ويرفع الفلسطينيُّون دعاوى للمحاكم الصهيونيَّة لاستعادة جثامين الشهداء منذ التسعينيات، وأمام هذه الدعاوى المتعاقبة، يدَّعي الاحتلال أنَّ مراسم تشييع الشُّهداء قد "تُهدِّد الأمن وسلامة الجمهور (جنود الاحتلال والمستوطنين)، وبالتالي فإنَّ الإفراج عنهم منوطٌ بشروطٍ على الجِنازات اتباعها، كما يهدف الاحتلال إلى عقاب عائلات الشهداء وذويهم، بهدف ردعهم ومضاعفة أحزانهم، وردع من بقي منهم حيًّا، حتى لا يفكِّر في الدفاع عن أرضه، وحرمانهم من كرامة الدفن وَفق الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانية.
وفي ظل تشديد الإجراءات التي تفرضها سلطات الاحتلال لتسليم الجثامين، وخاصة في القدس المحتلة، التي تشمل التسليم بعد منتصف الليل، واشتراط الدفن المباشر، منع عوائل الشهداء أو السلطات الفلسطينية من إجراء تشريح للجثامين، وبحضور عدد محدود من الأقارب، إضافة الى دفع الأهل غرامة تصل إلى (ستة آلاف) دولار، تتخذها السلطات "الصهيونية" وسيلة لابتزاز أهالي الشهداء، الذين يعيشون في قلق وخوف ولهفة أمل اللقاء الأخير. فهُم يشعرون بالألم طيلة فترة الاحتجاز، ويتمنون الإفراج عن جثامين أبنائهم وتشييعهم.
وانطلاقًا من مسؤولية مؤسسة الأزهر تجاه القضية الفلسطينية، كان مرصد الأزهر قد حذَّر في تقرير له من قبل بأن "مقابر الأرقام"؛ هي الصندوق الأسود لجرائم الكِيان الصهيوني ضد الفلسطينيين، ولطالما حذَّر من احتجاز رفات جثامينهم، ومن حظر الاحتلال الدخول إليها؛ سواء من قبل ذويهم أو من مؤسسات حقوق الإنسان، لتبقى تلك المقابر طيَّ الكتمانِ والنسيان، ولا تُنشر أيةُ معلومات شخصية تتعلق بهؤلاء الشهداء.
ويؤكد المرصد، أن احتجاز جثامين الشهداء عملٌ غير إنساني، ومحرمٌ في الشرائع السماوية، ومخالفٌ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وأن "مقابر الأرقام" هي إهانة لإنسانية البشر، في حياتهم وبعد موتهم، ويستصرخ مرصد الأزهر الضميرَ الإنساني، والمجتمع الدولي بمؤسساته كافة، للإفراج عن جثامين الشهداء؛ فمِن العار أن يَصمُت المجتمع الدولي على تلك الإهانة والجريمة النكراء، في ظل انعدام إنسانية هذا الكِيان الصهيوني المستبد، وحرصه على معاقبة الفلسطيني والعربي حيًّا أو ميتًا، بشكل يعبِّر عن حقده، وإجرامه، وعنصريته.