كان يطلعها على مخطوطات أعماله الأدبية.. تولستوي في مذكرات ابنته
"عندما أخلو إلى نفسي ترتسم أمامي شرائح من ماضي حياتي ومعظم هذه الشرائح مرتبط بأبي، لأنه كان أحب الناس إلي، وغالبا ما تختلط على الأحداث، فلا أستطيع ربطها بالأحداث السابقة أو اللاحقة، والأكثر من ذلك أنني أجد نفسي عاجزة عن معرفة زمن حدوثها، ولكن ذلك كله لا يمنعني من أن أرى كل شيء بوضوح لكأنه حدث أمس، فلأترك لهذه الأحداث الحرية تتداعى إلى ذاكرتي". هكذا بدأت ابنة الأديب الروسي تولستوي مذكراتها عن والدها، حيث صدرت في موسكو عام 1980، عن دار "الأدب الروائي".
بدأت "تاتيانا" كتابة مذكراتها منذ سن الرابعة عشرة، وواصلت كتابتها على مدى 40 عامًا، واطلع والدها على هذه المذكرات أكثر من مرة.
وصفت "تاتيانا" علاقتها بوالدها وزوجته وأبنائه وأقربائه، وقالت، إن والدها كان في صراع مستمر مع رغباته، إذ كان غارقًا في التحليل الذاتي ويقاضي نفسه ويحاسبها دون أدنى شفقة، كما كان غاية في التفاؤل، يكره الشكوى ويبحث دومًا عن الحلول من الأزمات الصعبة.
شارك تولستوي ابنته مشاريعه الأدبية الجديدة، إذ كان يكلفها بإعادة نسخ المخطوطات وكتابة الرسائل والخطابات، وشهدت كتابة الأعمال الأدبية، "حكم الجهل"، "رسائل الجوع"، "البعث"، "الحاج مراد"، وغيرها.
وروت "تاتيانا" حادثتين طريفتين من حياة تولستوي، في فصل الخريف كانت والدتها تسافر إلى موسكو مع إخوتها، وكانت هي ووالدها يبقيان في بالينا، يخدمون أنفسهم، وذات مرة عرفوا أن خالتهم تنوي زيارتهم، وكانت تحب الطعام واللحوم، تضيف: "ما العمل؟، هل نعد لها جثة؟، لكن مجرد التفكير بذلك أثار مشاعر الرهبة لدينا، وبينما كنا نناقش هذه المسألة مع أختي دخل والدي، ولم نكد نطلعه على المشكلة، حتى قال، فليكن الطعام كالمعتاد".
في النهار وصلت خالتها، وحل موعد الغداء، فدخلوا إلى غرفة الطعام، وجلست خالتها على الطبق المخصص لها، وكانت دجاجة حية مربوطة في الكرسي، فخاطبها تولستوي: "لما كنا نعرف مدى حبك لتناول الكائنات الحية فقد أعددنا لك هذا الكتكوت، ولذا فقد وضعنا لك هذه الآلة المميتة، السكين، فافعلي ذلك بنفسك".