من روائع الأدب العالمى..
«قواعد العشق الأربعون».. رواية أليف شافاق عن الصوفية والتماهى مع الله
رواية قواعد العشق الأربعون للكاتبة التركية أليف شافاق، تعد واحدة من الروايات العالمية، حيث إن مبيعاتها تخطت المليون نسخة وترجمت إلى ثلاثين لغة كما أنها صنفت كواحدة من ضمن أفضل عشر روايات فى العالم.
وتجرى رواية قواعد العشق الأربعون وهى رواية صوفية فى زمنين مختلفين أحدهما فى القرن الثالث عشر والثانى فى القرن الواحد والعشرين، ويمكننا القول إنهما روايتين متدثرتين فى عباءة واحدة، يربطهما قلب واحد بين شيخين صوفيين كبيرين وهما شمس الدين التبريزى صاحب قواعد العشق الأربعون وصديقه العالم والشاعر جلال الدين الرومى، من جهة وإيلا الأمريكية وزاهار الاسكتلندى الصوفى من جهة أخرى، حيث تتماهى الأزمنة والأرواح فى بوتقة واحدة.
تفاصيل القصة
تبدأ أحداث الرواية من إيلا التى وصلت الأربعين دون أن تنجز نجاحات شخصية فى حياتها بخلاف خدمتها لزوجها ديفيد الذى يخونها وخدمة أبنائها الثلاثة. ولكسر الملل قررت إيلا العمل فى وكالة أدبية أرسلت إليها رواية اسمها "الكفر الحلو" لروائى لم يدخل عالم الأدب من قبل يدعى زاهار. وهنا تدخل بنا اليف شافاق إلى عالم ٱخر فى القرن الثالث عشر حيث شمس الدين التبريزى الصوفى الجوال الذى رأى فى منامه ان له صاحبا ينتظره فى بغداد فتوجه من تبريز الى بغداد وجلس فى تكية الدراويش وظل بها شهورا يبحث عن خليله الذى لا يعرفه ،حتى جاءت رساله إلى كبير الدراويش من قونيه بتركيا فحواها أن جلال الدين الرومى رأى رؤيا بأن له خليلا فى بغداد . توجه شمس الدين إلى قونيه فوجد جلال الدين الرومى شيخا جليلا يفسر القرٱن فى المسجد العامر بالحضور حيث يصل عدد مريديه إلى عشرات الآلاف.
وكان جلال الدين الرومى رجلا ذا مهابة فى قونية يحترمه ويجله الجميع بداية من الحاكم حتى البسطاء. غير أن شمس الدين افقده كل هذا بعد أن جعله لا يخرج من تلك الخلوة التى جمعتهما فغير وجهته من عالم جليل الى صوفى يبحث عن العشق الإلهى متخليا فى بعض الاحيان عن أوامر الدين ونواهيه . غير ان الميزة التى تحتكم إلى العقل فى تصرف التبريزى أنه جعل الرومى ينزل إلى الفقراء والمجزومين والبغايا.
كانت اليف شافاق ترجع من قصة الصوفيين إلى قصة ايلا وزاهار الذى أحبته واحبها ،وحكت قصته حيث كان صوفيا متجولا جاب الدنيا شرقا وغربا بعد ان اعتنق الاسلام وتصوف فكان شمسا ٱخر . كانت الرسائل بينهما عبر الايميل حتى التقيا فى الولايات المتحدة فهجرت ايلا عالمها ورحلت معه إلى قونيه وتبين أنه كان مصابا بالسرطان ومات ودفن فى قونية التى قتل فيها شمس التبريزى ومات صاحبه جلال الدين بالحسرة عليه . لتنتهى الرواية بتقارب بين الشخصيات الأربعة التبريزى وقواعد عشقه الأربعين وصاحبه جلال الدين الرومى وبين ايلا التى اعتنقت الاسلام بعد ان كانت يهوديه وكذلك زاهار الذى كان مسيحيا واعتنق الاسلام وتصوف ليجتمعا فى قونية وكأن الزمن يعيد نفسه بعد ثمانية قرون .
الهدف من القصة
كان الهدف من رواية قواعد العشق الأربعين هو توضيح فكرة الصوفية التى تعتمد على قاعدة الحب الإلهى الذى كان يظنه شمس الدين التبريزى وصاحبه جلال الدين الرومى لا يعتمد على اوامر او نواهى بل يعتمد على التوحد مع الله من قبل العاصى أو الطائع ، كما ارادت اليف شافاق ان تستعرض حياة الصوفيين المعروفين وأفكارهما التى مازالت مثار جدل حتى يومنا هذا وستظل لعهود مديدة . كما ان الرواية تناقش فكرة توحيد الأديان التى تعد أيضا مصدر خلاف وشقاق . لذا لاقت الرواية نقدا بقدر ذيوعها وانتشارها فى كل ربوع الأرض .
استخدمت اليف شافاق فى روايتها التى كانت تتحرك فيها بسلاسة مدهشة اسلوب الراوى الذى تمثل فى تقسيم الرواية لفصول لكل فصل بطل يتحدث عن نفسه كما استخدمت اسلوب الراوى العليم فى بعض الفصول التى تحدثت فيه عن بعض الأبطال مثل إيلا .
كما اعتمدت اليف على عنصر المباغته فى بعض الأحيان.
اما المكان فكان متنوعا فى الرواية بين الولايات المتحده واوروبا واسيا كما كان الزمان متنوعا أيضا مابين القرن الثالث عشر الميلادى والقرن الواحد والعشرين .
يحسب للكاتبه أنها وظفت قواعد العشق الاربعين لشمس التبريزى بطريقه سردية شيقه تتسق مع الأحداث وتزيدها ثراءا دون ملل أو رتابة . كما أن اليف شافاق اتقنت دراسة الأبعاد النفسية لكل شخصيات العمل المحورية والثانوية على حد سواء.