سفير فلسطين فى القاهرة: الشقيقة الكبرى مصر أوقفت العدوان الإسرائيلى
أشاد السفير الفلسطينى فى القاهرة مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، دياب اللوح، بالجهود المصرية التى أسفرت عن التوصل إلى اتفاق تهدئة، ووقف العدوان الإسرائيلى على سكان قطاع غزة، عقب ٣ أيام من القصف المستمر الذى أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال.
وشدد «اللوح»، فى حواره مع «الدستور»، على تقدير فلسطين قيادة وشعبًا الدور التاريخى لمصر، وجهودها وحرصها الدائم على حقن دماء الفلسطينيين ومساندتهم أمام آلة القتل الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن العدوان الأخير يأتى فى إطار صراع الأقطاب اليمينية المتطرفة قبيل انتخابات نيابية خامسة فى إسرائيل، خاصة أن استطلاعات الرأى تشير إلى تراجع شعبية أحزاب اليمين.
■ نجحت الجهود والاتصالات المصرية الأخيرة فى وقف العدوان الإسرائيلى على غزة وفرض تهدئة بين الجانبين.. ما كواليس هذه التحركات؟
- كما تعلمون هناك تنسيق متواصل وشراكة كاملة بين مصر وفلسطين على المستويين الشعبى والرسمى، ويوجد تواصل دائم بين الرئيسين عبدالفتاح السيسى ومحمود عباس.
وتبذل مصر فى كل مرة جهودًا جبارة لوقف العدوان الإسرائيلى وإعادة التهدئة، من أجل حقن دماء الشعب الفلسطينى. وفى الجولة الأخيرة من العدوان، كانت مصر تجرى اتصالات مبكرة قبل بدء الهجوم، وتحديدًا بعد اقتحام إسرائيل مخيم جنين واختطاف الشيخ بسام السعدى، فى محاولة من القاهرة لمنع تصعيد الأمور، لكن هذه المرة بدأت إسرائيل عدوانها دون أى مبرر أو حجج، مثل تلك التى تستخدمها فى كل مرة، مثل الزعم بأنها تقصف غزة للرد على إطلاق صواريخ من القطاع.
ومنذ اللحظات الأولى للعدوان بادرت السلطة الفلسطينية بإجراء اتصالات على المستويين العربى والدولى مع كل القوى والمنظمات الفاعلة والمؤثرة، وطلبت عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولى، لوضع حد للعدوان والتغول على شعبنا فى قطاع غزة.
كما باشرت السلطة بإجراء اتصالات مع مصر والأردن ودول عربية أخرى، إضافة إلى التواصل مع وزارة الخارجية المصرية، والأزهر الشريف، وجامعة الدول العربية، وعدد من رؤساء الأحزاب والشخصيات المصرية البارزة، الذين أدانوا العدوان الإسرائيلى على غزة.
تحركت القيادة المصرية مشكورة من خلال وفد أمنى رفيع المستوى، للجم هذا العدوان الإسرائيلى ووضع حد له ووقفه، وبصفتى سفيرًا لدولة فلسطين لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أقول: شكرًا لمصر، فكلمة الشكر لا تكفى ما تقوم به مصر، الشقيقة الكبرى، الراعية للقضية الفلسطينية التى دائمًا تقف بجانب الشعب الفلسطينى.
ومن خلال «الدستور» أسجل أسمى آيات الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى وكل الجهات والقيادات المصرية التى تعمل ليلًا ونهارًا من أجل الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطينى ووقف العدوان الإسرائيلى وحقن دماء الأبرياء.
نحن فى شراكة تاريخية مع مصر، فهى تقف إلى جانبنا، ونحن نقف إلى جانبها فى جميع القضايا، لأن مصيرنا مشترك وتاريخنا واحد، ونحن نعتز بالموقف المصرى الداعم باستمرار لقضيتنا العادلة، وهناك محبة من القلب إلى القلب بين أبناء الشعبين.
■ وماذا عن زيارة وزير الخارجية الفلسطينى القاهرة؟
- زيارة وزير الخارجية الفلسطينى كان مرتبًا لها مسبقًا قبل العدوان الإسرائيلى، وتأتى فى إطار التعاون الثنائى بين البلدين لبحث جميع الملفات ذات الصلة وتعزيز العلاقات بين البلدين فى المجالات ذات الاختصاص للوزارتين فى القاهرة وفلسطين، خاصة أن هناك تعاونًا عميقًا قديمًا ومستمرًا بين الدولتين والشعبين فى جميع المجالات.
هناك أيضًا لجنة عليا برئاسة رئيسى وزراء البلدين، التى سبق أن عقدت اجتماعها فى القاهرة، وحضرها أكثر من نصف وزراء الحكومة الفلسطينية، ويوجد تعاون مصرى ثنائى مستمر، فنحن حريصون كل الحرص على استمرار هذا التعاون بين البلدين لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.
■ ما الأسباب الحقيقية وراء شن العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة؟
- هذا العدوان الإسرائيلى العسكرى الدموى على شعبنا فى قطاع غزة لا مبرر له، لأنه لم يحدث أن وقعت أى عمليات عسكرية من جهة قطاع غزة والمقاومة، وهو جريمة حرب مكتملة الأركان تضاف إلى سجل جرائم إسرائيل بحق أبناء الشعب الفلسطينى، سواء فى الضفة الغربية المحتلة، فى نابلس، أو جنين وفى جميع المناطق التى يسيطر عليها الاحتلال بالتعاون مع المستوطنين.
هذا العدوان يأتى فى إطار الصراع بين أقطاب اليمين المتطرف قبيل الذهاب إلى انتخابات نيابية خامسة، خاصة أن استطلاعات الرأى تشير إلى تراجع شعبية بعض أقطاب اليمين، لذلك سارعوا إلى أعمال حربية عدوانية، بدأت باختطاف الشيخ بسام السعدى فى جنين، ثم العدوان العسكرى على قطاع غزة، الذى يدعون أنه يستهدف حركة الجهاد الإسلامى.
كان هناك قصف عشوائى إسرائيلى يستهدف المواطنين الفلسطينيين، أدى إلى تدمير عشرات البنايات السكنية وتسبب فى تشريد الآلاف، ونحن فى غزة نعانى منذ الحرب فى مايو من العام الماضى.
هناك المئات دون مأوى، وأود تجديد شكرى للقاهرة التى تدخلت وساعدت فى بناء الوحدات والمدن السكنية لاستيعاب هؤلاء المواطنين الذين فقدوا منازلهم جراء الجولات السابقة من العدوان الإسرائيلى.
■ هل يتعامل الجانب الإسرائيلى مع الشعب الفلسطينى كورقة دعائية لكسب تأييد الشارع فى الجولات الانتخابية؟
- الشعب الفلسطينى هو عادة الذى يسدد هذه الفاتورة، فى كل حرب وعدوان تشنه إسرائيل على الشعب الفلسطينى فى أى مكان، سواء فى القدس، أو الضفة، أو على وجه الخصوص فى قطاع غزة.
الشعب الفلسطينى يسدد الفاتورة بدمائه، بقتل عشرات ومئات المواطنين الفلسطينيين بدون سبب أو وازع، وبدون أى احترام للقوانين والشرائع الدولية.
سبق أن تقدمنا للمحكمة الجنائية الدولية بعدة ملفات لجلب هؤلاء المجرمين الإسرائيليين للعدالة الدولية، لكن للأسف «الجنائية الدولية» احتفظت بتلك الملفات ولا حول ولا قوة لها، ولم تتخذ أى إجراءات، وربما هى غير قادرة على اتخاذ أى قرار.
اللجان التى شكلها مجلس حقوق الإنسان فى جنيف للتحقيق فى جرائم الحرب السابقة التى ارتكبتها إسرائيل، جرى منعها بالقوة من دخول فلسطين للتحقيق فى الاختراقات الواضحة التى ترتكبها إسرائيل للقانون الدولى والإنسانى.
■ كيف تقيم المواقف والإدانات العربية والدولية بشأن العدوان الإسرائيلى؟
- الدول العربية مشكورة أدانت هذا العدوان منذ اللحظة الأولى، وبعض الدول أصدرت بيانات إدانة لهذا العدوان الذى يتعرض له الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.
أما الموقف الدولى فهو موقف خجول ومخجل يكيل بمكيالين، فبينما صوت المجتمع الدولى والقوى الدولية الفاعلة يبدو عاليًا للتعامل مع عدوان فى مناطق أخرى، يصبح خافتًا وخجولًا حين يتعرض الشعب الفلسطينى للعدوان.
نسمع المجتمع الدولى يدعو فقط إلى ضبط النفس من الطرفين، وهو هنا يساوى بين الجلاد والضحية، بين المحتل والشعب الذى يقع تحت الاحتلال.
نحن نأسف لهذا الموقف الدولى المخجل من الجرائم الإسرائيلية والتصعيد الإسرائيلى الذى يتعرض له أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة وكل الأراضى الفلسطينية.
نطالب المجتمع الدولى بوقفة أكثر جدية، خاصة الإدارة الأمريكية، التى رأت أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، بماذا تدافع عن نفسها وأى حق لها وهى المعتدية.
الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل بهذه التصريحات لشن هذا العدوان على شعبنا فى قطاع غزة، وهى يجب أن تتحمل مسئوليتها، وأن تكف عن مثل هذه المواقف، وتقف مواقف معتدلة منصفة، وتعمل بمسئولياتها لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتمكين الشعب الفلسطينى من العيش بحرية وكرامة وسلام، فى إطار دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، وهذا الكلام سمعه الرئيس الأمريكى جو بايدن من الرئيس أبومازن فى بيت لحم خلال زيارته الأخيرة.
■ هل نتوقع خطوات جديدة فى ملف المصالحة الفلسطينية؟
- أؤكد تمسك القيادة الفلسطينية بالدور المصرى لرعاية المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة الداخلية، والقيادة الفلسطينية أبدت استعدادها للتعاون والتجاوب مع مصر لإنهاء الانقسام. وحينما نؤكد تمسكنا بالموقف المصرى، فهذا موقف ثابت قديم واستراتيجى، كما نرحب بأى جهود أخرى مبذولة لدعم الجهد المصرى، فمؤخرًا انضمت الجزائر لهذا الملف.
نعتبر أن استكمال المصالحة هو حجر الأساس والزاوية والخطوة الأولى للتحرك السياسى الدبلوماسى وإعادة الاستقرار والأمن للمنطقة، وأقول: كفى توقفًا لهذا الحوار الوطنى الفلسطينى، ولا بد من استئناف الحوار الشامل من خلال الشقيقة مصر لإعادة ترتيب البيت الفلسطينى على جميع المستويات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس شراكة سياسية كاملة، وفقًا للمرجعيات الدولية، لمعالجة جميع الإشكاليات والقضايا التى يمر بها الواقع الفلسطينى، خاصة أنه على أعتاب خطوة جديدة من الاستقرار والتعاون والتقدم.
■ هناك دعوات إسرائيلية مستمرة لاقتحام الأقصى وتقسيمه، ما ردك عليها؟
- اقتحامات المسجد الأقصى المبارك لا تتوقف ولن تتوقف وتستهدف تقسيمه، على الرغم من أنه مكان للمسلمين فقط لا علاقة ولا صلة لليهود به.
هؤلاء المقتحمون من الإسرائيليين والمستوطنين والمتطرفين مدعومون من الشرطة وجيش الاحتلال وحرس الحدود الإسرائيلى.
هذه الاقتحامات مرفوضة ومدانة، ومخطط تقسيم الأقصى لن يمر، لأن الشعب الفلسطينى لن يسمح بذلك.