صندوق النقد العربي: السياسة النقدية تلعب دورًا مهمًا في التصدي للصدمات الاقتصادية
ذكر تقرير صادر عن صندوق النقد العربي، أن السياسة النقدية تلعب دورًا مهمًا في التصدي للصدمات الاقتصادية وامتصاص آثارها المختلفة على الاقتصاد الكلي من خلال تفعيل أدوات السياسة النقدية لضبط الأوضاع النقدية وتعزيز متانة القطاع المالي الذي يلعب دورًا مقدرًا في التخفيف من حدة تداعيات الجائحة في عدد من الدول العربية وتمكينه من القيام بدوره في تمويل مختلف الأنشطة الاقتصادية.
وأضاف تقرير صندوق النقد العربي، الذي حصل "الدستور" عليه، أنه نظرًا لظهور متحور "أوميكرون"، من المتوقع أن تتأثر توجهات النمو العالمي في المرحلة المقبلة نتيجة لفرض قيود على حركة البضائع ورؤوس الأموال واستمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد وكلها عوامل من شأنها رفع معدلات التضخم، وهو ما يستلزم استجابة المصارف المركزية في عدد من الدول المتقدمة والنامية من خلال فرض سياسات نقدية انكماشية بغرض تقييد الأوضاع النقدية. زاد من أهمية تلك التوجهات التطورات العالمية الأخيرة التي نتج عنها ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وأشار صندوق النقد العربي، إلى بدء التوجه نحو تشديد السياسة النقدية الانكماشية على مستوى الاقتصادات المتقدمة، لا سيما من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من خلال رفع أسعار الفائدة الرئيسية، من شأنه التأثير على تدفقات رؤوس الأموال، وأسعار الصرف وأوضاع المالية العامة، والاستقرار المالي في الاقتصادات الناشئة والنامية خاصة مع الزيادة الكبيرة في مستويات الديون خلال العامين الماضيين جراء السياسات المالية التوسعية الهادفة إلى مجابهة جائحة كوفيد-19، والحد من تداعياتها على الاقتصادات المتقدمة والناشئة والدول النامية.
الجدير بالذكر أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قام برفع سعر فائدة السياسة النقدية بمقدار 25 نقطة أساس في منتصف شهر مارس 2022، وهو ما انعكس على أسعار الفائدة في عدد من الدول العربية التي تثبت قيمة عملاتها مقابل الدولار الأمريكي حيث اتجهت المصارف المركزية في هذه الدول إلى مواكبة هذا القرار.
ومن المتوقع استمرار التوجه نحو تقييد السياسة النقدية في الدول العربية خلال أفق التوقع لا سيما فيما يتعلق بالدول التي تتبنى نظم أسعار الصرف الثابت في ظل التوقعات التي تشير إلى توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إجراء ست جولات رفع لأسعار الفائدة خلال عام 2022 لترتفع الفائدة الأمريكية إلى 1.9 %، واستمرار ارتفاعها في عام 2023 لتصل إلى 2.8 % بحسب توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للمجلس.
كما ستدفع الضغوطات التضخمية الأخيرة البنوك المركزية في الدول العربية التي تتبني نظمًا مرنة لسعر الصرف إلى التوجه كذلك نحو تقييد السياسة النقدية خلال أفق التوقع، فيما ستحرص البنوك المركزية على استمرار العمل بتدابير السياسة النقدية غير التقليدية الهادفة إلى دعم النمو والتشغيل.
المصارف المركزية ركزت جهودها على تبني السياسات الرامية
وفيما يتعلق بتطورات أسعار الصرف، ركزت المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية جهودها على تبني السياسات الرامية إلى تكريس الاستقرار النسبي لسعر صرف العملات العربية مقابل العملات الأجنبية الرئيسة بما يساهم في الحد من الضغوط التضخمية المستوردة. في حين واصلت دول عربية الاستفادة من تحرير سوق النقد الأجنبي مما أدى إلى زيادة تنافسية السلع والخدمات وتحسين موقف ميزان المعاملات الجارية، فيما عملت دول عربية أخرى في إطار سياساتها المتبناة على فرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي للأغراض التجارية والشخصية في ظل محدودية الموارد من النقد الأجنبي مما كان له أثرًا مباشرًا في تقليص الفجوة ما بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازي.
وأكد صندوق النقد العربي، أن الإصلاحات المتبناة في الدول العربية على صعيد السياسة النقدية تركز على زيادة مستويات كفاءة السياسة النقدية في تحقيق مستهدفاتها من خلال تطوير بعض أدوات السياسة النقدية القائمة، واستحداث أدوات نقدية جديدة لضمان إدارة السيولة وزيادة مستويات كفاءة الأطر التشغيلية للسياسة النقدية والسياسات الاحترازية الكلية.
كما تستهدف الإصلاحات رسم وتنفيذ عمليات السياسة النقدية بما يتوافق مع متطلبات الخصائص الهيكلية لهذه الاقتصادات مع الأخذ في الاعتبار مراقبة تطورات الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمصرفية المحلية من جهة، والتطورات في اتجاهات أسعار الفائدة على العملات العالمية من جهة أخرى. من جانب أخر، تركز المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية جهودها الإصلاحية على تطوير السوق المالية وتعزيز سيولتها بهدف تشجيع المستثمرين، كما تواصل العمل بالسياسات الاحترازية الكلية الداعمة للنمو الاقتصادي وتعزيز استقرار القطاع المالي وتحقيق التكامل بين السياستين النقدية والاحترازية الكلية. كما تولي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية أولوية خاصة للخدمات المالية الرقمية من خلال تطوير نظم المدفوعات بما يواكب التطورات التقنية، وإنشاء إدارات معنية بالتقنيات المالية لدعم تطوير هذا القطاع، فضلاً عن وضع الأطر التنظيمية اللازمة للسماح بترخيص البنوك الرقمية، وتقديم الخدمات المصرفية المفتوحة بهدف إيصال الخدمات المالية للعملاء بطريقة مبتكرة لتعزيز الشمول المالي.