برلمانى: السلطة التشريعية اتخذت خطوات للحاق بركب حماية تقنية المعلومات
قال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إنه من الضروري إلقاء الضوء على مدى التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وما أسهم فيه من تغيير لصورة العالم والواقع الافتراضي الذي نعيشه وأشكال التواصل الاجتماعي والثقافي والتعليمي، مشددا على ضرورة البحث معًا سبل معالجة التأثير السلبي لهذا التطور على التمتع بالحق في الخصوصية باعتباره من حقوق الإنسان الجوهرية وتأثيرها على كرامة الإنسان.
وأكد رضوان، خلال كلمته في المؤتمر الدولي حول "تعزيز الحق في الخصوصية في سياق تحديات الذكاء الاصطناعي"، أن المؤتمر يأتي في توقيت بالغ الأهمية لما تشهده حالة التطور التكنولوجي الهائل، قائلا نشهد حاليًا طفرة غير مسبوقة في تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع مناحي الحياة علميًا وثقافيًا واجتماعيًا، ويستمر التطور لأبعد من ذلك لإدارة المعلومات والتلاعب بها والمساس بحرية الأشخاص وحياتهم وكرامتهم، وأصبح بإمكان أصغر إنسان أو الأقل علمًا "بضغطة زر" one click أن يتواصل مع أشخاص في أي مكان في العالم ولا يحتاج حتى إلى للغة واحدة للتواصل، وهذا أمر طبيعي وبديهي حاليًا.
وأضاف أنه مع تزايد وتيرة التطور، تبيَن من المتخصصين أنه من السهل أن يقع الإنسان فريسة وضحية لجرائم تعتمد على التطور التكنولوجي المخيف اعتمادا على الذكاء الاصطناعي، أو أن ينتهك حقوق الإنسان أو يهدد خصوصية الإنسان، فضلًا عن عدم كفاية وفاعلية الحماية القانونية على المستوى التطبيقي والعملي، منوه بأن معظم البشر في مجتمعاتنا أصبحوا "ضحايا محتملين" للجرائم الإلكتروني وانتهاك خصوصياتهم سواء بقصد، أو عن دون قصد فقط لمجرد تصفحهم أو استخدامهم لتطبيقات على هواتفهم المحمولة أو تداولهم لمعلومات مغلوطة والانسياق لموجات "السوشيال ميديا".
وأشار إلى أنه المؤتمر يطرح لنا سبل ووسائل مواجهة هذا الأمر لضمان حماية المجتمع وحقوقه ومواكبة تطور الجرائم بتطور تشريعي ومتناسب وملائم يحمي الحق في الخصوصية، ولا يحد من الإمكانات التكنولوجية للفرد، ويعزز مكانة الدول في حماية أمن المجتمع من أي اختراقات قد تهدد أمنه أو أمن أفراده.
وتابع: “يتواكب هذا المؤتمر مع تطورات مصرية مهمة على صعيد حقوق الإنسان، حيث باتت قضايا حقوق الإنسان على قمة أجندة العمل الوطني في سياق تبني وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتجلى ذلك للعيان في وقف العمل بحالة الطوارئ، وانطلاق مسار إعادة تأهيل مراكز الاحتجاز في مصر وفق فلسفة تعزيز الحماية المجتمعية، والمراجعة الحثيثة لموقف المحتجزين في قضايا الشأن العام بهدف إطلاق سراح كل من لم يتورطوا في العنف وإسالة الدماء، وهناك نحو 30 مشروع تشريع وتعديل تشريعي قيد النظر حالياً بعد الانتهاء من إعدادهم بالتشاور مع ذوي المصلحة”.
وأكد أنه تسعى الدولة المصرية منذ سنوات في تعزيز البنية التشريعية ومواكبة التطور المجتمعي، خاصة ما يتصل بحماية المعلومات والبيانات، فما يضيفه الدستور المصري 2014 من ضمانات هائلة - تتماهى وتزيد عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان -، ومنها التأكيد في مادته "57 على أن الحياة الخاصة مصونة لا تمس، ومنها المراسلات الإلكترونية ووسائل الاتصال"، بالإضافة إلى كفالته حماية الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وأن جرائم انتهاك تلك الحقوق لا تسقط بالتقادم في نص مادته "99".
وأكد أنه بخلاف قوانين العقوبات، وتنظيم الاتصالات، وتنظيم الصحافة والإعلام، بدأت السلطة التشريعية في اتخاذ خطوات للحاق بركب حماية تقنية المعلومات والتطور التكنولوجي السريع بإصدار قانون مكافحة تقنية المعلومات "الجرائم الإلكترونية" رقم 175 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية عام 2020، ويسد هذا القانون مختلف الفجوات في مكافحة تلك الجرائم ووضع عقوبات لمن ينتهك حرمة الحياة الخاصة والاستخدام المسيء للمواقع والوسائل الإلكترونية، كما استكمل البرلمان المصري بالتفاعل مع متطلبات المجتمع واقتراحات المجتمع المدني بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، والذي يوفر حماية للضحايا وخاصة في الجرائم المتعلقة بالنساء.
وأشار إلى أنه مع إطلاق أول استراتيجية وطنية تعنى بحقوق الإنسان في مصر عام 2021، فقد أشارت الاستراتيجية إلى الحاجة لضمان الحق في الخصوصية في إطار تشريعي، خاصة الحاجة إلى تعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يضمن إنفاذ الالتزام الدستوري بحماية حرمة الحياة الخاصة للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين.
وأكد أنه لا يزال البرلمان المصري يعمل بكثافة في اتجاهين، الأول تبنية العشرات من الاستحقاقات التشريعية التي فرضها الدستور، والثاني الإسراع بالاستجابة للاحتياجات التشريعية العاجلة لمواجهة الظواهر الملحة وغيرها من الظواهر ذات الطبيعة الاستثنائية، ويطرح النواب مشروعات قوانين من أجل تطوير وتحديث الإطار التشريعي المصري في محاولة لمواكبة التطورات الجارية على مستوى الجريمة في الداخل والجرائم العابرة للحدود، والجرائم المستحدثة، لضمان حماية المجتمع من أي تهديدات مستحدثة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النهج المصري القانوني له تأثيرات غير مباشرة على الدول الأخرى في اتباعها ومسايرتها، كما نأمل قريبًا في استكمال البنية التشريعية بالوصول إلى قانون ينظم الحق في تداول المعلومات، وفقاً للاستحقاق الدستوري الذي رسخته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.