الثانوية العامة ترد اعتبار محمد مستجاب.. والابن: متى يتم وضع نصوصه ورفاقه؟
بعد امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي، خرج الطلاب وبعضهم يبحث في القطعة التي وردت في الامتحان، حتى وإن لم يكتب عليها اسم كاتبها، ولكن ما حدث كان يوجه وبقوة للقراءة لهذا الرجل.
وكانت القطعة التي تقررت على طلبة المرحلة الثانوية لهذا العام، هي قصة قصيرة للكاتب الراحل محمد مستجاب، لم تأت القصة بعنوانها، ولم يكتب اسم صاحبها عليها، ولكن آثار الأمر فرحة الكثيرين، خاصة وأن تواجد قصة قصيرة لمحمد مستجاب، وهو الكاتب الكبير، يرد بعض الاعتبار للرجل الذي ألف العديد من الكتب، وأسهم بشكل واضح في إثراء المكتبة العربية بقصصه ورواياته ومقالاته، فبخلاف الشخصية القصصية الشهيرة التي ابتكرها وهي مستجاب الأول والثاني والثالث والرابع، والحكايات الأسطورية التي غلفها بلغة رشيقة، كان مستجاب يكتب مقالات دورية في العديد من الصحف، وكان له مقال مهم جدا عن الحيوانات، وغيرها في مجلة العربي الكويتية، والعديد من الكتابات التي امتزجت بالحس الساخر، لتجعل له أسلوبا خاصا، لا يستطيع أحد تقليده.
القطعة التي جاءت في امتحان اللغة العربية للصف الثالث الثانوي هي قصة قصيرة بعنوان "اشرب اللبن"، وهي القصة الرابعة عشرة من 30 قصة قصيرة نشرها "مستجاب" في مجموعته القصصية التي جاءت تحت عنوان "الحزن يميل للممازحة"، وجاءت القطعة في الامتحان كالتالي..
"ستظل الام أما، هذا الدفق النادر الحنون الساحر الرقيق الغاضب".
جاءني أحد أعمامي في المكتب، وانفرد بي، وقالها صراحة: إذا لم تمنعها فسنتولى نحن الأمر، وقلت- وأكاد أبكي- بمجرد أن أنهي بعض الأعمال سأسافر إليها، رمقني عمي في حدة كأنه يعلم ما بداخلي.
وانغمست في جلسات مؤتمر حماية أبقار البحر المتوسط من أمراض البحر المتوسط، ثم الندوة العالمية لعلاج الحزن بأشعة الليزر، واستقبلت وفدا يعالج الخشب بالكحول، ويعالج الكحول بأوراق الصحف، وبعدها اعتذرت عن عدم حضور حفل استقبال الجمعية المصرية لمكافحة الجراد، حيث كنا في قريتنا في المساء نفسه.
بالأحضان.. بكت أمي قليلا؛ لأننا لم نعد نزورها، شكت لي من التهاب في الزور، وألم في الجانب الأيمن، وسألتني عن أولادي، وعن أهل زوجتي، كانت نحيفة لكنها ظلت ساخنة الكلمات والعبارات، وبدأت أسعى إلى فتح الموضوع الشائك، عيون الحنان تشع عنادا وحبا، وقلت لها: إن عمي قد زارنا وقلت لها: إن عمي كان غاضبا وقلت لها، إنه شديد الغضب.
أخرجت لها نقودا فضربتني على كتفي ضاحكة وغاضبة، ورفضت قائلة: سأظل أنا التي أعطيكم النقود حتى ولو أصبحتم رؤساء وزارات.. لكن يا أمي.. أسكت يا ولد. تسربل الموضوع الشائع واندس في سرداب الخوف، ولماذا أنا بالذات الذي أكلم أمي في هذه المسألة الواخزة؟، المسافر شمالا والمتاجر جنوبا، والمقاتل على الحدود، الكل لا يصلح عداي؟، ولماذا استجبت لعمي من دون أن أطرح مشاركة باقي إخوتي؟، ولماذا لا يكون..؟ ونمت إعياء.
لا أحد في العالم يستيقظ مبكرا قبل أمي، الدعوات تنهمر في حلق الفجر تتوسل إلى الله أن يزيدني وإخوتي في المال والعيال والسعادة والصلاح ورضا الخالق، فكيف يتسنى لي..؟.
وأنا أرتدي جاكتتي قلت في تصميم نصف أحمق: عمي غاضب وقلت في غضب واضح: عمي غاضب منك. لم تسألني لماذا. كوب الحليب على كفها فتناولته مضطربا عيناها اتسعت ونظرت في وجهي وقالت: أشرب اللبن. جلست أشرب اللبن والكوب يستطيل بئرا، وأنا أحاول تسلق الجدران كي أخرج من قاع الكوب. عادت أمي ووضعت يدها على كتفي ثم ابتسمت وقالت بصوت واضح: أشرب اللبن.
وجاءت الأسئلة على القطعة، واختتمت بسؤال عن تحديد نوع الأدب الذي ينتمي إليه النص، وهل هو قصة قصيرة أم مقال نقدي، أم جزء من سيرة ذاتية، أم مقال اجتماعي".
وعن هذا الأمر، علق محمد مستجاب "الابن"، في تصريحات لـ"الدستور" قائلا: "سعادة طاغية انتابتني عندما وجدت بوست على الفيس، أن أحد الأسئلة التي جاءت لطلاب الثانوية العامة.. قصة لمستجاب، وكنت أبحث عن الامتحان وفشلت، وجلست أفكر أن مستجاب بطريقته يرسل لي رسالة بهجة من قبره، وأن الدولة أو مستشاري التربية والتعليم والمسئولين عن الامتحان قد تذكروا مستجاب، وهو ما فتح موضوعا آخر، متى يتم وضع نصوص مستجاب ورفاقه الكثيرين، في مناهج التربية والتعليم، ومتى تفتح الدولة هذا الباب سواء في موضوعات القراءة أو المقال أو البلاغة....الخ.
وأضاف لـ"الدستور": "حتى ولو كانت من خارج المنهج، أي أن تطرح وزارة التربية والتعليم أسماء هؤلاء الكتاب، وتبدأ الطلبة البحث عنهم، ومعرفة ما قدموه من إبداع".