«أنشودة البساطة».. لماذا رفض محمد البساطى وصف النقاد له بأنه «كاتب المهمشين»؟
محمد البساطي قاص وروائي، رحل عن عالمنا في هذا اليوم من العام 2012، عن عمر ناهز الـ72 عامًا، بعد صراع مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا تنوع بين الرواية والقصة القصيرة، تناولت أعماله عالم القرية المصرية ببساطة وعمق.
صدر للكاتب محمد البساطي العديد من المجموعات القصصية، نذكر من بينها مجموعات: «الكبار والصغار، ساعة مغرب، حديث من الطابق الثالث، ضوء ضعيف لا يكشف شيئًا، منحني النهر، هذا ما كان، أحلام رجال قصار العمر، نوافذ صغيرة»، وغيرها.
ترشحت رواية محمد البساطي «جوع» في القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية للرواية في دورتها الثانية، وفي الروايات صدر له: «صخب البحيرة، المقهى الزجاجي، التاجر والنقاش، بيوت وراء الأشجار، الأيام الصعبة، يأتي القطار، أصوات الليل، الخالدية، ليالٍ أخرى».
التركيز والتكثيف في أعمال محمد البساطي
يذهب الناقد صبري حافظ، في دراسته المنشورة بمجلة الكلمة النقدية، إلى أن: «قصص محمد البساطي تتسم بالتركيز والتكثيف، فهي قصص بالغة القصر والكثافة والتركيز، لا يزيد طول الواحدة منها عادة عن صفحتين أو ثلاث، لكنه قصر خادع، أو هو القصر الناجم عن حذف كل ما لا زوم له، وتقليص النص إلى ما هو ضروري بل حتمي، والنأي به بعيدًا عن التزيد والإطناب».
ويوضح الناقد صبري حافظ في دراسته المنشورة تحت عنوان «قصص البساطي القصيرة .. استعارات شفيفة للواقع وشعرية القص»: «لذلك تبدو عنده القصص القصيرة عادة ـ وفي كثير من مجموعاته القصصية المختلفة ـ وكأنها قصص لا يحدث فيها شيء، ولكنك ما إن تتأملها قليلًا، وتربط بين خيوطها حتى تدرك أنها عامرة بالأحداث، ومترعة بالرؤى والإيحاءات، فمنطق شبكة العلاقات التي تربط جزئيات كل قصة هو منطق هذه اللحظات «ساعة مغرب» التي يشف فيها الضوء، وتشف معه الكتابة عن نوع فريد من الشعر هو شعر القصة القصيرة في أكثر حالاتها تألقًا وثراءً بالدلالات».
قصص محمد البساطي مهمومة بالمواطن المصري
ينتمي الكاتب محمد البساطي، إلى جيل الستينيات والذي يضم أشهر كتاب الرواية والقصة القصيرة في القرن العشرين، ومن بينهم: «صنع الله إبراهيم، مصطفى نصر، عبدالحكيم قاسم، يحيى الطاهر عبدالله، بهاء طاهر، جمال الغيطاني، صنع الله إبراهيم، وإبراهيم أصلان».
ويري الناقد الدكتور محمد الشحات، في دراسته المنشورة بمجلة «نزوى» تحت عنوان «محمد البساطي نحو سردية مغايرة»: «لم تكن قصص محمد البساطي ورواياته معنيةً بجدل النظريات الفلسفية والاجتماعية والسياسية أو مناوشة السرديات الكبرى، بل كانت منشغلةً بالأساس بطبيعة الإنسان المصري والعربي وجوهره المتخم بالتناقضات والارتباكات واللاتحديدات، أقصد إلى انشغال كتابته بإنسان الظلّ في جوهره، شبابه وشيخوخته، فوضويته ومثاليته، حياته وموته، سجنه وحريته، ذكورته وأنوثته، قرويته ومدنيته،.. إلخ، لقد كان محمد البساطي يمتلك عدّة بلاغية من العيار الثقيل، راويًا مخيفًا من حيث قدرته على الحكي المتدفّق المتوالد كانثيال ذاكرة شهرزاد في (ألف ليلة وليلة)، كما كان يمتلك أيضًا ماكينة سردية متجددة على الدوام، مقاومة للصدأ وعوامل التعرية».
لا أتحمل الثرثرة في الكتابة
وفي الحوار المنشور معه بجريدة المستقبل اللبنانية 2009، يقول محمد البساطي: «لا أميل ولا أتحمل الثرثرة في الكتابة، ولا حتى في الكتب التي أقرأها. قراءة الرواية القصيرة ممتعة ورائعة ومشبعة».
وفي نفس اللقاء رفض محمد البساطي ما يصفه به النقاد من أنه «كاتب المهمشين»، ويصف نفسه بأنه «كاتب واقعي يكتب الواقع بحثًا عما يميز الشخصية المصرية، وعادة عندما أجلس إلى مصري أحاول البحث عما يميزه وما الذي جذبني في شخصيته، ربما تكون نبرة الصوت، والبساطة شديدة الجمال، فلا يوجد مثل هؤلاء البسطاء في العالم أجمع».