زيادة الثروة السمكية.. البحيرات المصرية تنتصر اقتصاديًا وبيئيًا
تواصل القيادة السياسية جهودها في تنفيذ مختلف المشروعات القومية، لتحقيق الاستفادة القصوى منها وكان آخرها توجيه الرئيس السيسي بالاستمرار في جهود تطهير وتطوير بحيرة المنزلة، وكذلك جميع البحيرات على مستوى الجمهورية، خاصة ما يتعلق بتطوير وتنظيم مراسي ومراكب الصيادين وتزويدها بالخدمات.
وذلك لتدعيم وتعظيم العائد من إنتاج الثروة السمكية بالتكامل مع تطهير البحيرات، إضافة إلى تكوين تجمعات عمرانية وسياحية، بما يسهم في رفع مستوى المعيشة للمواطنين القاطنين حولها.
ما تم تنفيذه في ملف تطوير بحيرة المنزلة
في البداية، قال د. صلاح مصيلحي رئيس جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، إن أعمال التطوير التي تمت في بحيرة المنزلة شملت الانتهاء من تنفيذ وافتتاح مبنى الإدارة المتكاملة لبحيرة المنزلة ببورسعيد وكذلك تمت إزالة نباتات وحشائش مائية بمساحة 43.8 ألف فدان وبنسبة تنفيذ 95.5%، وتنفيذ أعمال تكريك للبحيرة بكمية قدرها 83.2 مليون م3 وبنسبة تنفيذ 45% وإزالة عدد 5223 حالة تعدٍّ على المسطح المائي للبحيرة وبنسبة تنفيذ 100%.
تابع: "كما تم تطوير امتداد قنال الرطمة بطول 14 كم بعرض 30 م بعمق 1.5م وتطوير امتداد بوغاز الصفارة بعزبة البرج بطول 10 كم بعمق 2.5 م أسفل عمود المياه وكذا 30م عرض بمنطقة مثلث الديبة بدمياط، مضيفًا أنه جاري استكمال إنشاء الحد الفاصل للبحيرة وتم تنفيذ نحو 60% وإزالة جميع التعديات التي تحدث على البحيرة أولًا بأول من حوش وتحاويط.
وأوضح مصيلحي، لـ"الدستور"، أنه نتج عن أعمال تطوير وتنمية البحيرات التى تتم منذ سنوات زيادة المصيد السمكي منها، ففي ٢٠١٤ كانت الكمية الناتجة من البحيرات ١٧١ ألف طن في حين وصلت ٢٠١٩ إلى ٢٢١ ألف طن.
وأضاف أنه على النحو الآخر فى مجال الصيد الحر بالحياة الإقليمية، تم منح عدد 12 مركب صيد تراخيص للشركة الوطنية للثروة السمكية وتعمل حاليا بالصيد ويتم توزيع إنتاجها فى منافذ بيع القوات المسلحة بأسعار أقل من مثيلتها في السوق، كذلك قامت الهيئة بتشجيع وتسهيل مراكب الصيد للعمل بمناطق الصيد غير المستغلة من خلال منح عدد من التراخيص الجديدة وفق شروط خاصة حتى يتم إستغلال الإنتاج فى التصدير وقد بلغ الإنتاج من الجمبري الأحمر الذي لم يكن مستغلًا من قبل إلى 4000 طن.
واستكمل أنه تم إنشاء صندوق تنمية مستدامة برأس مال 30 مليون جنيه لعمل مشروعات بيئية مستدامة للحفاظ على الثروة السمكية وتطوير وحدات الصيد للصيادين وخاصة أثناء فترات الراحة البيولوجية لخليجي السويس والعقبة، وزيادة حصة مصر من أسماك التونة لتصل إلى 330 طن عام 2021 وكانت في عام 2014 كمية 77 طن فقط، كما تم الانتهاء من معظم أعمال المرحلة الأولي والثانية لتطوير ميناء الصيد بمدينة الطور محافظة جنوب سيناء، وتقنين أوضاع حرف الصيد ببحيرة البردويل وإلغاء حرفتي الدهبانة والجمبري لتأثيرها الضار والسلبي علي مصايد الأسماك والمخزون السمكي بالبحيرة.
وأشار إلى أن مشاركة الجهاز الدائمة والفعالة فى المنظمات الدولية والإقليمية التي نتج عنها تنفيذ العديد من المشروعات المشتركة بين مصر ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو (FAO)، تمثلت في إعداد العديد من الدراسات التي تعود بالنفع على قطاع المصايد في مصر.
ذكر منها دراسة عن الفقد والهدر في قطاع الثروة السمكية وتدريب الصيادين والتجار على تقليل الفقد والهدر وإعطاء قيمة مضافة للمنتج السمكي، وإعداد خطة إدارة لمصايد أسماك البحر المتوسط تتضمن طرق الحفاظ على الثروة السمكية وتنميتها.
وتتوجه الدولة بدعم الرئيس السيسي فى إنشاء عدة مفرخات بحرية لدعم الاستزراع البحرى بالمشاريع القومية والقطاع الخاص، كما تم الإعلان عن مشروع عملاق للأقفاص البحرية فى العديد من المواقع بالبحرين الأحمر والمتوسط والذي يعتبر نقلة نوعية فى الاستزراع البحرى بمصر.
• الصرف الصناعي والتعدي على البحيرات أخطر مشاكلها
من الجانب البيئي، قال د. عبدالمولى إسماعيل، الباحث في مجال البيئة والتنمية إن البحيرات تتعرض للعديد من أشكال التعديات والمخلفات، فهناك من يقوم بتجفيف بعض أجزاء البحيرات والمسطحات المائية لاستخدامها في الزراعة وهو شكل من أشكال التعدي عليها، أو يتم تحويلها إلى مزارع سمكية وهذا الأمر مخالف للقانون ومخالف للقواعد والمعايير البيئية، وبالتالي يجب إيقاف كل هذه الأشكال.
واستكمل أهمية تطهير البحيرات التي يظهر فيها أنواع من النباتات التي تعوق سريان وجريان المياه بشكل طبيعي ما يؤدي إلى مشاكل فيها، وكذلك المخلفات التي يتم إلقائها في البحيرة كلما زادت كلما قل عمق البحيرة ما يؤدي إلى هجرة الأسماك وعدم استدامة الموارد البيئي بشكل عام، ما يستلزم المراجعة البيئية باستمرار من جانب وزارة البيئة عقب عمليات التطهير والتطوير للبحيرات.
أضاف أنه يجب أن يتم إيقاف كل أشكال المخلفات الخاصة بالصرف الصحي أو الزراعي والصرف الصناعي الخاص بالشركات والمصانع التي تلقي مخلفاتها في البحيرات؛ لأن هذه المخلفات من المشكلات الكبرى التي تؤثر على استدامة المسطح المائي.
وأوضح عبدالمولى، لـ"الدستور"، أن تطوير البحيرات وعلى رأسها بحيرة المنزلة يجب أن يتم في إطار أن تكون المسطحات المائية للبحيرات مسطح مفتوح بحيث لا تكون على ضفافه مزارع سمكية أو يكون موجودًا داخل المسطح نفسه أي أمور متعلقة بصناديق الصيد للأسماك من البحيرة.
وتابع وذلك لأنه يجب ألا يكون هناك أي عائق بين وصول أشعة الشمس وسطح الماء للبحيرة لأنه يتم من خلاله عملية التمثيل الضوئي وكل الأشكال المتعلقة بإعادة دورة حياة كل الكائنات الحية الموجودة داخل المسطحات المائية وليس الأسماك فقط، ولذلك يجب أن يكون مفتوح تمامًا.
وشدد الباحث في مجال البيئة على ضرورة وقف سرقة الزريعة من المسطحات المائية السطو عليها من بعض أصحاب المزارع وتفريغها في مزارع خاصة ولا بد من وقف هذا الشكل للحفاظ عليها، وإتاحته للصيادين ممن لديهم رخصة صيد وجعل المسطح المائي مفتوح أمامهم لأن ذلك يساعد في تحقيق إنتاجية أعلى.
كما شدد على ضرورة وقف كل أشكال الصيد الجائر الذي يستخدم الكهرباء في الصيد أو إلقاء السموم لصيد الأسماك أو استخدام شبك مختلف عن حرفة الصيد الخاص به بالتالي يجب الالتزام بكل بهذه القواعد للحصول على الهدف المنشود من تطوير البحيرات وتحقق العائد المرجو منه.
ضخ مزيد من الاستثمارات
ويرى الخبير الاقتصادي سيد خضر أن الدولة المصرية تسعى جاهدة إلى توسيع وتنويع مصادر الاستثمارات خاصة في قطاع الإنتاج السمكي من خلال ضخ مزيد من الاستثمارات من أجل زيادة القدرة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتي الداخلي وزيادة حجم الصادرات المصرية، ما ينعكس بشكل ايجابي على مؤشرات الاقتصاد الكلي.
وتابع: "أيضًا تحقيق التوازن في الميزان التجاري لذلك يأتي إعادة تطوير بحيرة المنزلة هدف أساسي من أجل زيادة الإنتاج السمكي للبحيرة وتنوع الأسماك ورفع كفاءتها أيضًا، لم يكن المكسب الوحيد من أعمال التطوير التي جرت ولا تزال تجري؛ حتى يساهم في حماية البيئة والحفاظ عليها من التلوث والانبعاثات.
وأوضح خضر، لـ"الدستور"، أن تطوير بحيرة المنزلة يساهم في خفض نسب التلوث التي كانت في أعلى معدلاتها في الفترة الماضية سواء تلوث المياه نتيجة الصرف الصحي وعدم انتظام حركة المياه بسبب مخلفات المباني والردم والزرع، أو تلوث الأسماك نفسها التي كانت تتغذى على النفايات والصرف في بعض المناطق من البحيرة.
واستكمل: "كما ساعد التطوير في عملية القضاء على الروائح الكريهة والقضاء على الحشرات الضارة، وأسهم كل ذلك فى تحسين الهواء وخفض مخاطر الإصابة بالأمراض للمواطنين، وتنويع مصادر الثروة السمكية التي تنعكس على زيادة معدلات الإنتاج وتوفير أنواع الأسماك في الأسواق في ظل ارتفاع الأسعار العالمية نتيجة الأزمات والصراعات التجارية الحالية".
أضاف الخبير الاقتصادي أن تطوير البحيرات له مردود من حيث الاهتمام بالبعد البيئي وفي تعزيز الاستقرار الأمني بالمنطقة فبعد إزالة المخلفات وتطهير المسطح المائي، سيتم تحقيق الأمن والقضاء على البلطجة التي كانت تنتشر داخل البحيرة وتتخفى بين المخلفات، أيضًا مع تطوير البحيرة سيسهم في توفير العديد من فرص العمل في المنطقة مما ينعكس على تحسن مستوى معيشة المواطنين والحفاظ على البيئة والبحيرة من التلوث.