المحكمة الجنائية الدولية تحتفل بمرور 20 سنة على إنشائها
تحتفل المحكمة الجنائية الدولية بمرور عشرين سنة على إنشائها في الأول من يوليو 2022، تعمل على إقامة عالم أكثر عدالة.
تعمل المحكمة الجنائية الدولية كل يوم من أجل إقامة العدل ومحاسبة المسؤولين عن أخطر الجرائم الناشئة عن بعض النزاعات الأكثر وحشية في العالم.
أحرزت المحكمة في سنواتها العشرين الأولى تقدماً ملحوظاً في سبيل أداء مهمتها.
تمّ إنشاء المحكمة إذ وُضِع في الاعتبار "ملايين الأطفال والنّساء والرّجال" الذين "وقعوا ضحايا لفظائع لا يمكن تصوّرها هزّت ضمير الإنسانيّة بقوّة".
وهي أول محكمة جنائية دولية دائمة في العالم أُنشئت بموجب معاهدة للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة الاعتداء ومقاضاة المسؤولين عنها.
وتحقق المحكمة حالياً في 17 حالةً تتعلق ببعض النزاعات الأكثر عنفاً في العالم، كتلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجورجيا أو أوكرانيا. مكتب المدعي العام في المحكمة جهاز مستقل من أجهزة المحكمة يجري الدراسات الأولية والتحقيقات، وهو الجهة الوحيدة التي يجوز لها رفع الدعاوى أمام المحكمة.
وقد أنهت المحكمة في أثناء سنواتها العشرين محاكمات في قضايا ذات أهمية كبيرة للعدالة الدولية وسلطت الضوء على جرائم تجنيد الأطفال وتدمير التراث الثقافي والعنف الجنسي والهجوم على المدنيين الأبرياء. وتشكّل المحكمة تدريجياً عبر أحكامها الاتّعاظية سوابق قضائية ذات حجية. ونظرت المحكمة في 31 قضية وأصدر القضاة عشرة أحكام بالإدانة وأربعة أحكام بالتبرئة.
لا تكتفي المحكمة بمقاضاة المسؤولين عن أكثر الجرائم جسامة ومعاقبتهم، بل تضمن أيضاً إسماع صوت المجني عليهم. والمجني عليهم هم الذين لحق بهم ضرر من جراء أي جريمة تندرج ضمن اختصاص المحكمة. ويشارك المجني عليهم في جميع مراحل الإجراءات القضائية للمحكمة.
وقد شارك أكثر من 000 10 مجني عليه في إجراءات المحكمة ومن خلال برامج التوعية، تبقى المحكمة على تواصل مباشر مع الجماعات المتضررة من جراء الجرائم المندرجة ضمن اختصاصها.
كما تسعى المحكمة إلى حماية أمان المجنى عليهم والشهود وسلامتهم البدنية والنفسية. ومع أنه لا يمكن للمجني عليهم رفع دعاوى، فإنه يجوز لهم تقديم معلومات للمدعي العام، ولا سيما من أجل تقرير ما إذا يتعين فتح تحقيق.
ويقوم حالياً الصندوق الاستئماني للمجني عليهم التابع للمحكمة بتنفيذ أوامر المحكمة الأولى بشأن جبر الأضرار. كما يقدّم الصندوق الاستئماني من خلال برامجه للتعاون دعماً بدنياً ونفسياً واجتماعياً واقتصادياً لأكثر من 000 450 مجني عليه.
يعتبر المتهمون أبرياء حتى تُثبَت إدانتهم أمام المحكمة دون شك معقول. ولكل متهم الحق في إجراءات نزيهة وعلنية.
وللمشتبه بهم والمتهمين أمام المحكمة حقوق أساسية منها: الحق في أن يتم إعلامهم بالتهم الموجَّهة إليهم، والحق في أن يتاح لهم ما يكفي من الوقت والتسهيلات لكي يحضِّروا دفاعهم، والحق في أن يحاكَموا دون تأخير لا موجب له، والحق في اختيار محام بحرِّية، والحق في تلقي الأدلة المبرِّئة من المدعي العام. كما يحقّ لهم من جملة ما يحق لهم متابعة الإجراءات بلغة يفهمونها تماماً. وقد أدى ذلك بالمحكمة إلى توظيف مترجمين شفويين وتحريريين مختصين في أكثر من 40 لغة وتلجأ المحكمة أحياناً إلى استخدام أربع لغات في آن في الجلسة ذاتها.
وفي سنوات المحكمة العشرين الأولى، واجه المشاركون في الإجراءات عددا كبيراً من التحديات الموضوعية والإجرائية الجديدة وهم موجودون على بعد آلاف الكيلومترات من مسرح الجرائم.
إضافة إلى ذلك، للجرائم التي تُعنى بها المحكمة طابع خاص. وكثيراً ما تكون جرائم جماعية تتطلب كماً كبيراً من الأدلة وقدراً كبيراً من الجهود لضمان سلامة الشهود. والإجراءات معقّدة والمسائل التي يجب حلّها خلف الكواليس متعدّدة في إطار كل قضية.
لا تحل المحكمة محل المحاكم الوطنية وهي محكمة الملاذ الأخير.
والمسؤولية الأساسية في التحقيق في أخطر الجرائم ومقاضاة المسؤولين عنها ومعاقبتهم تعود للدول، فالمحكمة لا تتدخل إلا إذا كانت الدولة التي ارتُكِبت فيها جرائم خطيرة تندرج ضمن اختصاص المحكمة غير راغبة أو غير قادرة حقاً على القيام بذلك.
تتصاعد أعمال العنف بسرعة في مختلف أنحاء العالم. ولا زالت موارد المحكمة محدودة ولا يمكن لها أن تنظر إلا في عدد محدود من القضايا في آن. وتعمل المحكمة على نحو وثيق مع المحاكم الوطنية والدولية.
أثبتت المحكمة ذاتها، إذ تحظى بدعم 123 دولة طرفاً من جميع القارات، كمؤسسة قضائية دائمة مستقلة. ولكن خلافاً للأنظمة القضائية الوطنية، ليس للمحكمة شرطة خاصة بها. وتعوّل على تعاون الدول، ولا سيما لتنفيذ أوامر القبض وأوامر الحضور. وليس لها إقليم تنقل إليه الشهود المعرّضين للخطر. فتعوّل المحكمة إلى حد بعيد على دعم الدول وتعاونها.
وإذ نحتفل بمرور عشرين سنة على إنشاء المحكمة، ينبغي أن تجدّد الدول دعمها للمحكمة بطرق ملموسة: كتقديم الدعم السياسي والمالي؛ وإلقاء القبض على المشتبه بهم وتجميد أصولهم؛ واعتماد تشريعات تطبيقية تكرّس بعض الأحكام الأساسية لنظام روما الأساسي في قوانينها الوطنية؛ وتوقيع اتفاقات تعاون طوعي بما فيها اتفاقات نقل شهود المحكمة.