أحمد فؤاد حسن: عبدالحليم حافظ أنقذنا من بوليس الآداب
تحدث الموسيقار وقائد الفرقة الماسية أحمد فؤاد حسن عن علاقته بعبدالحليم حافظ وذلك في تقرير نشرته مجلة «الكواكب»، وتعرف "حسن" على حليم حين جاء به شقيقه إسماعيل شبانة ليدرس في معهد الموسيقى، وقتها كان حليم قد أجاد العزف على آلة الأوبوا، وهي آلة صعبة جدا مما جعله محط أنظار قائد الفرقة الماسية لتصبح صداقة بدأت من هذه اللحظة وامتدت أواصرها حتى وفاة حليم:" كان حليم يكره المادة وكان يحرص على أن يظهر في إطار فني قوي فكان أحيانًا يدفع من جيبه الخاص ضعف الأجر الذي يتقاضاه ليظهر بفرقة موسيقية تليق به، وكم كان الجمهور يدهش لهذا المطرب الناشئ الذي يظهر بفرقة موسيقية لا يظهر بها مطربون مشهورون".
ويحكي قائد الفرقة الماسية عن نهاد فاتنة الإسكندرية التي كانت تطارد حليم ويهرب منها وكلهم يتمنون نظرة واحدة منها، قائلا: "كانت فاتنة الجمال، تأتي للمسرح كل ليلة وتطارد حليم وتبذل كل جهودها لتنال منه ولو موعدًا واحدًا، وكان حلي لا يعيرها أي اهتمام، بل إنه راح يبتكر أساليب للزوغان والهرب منها ومن مطارداتها، وظل الحال هكذا حتى آخر يوم من أيام عملنا في الإسكندرية، وقتها قامت فاتنة الإسكندرية بتوجيه الدعوة لعبدالحليم والفرقة لتناول طعام العشا عندها في بيها، وقضا سهرة لطيفة معها".
ويكمل: "أمسكنا بعبدالحليم حافظ وأجبرناه على الذهاب معنا وكانت السيدة تقطن شقة واسعة فاخرة الأثاث، واستقبلتنا تحيطها هالة من فتيات جميلات كن كالنجوم الساطعات في اللليل، وأكلنا عشاءً لذيذًا، وكان جوًا رائعًا لم ينغصه إلا اختفاء حليم فجأة، وأصبح الجو مشحونًا، مما دعانًا جميعًا للاعتذار والانصراف من بيت السيدة فاتنة الإسكندرية".
ويواصل: "كنت أعلم أن عبد الحليم يهوى رؤية البحر وتستهويه الأمواج فيجلس عند صخرة بعينها ويفكر شاردًا ناظرًا للأمواج، وبحثت عنه عند هذه الصخرة ووجدته بالفعل، وبدأت أعاتبه على هروبه من الحفل واضطرارنا جميعا لمغادرة البيت ونظر إلي ولازال الشرود واضحًا عليه:" نزلتم كلكم"؟، وهززت رأسي إيجابًا فواصل كلامه: "أنا مش مستريح للست دي، إحساسي بيقوللي إن فيها غرابة وغموض كده".
ويستطرد: "في اليوم التالي فوجئنا بأن السيدة المضيفة كانت محل ريبة رجال مكافحة الآداب، وقبض عليها في نفس الليلة التي انصرفنا فيها من بيها معتذرين عن قضا السهرة، ومن يومها وأنا أصدق أن إحساس عبدالحليم حافظ صادق دائمًا وأبدًا".
كانت هناك الكثير من المواقف التي أثبتت أن حليم له مبدأ لا يحيد عنه، فهو لا يقبل التفريط في أصدقائه، يقول حسن: «عندما بدأ حليم يحظى بالشهرة، وارتفع في صعوده لسلالم المجد والتفتت إليه الدوائر الفنية وكانت تحيطه بالاهتمام، واتفقت معه إحدى شركات الإسطوانات على تسجيل بعض أغانيه، وفوجئ في يوم التسجيل بأن الشركة ترفض أن تعمل معه فرقتي الماسية، التي عملت معه دائمًا، وطلبت منه أن يسجل مع فرقة الشركة، وانتفض حليم تأثرًا ومزق عقد التسجيل مصرًا على تسجل معه غير الفرقة الماسية، وانصرف غاضبًا».
يتابع: "خضعت الشركة لرغبة عبدالحليم وسجل لها أسطوانات مع الفرقة الماسية، وتدور الأيام ويصدق رأي عبدالحليم حافظ في الفرقة الماسية وأفرادها، إن أصدق ما في عبدالحليم حافظ هو وفاؤه الذي يجعلنا جميعًا نحترمه ونحبه من قلوبنا".