في ذكراه.. كيف أثرت طفولة محمود تيمور على حياته الإبداعية؟
128 عاما مرت على ميلاد الكاتب القصصي محمود تيمور، الذي ولد يوم 4 يونيو 1894 في أحد أحياء مصر القديمة، لأسرة عريقة على قدر كبير من الجاه والعلم والثراء، فهي في الأساس "كردية" ذات أصول عربية، وقد عنت بالثقافة والأدب والعروبة والإسلام، ولعبت دورا كبيرا في تجربته الإبداعية، فوالده هو العلامة المحقق أحمد تيمور، وعمته الشاعرة عائشة تيمور، وأخوه الأديب القصصي المسرحي محمد تيمور.
وبحسب تقرير نشر بمجلة "البيان الكويتية" بعددها رقم 91 الصادر بتاريخ 1 أكتوبر 1973، فإن محمود تيمور تعلم في المدارس المصرية، والتحق بعد إتمامه الدراسة الثانوية بمدرسة الزراعة العليا، على أنه مرض مرضا شديد الوطأة فلم يستطع مواصلة دراسته فانقطع للأدب، وتفرغ في البداية لدراسة الأدب العربي، ثم أقبل على الآداب الغربية، فقرأ الكثير من مؤلفات الأعلام في الأدب الأجنبي.
في "درب سعادة" و"عين شمس" حيث دار أبيه، فكان مهبطا للعلماء والأدباء ووفود المستشرقين ورواد الفكر في الأقطار العربية، كالشيخ محمد عبده والشيخ طاهر الجزائري، والشيخ رشيد رضا، وحضر محمود تيمور الكثير من هذه المجالس، فتأثر بها أيما تأثر، كما صحبه والده في زياراته إلى الريف فحضر مجتمعات الفلاحين، وشاركهم حياتهم.
كانت مكتبة أبيه مغرية جدا بالنسبة لمحمود تيمور، وبسببها لجأ إلى القراءة منذ الصغر، وأولها كتاب "ألف ليلة وليلة" فكان له أثر واضح في إذكاء موهبته في التأليف القصصي، أما بالنسبة لأخيه "محمد" فقد قصده إلى فرنسا لإتمام دراسته العالية، وقضى ثلاث سنوات، تزود فيها بآراء عصرية جديدة في الأدب والمسرح، ولما عاد إلى وطنه خلال الحرب العالمية الأولى، أخذ ينشر بهذه المبادئ، فكان "محمود من أكبر أنصاره وحوارييه.
وذكر تقرير المجلة أيضًا، أنه استبدت بمحمود فكرة أخيه "محمد" في إنشاء أدب مصري مبتكر، يستمد منابعه من واقع الحياة المصرية، فبدأ محاولاته على هذا الغرار، وأصاب نجاحا يذكر بقصصه القصار، على حين وجه أخيه أكبر عنايته للمسرح، فألف المسرحيات المصرية في نهج جديد طريف، مستوحيا البيئة المحلية، فقد بدأ أدب "تيمور" محليا بتصوير البيئة المصرية الصميمة والنماذج المحلية من طبقات الشعب ومنها الفلاحين والعمال، ثم تدرج بعد ذلك إلى أفق أرحب فقدم النماذج الإنسانية وطرق الموضوعات العامة وحلل الطبائع البشرية.