صلاح عمل الصح
منذ أن أطلق صلاح تغريدته «we have a score to settle» والانتقادات لا تتوقف، كلٌ يُسوِّق أسبابه، ويعرض قرائنه، بأن تصريحات صلاح هى سبب خسارة ليفربول اللقب. تعامل الجميع بأن «لا تتحدى ريال مدريد»، «نادى البطولات الذى يكسب هذه المباريات ولا يلعبها»، وما إلى ذلك من العبارات، تصب جميعها فى أن صلاح السبب.
أما وأن الجميع أدلى بدلوه، فأنا أرى أن صلاح «عمل الصح»، وأنه بتصريحه أربك العديد من الحسابات، وظهر أمام العالم أجمع بأنه لاعب كبير يحسب الجميع له ألف حساب، كان محركًا للأحداث، كان واجهة الحديث عن مباراة نهائى دورى أبطال أوروبا، كان الفعل وكان الجميع يكسب قيمة بالرد على هذا الفعل.
«أصل صلاح وضع الضغط على زملائه»..
هذا باعتبار ليفربول فريقًا من الهواة؟ صلاح لم يضع ضغطًا، وإنما خلق الحافز.. لا أتصور أن لاعبًا فى ليفربول لم يكن يريد البطولة، ولا أن فرحته ستكون مضاعفة لو جاءت على حساب من حرمهم هذا المجد قبل عامين، ولا أنه حقًا لا يريد تسوية الحساب، فمن أين الضغط؟ الجميع كان لديه الحافز.. وصلاح كان الأشجع وقالها بوضوح.
«أصل ده ريال مدريد»..
وهذا أيضًا ليفربول، الطرف الآخر فى البطولة الأهم للأندية، والفريق الذى خسر بطولة أقوى دورى فى العالم بفارق نقطة وحيدة، وفى الدقائق الأخيرة من عمر البطولة، وحامل لقب بطولتين فى بلده هذا العام، لِمَ لا يكون فريق بطولات؟ ولمَ لا يراه لاعبوه هكذا؟ إن لم يصدق كل لاعب فى الفريق أنه قادر فلا داعى للمنافسة، كان لا بد للجميع أن ينتبه، ولذلك خلق صلاح الحافز.
«طب أهو الريال كسب»..
لا أحب هذا الجزء من كرة القدم، ولكننا قبلناها حتى بظلمها وغدرها. كل الأرقام تؤدى إلى نتيجة واحدة فقط.. الكأس فى أنفيلد، لكن لأن كرة وحيدة سكنت الشباك تحولت إلى مدريد. تخيل لو أن كرة واحدة من التسع التى صوبها ليفربول سكنت الشباك، تجاوزت الاستثنائى كورتوا، كرة وحيدة فقط. لم يتوقف لاعبو الأحمر دقيقة واحدة، صوبوا من كل مكان، وبكل الطرق، كان لديهم الحافز.. الذى خلقه صلاح.
«كل فريق الريال ركز مع صلاح وفقد خطورته»..
يا ليت كل لاعبى الفريقين فقدوا خطورتهم مثله، اللاعب الأفضل فى فريقه، ولولا ما فعله كورتوا لكان رجل المباراة، لو أن أى كرة من الست التى سددها على المرمى تجاوزت الخط لأصبح الملهم الذى وضع الضغط على منافسيه، وقاد الحرب النفسية ضدهم، وكان لزملائه القائد الذى يخلق لديهم الحافز.
مشكلتنا مع صلاح أننا لا نزال نتعامل معه وكأنه فى نجريج، هذا اللاعب الشاب الذى لفت الأنظار فى المقاولون العرب، ونسأل: هل الأفضل أن يلعب للأهلى أم الزمالك؟ ونسينا أننا أمام شخص آخر، لا يصنع مستقبله وإنما يتدخل فى مستقبلنا جميعًا، لاعب يصيغ عالم كرة القدم حساباته وبورصة انتقالاته وفقًا لقراره، شخص تُحرك كلماته ما تعجز اتحادات كاملة القيام به.
يبدو أن عقلنا أصبح غير قادر على استيعاب ما وصل إليه، ويبدو أيضًا أن قدرته على الإبداع والنجاح تفوق قدرتنا على الخيال فيما يمكن أن يكون عليه شخص قرر أن يكون أحد قادة كرة القدم فى العالم، وليس مجرد لاعب قادته الأقدار لبعض من الشهرة، وأعطته مساحة لجمع الكثير من الأموال دون أثر أو تأثير.
من فضلكم أعطوا صلاح بعضًا من حقه.. فهو يستحق أبعد مما يذهب إليه خيالكم.