الطاقة الشمسية والسندات الخضراء.. خطة مصر للتحول للاقتصاد الأخضر
تمثل البيئة المحور الأهم في العالم أجمع ضمن مشروعات وخطط عدة للحفاظ عليها ضد متغيرات المناخ، وهو ما دفع مصر لتواكب هذا التوجه العالمي وتضع البيئة معيارًا أساسيًا للتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وخلال اجتماع الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، مع "الين دو سير"، المدير المعني بشئون البيئة في المنظمة العالمية للتعاون والتنمية الاقتصادية، استعرضت بعض ملامح مسار مصر نحو التحول الأخضر، بدءًا من العمل على تغيير لغة الحوار حول البيئة والمناخ في الخمس سنوات الأخيرة، ليتحول من مجرد محاربة مصادر التلوث والحد من معدلات التلوث، إلى العمل على توفير روابط بين البيئة والاقتصاد.
محاور التحول للاقتصاد الأخضر
قال الدكتور مجدي علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب ومستشار برنامج المناخ العالمي، إن التحول للاقتصاد الأخضر يتحقق من خلال محاور رئيسية في البيئة، تشمل: الأرض والمياه والأمن الغذائي والهواء، فإذا تحققت هذه المحاور يعني تحولنا للاقتصاد الأخضر.
وأوضح علام، في تصريح لـ"الدستور"، أن البداية تتمثل في الأرض، ومصر تتكون من أراضٍ صحراوية وأخرى قاحلة وغيرها شبه قاحلة، وهناك أراضي وادي النيل الموجودة بالدلتا وتمثل الأكثر خصوبة ومصدر الإنتاج الزراعي، وهو أول نظام يتم البحث عنه لأنه يتعلق بمياه الشرب ومياه الزرع.
وعن النظام الثاني، قال إنه يتركز في الأمن الغذائي من خلال أراضي الدلتا وأراضي وادي النيل والنظم الجديدة بزراعة الأراضي الصحراوية التي تم توصيل الترع لها في الصحراء الغربية، وفي الصحراء الشرقية الاعتماد الأساسي عليها في سيناء التي تتصف بأنها أراضٍ شديدة القحولة، وذلك بعد افتتاح محطة معالجة مياه المحسمة التي توصل لها المياه التي تحتاجها للزراعة، من خلال معالجة مياه الصرف الزراعي في محطة بحر البقر.
أما عن الحماية البيئية الخاصة بالهواء وجهاز التنفس، أشار علام إلى أن هذا تحقق من خلال توقف الملوثات والتي تمت من خلال مشروع إحلال السيارات بأخرى تعمل بالغاز الطبيعي وسيارات أخرى كهربائية، وخطوط المترو الجديدة الكهربائية التي تخفف من حجم التلوث.
وذكر مستشار برنامج المناخ العالمي أنه خلال الفترة الماضية تم تخفيض حجم التلوث إلى الربع من إجمالي الملوثات، وهو يعتبر تنقية للهواء، خاصةً مع الحدائق الجديدة التي تم تنفيذها والتى تساعد في تخفيف الكتلة السكنية وتعطي فرصة للملوثات للصعود للسماء والابتعاد عن الناس.
محطة بنبان للطاقة الشمسية
وعن أهم مشروع نفذته القيادة السياسية في التحول للاقتصاد الأخضر، قال أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب إنه يتمثل في محطة توليد الطاقة الشمسية بنبان في أسوان، وهي أكبر محطة طاقة شمسية في العالم ستساعد في توفير طاقة للأراضي الزراعية الموجودة في أسوان وحتى توشكى.
وأوضح أن هذه المحطة توفر طاقة نظيفة، ولا تكلف مبالغ مالية ضخمة في شراء الوقود للمساعدة في الزراعة، وبالتالي تمثل هذه المحطة أفضل المشروعات البيئية التي نفذتها مصر في مجال الحفاظ على البيئة.
ويُعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية أضخم محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على مستوى العالم، تم إنشاؤه بالشراكة مع القطاع الخاص والخبرات الدولية المتخصصة، ويمثل أحد أهم مشروعات البنية التحتية في مصر لتوليد الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة.
ويقع المجمع على مساحة قدرها 37 كم2، تشمل 8843 فدانًا، وحجم الألواح الشمسية المستخدمة في المحطة الواحدة 200 ألف لوحة، ويتضمن 40 محطة لإنتاج الكهرباء كل محطة بطاقة 50 ميجاوات، وحجم إنتاج محطة بنبان من الكهرباء 2000 ميجاوات.
السندات الخضراء
وعلى الصعيد الاقتصادي، يرى الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، أن مصر تسير بشكل متميز في اتجاه التحول للاقتصاد الأخضر، من خلال تنفيذ مشروعات مهمة، على رأسها مشروعات الطاقة الشمسية، وتشمل أكبر مشروع توليد الطاقة الشمسية في بنبان، إلى جانب زيادة حجم الاستثمارات الخضراء في العام المالي 2021، حيث وصلت إلى ما يقرب من 15% ثم زادت إلى الضعف 30% في العام المالي الحالي.
وأكد الإدريسي أن طرح مصر السندات الخضراء جاء ضمن خطتها للتحول للاقتصاد الأخضر ومواكبة الدول في توجهها أن تكون للمشروعات المقامة جانب بيئي مهم، وبالفعل مصر هي أول دولة في المنطقة تصدر هذه السندات بقيمة 750 مليون دولار، ويكون الغرض الرئيسي تمويل مشروعات لها علاقة بالطاقة الجديدة والمتجددة.
وكانت مصر أول دولة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تُصدر السندات الخضراء السيادية الحكومية بالأسواق العالمية، بقيمة 750 مليون دولار لأجل 5 سنوات، في حين بلغ إجمالي قيمة طلبات الشراء على طرح السندات الخضراء السيادية الحكومية نحو أكثر من 3.7 مليار دولار، مما ساهم في خفض سعر العائد ليصل إلى 5.25% بدلًا من 5.75%.
ومن خلال طرح هذه السندات الخضراء، تهدف مصر إلى توفير التمويل غير التقليدي للمشروعات الصديقة للبيئة، وخفض تكلفة التمويل على الأوراق الحكومية، وتشجيع الاستثمارات النظيفة بالمنطقة.