علي جمعة: لفظ الجلالة «الله» هو الاسم الأعظم
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية: "لقد أرشدنا الله سبحانه تعالى في كتابه الكريم أن ندعوه بأسمائه الحسنى فقال: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف:180]،وقال: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الإسراء:110]، وقال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه:8]، وقال: (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الحشر:24]، والحسنى مؤنث الأحسن أي لله تعالى أحسن الأسماء وأجلها وأعظمها وأشرفها؛ لاشتمالها على معاني التقديس والتعظيم والتمجيد، وهي أحسن المعاني وأشرفها، وعلى صفات الجلال والكمال لله رب العالمين.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: أسماء الله الحسنى كثيرة ولفظ الجلالة الذي هو "الله" هو الاسم الأعظم، وهو أعلى مرتبة من سائر الأسماء، قال تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45] ومن هذه الأسماء تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة لقوله ﷺ: «إن لله تسعة وتسعون اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة» [البخاري] وقيل: من أحسن مراعاتها والمحافظة على ما تقتضيه وصدق بمعانيها وعمل بمقتضاها وقيل: من أخطر بباله عند ذكرها بلسانه معانيها وتفكر في مدلولاتها متدبرا ذاكرا راغبا راهبا معظما لها ولمسمياتها مقدسا للذات العلية مستحضرا بباله عند ذكر كل اسم المعنى الدال عليه.
وأوضح " جمعة" قائلا: لا يفهم من قوله ﷺ في الحديث المتفق عليه: تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحد: أن الأسماء محصورة في العدد المذكور فقط، لأن أسماء الله تعالى لا يمكن أن يحصيها العد; لأنه لا يمكن لأحد من الخلق أن يحيط بكنهه تعالي، فقد قال سبحانه في وصف كلماته: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ) [لقمان:27]، وقد نقل اتفاق العلماء على ذلك الإمام النووي فقال: واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى; فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء [شرح صحيح مسلم].
وأشار: أسماء الله سبحانه وتعالى منها ما هو أسماء جمال، ومنها أسماء جلال، ومنها أسماء كمال؛ فأسماء الكمال كالأول والآخر والمحيي والمميت والضار والنافع، وأسماء الجمال مثل: الرحمن والرحيم والعفو والغفور, وأسماء الجلال كالمنتقم والجبار والمتكبر، ومن أسمائه ما لا يجوز إطلاقه علي غيره سبحانه كـ "الله والرحمن", ومنها ما يجوز كـ"الرحيم والكريم". ومنها ما يباح ذكره وحده كأكثرها, ومنها ما لا يباح ذكره وحده كـ"المميت والضار"; فلا يقال: يا مميت ويا ضار; بل يقال: يا محيي يا مميت, ويا نافع يا ضار; وذلك تأدبا في حقه تعالى وتفاديا من إيهام ما لا يليق بجلاله تعالى.
وأضاف: ومثل صفاته تعالى وأفعاله يجب تنزيه أسمائه سبحانه عما لا يليق بعظمته وجلاله, ويجب تنزيه سائر أسمائه عن تفسيرها بما يوهم نقصا في حقه تعالى وينافي كماله كتفسير الرحيم برقيق القلب لاستحالة ذلك عليه تعالى; قال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) [الأعلى: 1-2]; أي: نزه اسمه تعالى عن كل ما لا يليق به، ومذهب جمهور أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية أن أسماءه تعالى توقيفية كصفاته; فلا يثبت له اسم ولا صفة إلا إذا ورد ذلك في النصوص الشرعية أو ثبت بالإجماع، ومن حكمة الله في ذكر أسمائه وصفاته أن نتخلق بها كما ورد في الأثر: (تخلقوا بأخلاق الله) فنتخلق من الرحيم بالرحمة ،ومن الكريم بالكرم ،ومن الحليم بالحلم.. وهكذا; فإن جميع الأسماء للتخلق إلا اسمه تعالى "الله" فإنه للتعلق.