«رموني فى الشارع».. «عجوز الفيوم» ضحية جديدة لجحود الأبناء (فيديو)
رجل خمسيني عاش على مدار عقود طويلة يربي أبنائه ويبذل كل ما في وسعه ليحقق لهم الحياة الكريمة التي يتمناها كل أب لأبنائه دون أن يدري أنه أن النتيجة ستكون عكسية.
بجسده الهزيل وملامحه الحزينة جلس الرجل الخمسيني"إبراهيم" على مرتبة بسيطة وضعت في أحد أركان غرفة تبرع له بها أحد الأشخاص لإنقاذه من التشرد، وبجواره زجاجة ماء وبطانية يستخدمها في فصل الشتاء.
بدأ عم إبراهيم يروي لـ«دستور» معاناته مع أبنائه، قائلًا إنه أحد أبناء قرية النزلة التابعة لمركز أبشواي بالفيوم، وكان يعمل سائقًا، متزوج ولديه 6 أبناء 3 منهم فتيات و3 أولاد، وكانت حياته مستقرة وهادئة قبل أن يقترح أبنائه بيع المنزل والانتقال إلى القاهرة لإتاحة فرصة عمل له ولأبنائه الشباب.
وأكمل: “وافقت على اقتراحهم وانتقلنا للعيش بمنطقة زاوية أبو مسلم بمحافظة الجيزة واشتريت منزل هناك للإقامة فيه واشتريت سيارتين ميكروباص مستعملة للعمل عليها أنا وأولادي وسارت الأمور بشكل جيد حتى طلب مني أبنائي شراء سيارة ”ملاكي” للعمل بها في المشاوير الخاصة“، مُشيرًا إلى تعرضه لموقف خاص، وأنه وافق على شراء السيارة الملاكي، ويستكمل حديثه: “بعد سنوات قليلة شاهدت عند عودتي إلى منزلي بعد يوم عمل شاق منظر يسئ إليً وإلى أبنائي وبسبب الصدمة أصبت في حينها بجلطة على المخ”.
ويتابع: اخذوني أولادي إلى إحدى مستشفيات القاهرة لعلاجي وكنت في غيبوبة لمدة 15 يوماً وتمت إفاقتي من الغيبوبة ورجعت لمنزلي بزاوية أبو مسلم، فافتكرت المشهد مرة ثانية لكن زوجتي استدعت اخواتها الاثنين الرجال وقاموا بالاعتداء عليً بالضرب المبرح وتبصيمي على أوارق بيع لجميع ممتلكاتي.
استكمل الأب المكلوم “طردوني أمام أولادي في الشارع بالجلباب وهددوني بالقتل لو رجعت مرة ثانية مما جعلني اصدم من موقف أولادي الصامت فأصبت مرة ثانية بجلطة في الأطراف وقام الأهالي بزاوية أبو مسلم بنقلي إلى إحدى المستشفيات لتلقي العلاج، وبعد الشفاء خرجت من المستشفى ومصيري المحتوم الشارع لعدم قدرتي على العودة إلى منزلي خوفاً من تنفيذ تهديدهم لي بقتلي، وذهبت إلى موقف القاهرة الفيوم لكي أعود إلى عائلتي بمركز أبشواي”.
وقال الشاب عبد الرحمن طالب بأحد المعاهد بالقاهرة، والذي شاهد الرجل المسن يعاني من البرد في موقف القاهرة “أثناء عودتي من المعهد وسفري إلى محل إقامتي بمركز ابشواي اقتربت له ووجدته منهارا من البكاء ولسانه ثقيل فقمت بتهدئته واشتريت له بعض الطعام واستمعت لحكايته كاملة”.
وقال شاب آخر، “طالبت من عم إبراهيم أن يأتي معي إلى مركز أبشواي لتوفير مكان يقيم فيه ورعايته صحيا ونفسيا، فوافق وأثناء استقلالنا لسيارة الميكروباص والعودة إلى مركز أبشواي قمت بعمل اتصالاتي مع رجال أهل الخير بالمركز حتى تم التواصل مع رجل من أهالي الخير وافق على إحضاره ووفر له غرفة بها مرتبة وبطانية وشعلة بوتجاز وبدأت أنا واصحابي بعمل عمليه تبادل بيننا لرعايته.
وقمنا بسؤال عم إبراهيم هل تم التواصل مع أهلك في قرية النزلة أو أبشواي، أنهار مرة ثانية ولم يغلب دموعه قال: “أهلي كانوا يعرفوني لما كان معايا الفلوس والصحة، أما الآن خلاص مبقاش حيلتي شيء.. مفيش غير ابن أختي ربنا يسعده ويحفظه بيزورني كل حين وترك لي بعض المال لشراء الدواء أو الطعام”.
وسألته مرة ثانية هل تواصل معك أحد الأبناء وخاصة بناتك فصرخ ولطم على وجهه ولم تسعفه الكلمات سوى المثل الشهير: “قلبي على ولدي انفطر وقلب ولدي عليا حجر، وأمهم قست قلوبهم عليا وممكن يكونوا خايفين من أخوالهم وأمهم".
ولم استطع تهدئته، وتخوفت عليه من حدوث جلطة أخرى، فحاولت إنهاء الحوار، قلت له: “إيه اللي عايزه يا عم إبراهيم”، فقال: “عايز ربنا يرجعلي حقي أو جزء من ممتلكاتي لكي أستطيع اكمل باقي الأيام من عمري وأخفف الحمل على هذا الرجل الذي أواني في منزله والشباب الذين يقوموا برعايتي”.
في نهاية الحوار طلبت منه أن يرسل رسالة إلى أبناءه لعل قلبهم يحن قال: “يا ابني صدقني أنا عشت أعمل ليلا ونهارا لكي استطيع أن اعيشهم في حياة كريمة.. والله قال: ”وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”.
وتابع أن كله سلف ودين وحقي لو لم أحصل عليه في الدنيا فسوف يرده لي ربنا في الآخرة وأنا خصيم أخوات زوجتي أمام الله تعالى في الآخرة.
وتمنى أن تقوم نقابة المحامين بالفيوم بمناشدة نقيب المحامين حازم طه، بتطويع أحد المحامين لإنصافي وعودة حقوقي.
كما ناشد الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، للنظر في حالته واستكمال علاجه في إحدى المستشفيات الحكومية على نفقة الدولة.