كان يستعمل لأغراض علمية بحتة.. 11 سرًا عن الذهب فى مصر
"لقد أفرغ الدكتور ناجي، بجدارة، خلاصة خبرته خمسة وعشرين عامًا من العمل الحقلي في الصحارى في مجال الاستكشاف الجيولوجي والجّيوكيميائي للخامات المعدنية، منها عشر سنوات كرس فيها جهده لاستجلاء أسرار أمير الفلزات".. هكذا قال الخبير الجيولوجي محمد سميح عافية، في تقديمه لكتاب "الذهب في مصر.. هل ذهب الذهب مع الفراعنة؟" للدكتور ناجي شوقي بطرس، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لعام 2015.
في مقدمة الكتاب، كشف سميح عافية عن أن الدكتور ناجي شوقي بطرس أخذ بيد القارئ لتعريفه باستخدامات الذهب، وكيف يجرى البحث في الصحارى عن خاماته، وكيف يُستخلص الفلز النفيس من تلك الخامات، وأعطى لمحة سريعة عن الإنتاج العالمي والدول القائدة في هذا الميدان، مستطردًا: ومن النظرة العامة انتقل المؤلف إلى الحديث المستفيض عن مصر الفرعونية فسرد تاريخًا لأنشطة استخراج الذهب خلال التاريخ الفرعوني المقسم إلى الدولة القديمة والوسطى والحديثة مدعمًا حديثه بالتحاليل الكيميائية، فضلاً عن تعريف القارئ بالجهود الحديثة لإحياء تعدين الذهب منذ بداية القرن العشرين وكيف أن كل ما استخرج في الفترة من عام 1902 م حتى توقف عام 1958 م كان حوالي سبعة أطنان.
◘ تفاصيل كثيرة استعرضها هذا الكتاب.. وإليك 11 سرا عن الذهب في مصر كما جاء بين صفحاته:
1- احتل الذهب بمَدلولاته المختلفة صدارة المعادن المعروفة أهمية، فهو معدن نبيل ونادر وذو بريق ساحر، وأهمية بالغة تعود إلى أنه بأكثر من زاوية يمكن النظر إليه، فبالنسبة إلى رجال الاقتصاد فإن الذهب هو قاعدة لاستقرار العملة والتجارة الدولية ومصدر لازدهار الأمم، وللمنقبين والباحثين هو كنز لا يقدر بثمن، وللصوص والمجرمين هو الشيء الذي يهون أمامه كل شيء، حتى القتل، وللمرأة زينة تتباهى بها، وفي العصر الحديث توسعت استخداماته لتشمل الصناعات الإلكترونية والكهربائية الدقيقة وأجهزة الاتصالات والمواصلات مثل محركات الطائرات والسفن الفضائية، وكذلك امتدت استخداماته لتغطي مجال الطب.
2- استخدم الذهب منذ القدم في صناعة الحلى والمجوهرات وكغطاء للعملات الورقية، إلا أنه في العصر الحديث استعمل في مجال طب الأسنان كنوع من التزيين داخل الفم، وفي الصناعات الإلكترونية والطبية والكهربائية الدقيقة ومحركات الطائرات والسفن الفضائية وغيرها من الاستخدامات مما يجعل الذهب ملك الفلزات.
3- يتواجد الذهب في الصخور على نمطين إما مكتنفا في عروق المرو وهو ما يعرف بالصورة العروقية أو في صورة منتثرة، ولكل نمط مزاياه وعيوبه، فالصورة العروقية تكون بصفة عامة عالية الرتبة في محتواها من الذهب لكن يعيبها أن تلك العروق محدودة الحجم، وعلى الجانب الآخر تكون خامات الذهب الموجودة في الصورة المنتثرة منخفضة الرتبة في محتواها من الذهب إلا أنها توجد عادة في أحجام لا بأس بها.
4- الفكرة الأساسية المستخدمة على المستوى العالمي لاستخلاص الذهب من خاماته هي رش الخام الحامل للذهب (عروق المرو، نطاقات التغاير، الحديد الشرائطي،... إلخ) بمحلول السيانيد الذي يقوم بإذابة معدني الذهب والفضة ثم يمرر المحلول الناتج بعد ذلك على حبيبات الكربون النشطة، ثم بعد ذلك بواسطة خليط من محلول الصودا والسيانيد يمكن استخلاص الذهب من الكربون النشط مرة ثانية.
5- كانت كميات الذهب المستخرجة من المناجم المصرية خلال الدولة القديمة تغطي الاحتياجات المحلية، وكان هناك قدر للتصدير والمبادلة بسلع من الخارج، كما تثبته تل العمارنة، وكان الذهب يشار إليه في كتابات الدولتين القديمة والوسطى باسم nbw وابتداء من الدولة الحديثة حتى زمن الإغريق والرومان كان اللفظ المستخدم للذهب الصافي هو ktmt.
6- أما بشأن ملازمة الذهب للمصري القديم، فقد كان الذهب يستعمل لتحقيق أغراض عملية بحتة، فقد كانت هناك أختام مصنوعة من الذهب الخالص أو مصنوعة من أحجار صلبة كريمة أو شبه كريمة في يد مصنوعة من الذهب، وكانت هذه الأختام منقوشة لاسم الملك، وتعطى لكبار الموظفين المفوضين في التصرف والتعامل نيابة عن الملك، وكانت طريقة صنع الأختام على هذا النحو سائدة في عصر الدولة القديمة وعصر الدولة الوسطى، أما في عصر الدولة الحديثة فقد ظهر نوع من الأختام على شكل خاتم ثقيل الوزن مثبت فيه فص نقش عليه خرطوش يحمل اسم الملك.
7- لم تبدأ علاقة الإنسان المصري بالذهب مع الدولة الفرعونية، بل ترجع إلى حضارة ما قبل الأسرات، وقد كانت الصحراء الشرقية مصدرا لاستخراج الذهب لفراعنة مصر خلال العصور التاريخية، وقد عثر علماء الآثار والتاريخ المصري القديم على العديد من النصوص المتصلة باستجلاب الذهب، وتتفاوت نسبة هذه النصوص، من عهد إلى آخر خلال التاريخ المصري القديم.
8- اقتصرت معظم عمليات استخراج الذهب من مناجمنا بالصحراء الشرقية في عهد الفراعنة على التعدين الانتقائي للأجزاء الغنية من عروق وعريقات المرو الحامل للذهب، واقتصر هذا الانتقاء على الأجزاء السطحية.
9- هناك قدر محدود من الذهب في صحرائنا الشرقية قد استغل في عهد الفراعنة، فمن المعروف أن أغلب مناجم الذهب بالصحراء الشرقية التي توصل إليها فراعنة مصر، قد تم استغلالها أيضا خلال عهود الرومان والبطالمة وما تلاها حتى توقفت هذه المناجم في عام 1958.
10- يوجد الذهب بنسب معقولة، في عدة مواقع للحديد الطباقي الشرائطي في الصحراء الشرقية، مما يجعل الحديد الطباقي الشرائطي (النوع الألجومي) مكمنا جديدا للذهب في مصر.
11- ما زال الذهب موجود في مناجم الصحراء الشرقية، ولم يذهب مع الفراعنة كما أشيع، فقد زاد اهتمام هيئة الثروة المعدنية بالذهب والبحث عنه منذ عام 1983، إذ شملت خطتها آنذاك برنامجا مكثفا طويل الأجل يهدف تنفيذه إلى دراسة مناجم الذهب القديمة بأساليب ومفاهيم علمية حديثة.