بسبب تركيز المساعدات على أوكرانيا.. الدول الأشد فقرا ضحايا الأزمة الاقتصادية العالمية
يعيش العالم أجمع حالة من الخوف والقلق على خلفية تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي انفجرت بعد عامين من الأزمات المتلاحقة بفعل وباء كورونا من ناحية، والاضطرابات السياسية من ناحية أخرى، ولكن تلك الحالة تتضاعف في الدول النامية والفقيرة، والتي تعيش على المساعدات الدولية.
بينما تركز دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية (المتآثرين بشكل كبير في الأصل من موجة الكساد الاقتصادي) على الدفع بمساعداتهم لمساندة أوكرانيا، الحليفة للغرب، ضد روسيا، ربما يأتي ذلك بنتائج عكسية على بعض الدول التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الأمريكية والأوروبية.
وفي هذا السياق، حذرت الأمم المتحدة من تداعيات تلك الأزمة وآثارها على الدول الفقيرة وعلى الفئات الأشد ضعفًا داخل تلك الدول، وضمن قائمة البلدان المرشحة للتعرض للآثار الأولية لتلك الأزمة، تأتي دول الشرق الأوسط، والبلدان الإفريقية، التي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني بنسب فاقت الـ80%.
انهيار سلتي الغذاء
وتعد كلًا من روسيا وأوكرانيا، خزاني حبوب العالم، حيث يوفران نحو 30% من مجمل احتياجات سكان الكرة الأرضية من القمح.
وباستخدام إفريقيا، كمثال قالت وزيرة التجارة النيجيرية السابقة إن 35 بلدًا من أصل 55 في القارة تستورد القمح وحبوبًا أخرى من روسيا وأوكرانيا، و 22 دولة تستورد الأسمدة من البلدين.
وأضافت أنه يتضح من الدراسات التي يجريها حاليًا بنك التنمية الإفريقي أن أسعار المواد الغذائية سوف ترتفع بنسبة 20-50 في المئة في الكثير من البلدان.
دول مهددة بالمجاعة
فيما توقع برنامج الأغذية العالمي، أن تدفع جائحة كورونا 96 مليون شخص في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية إلى شفير انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وتتركز المناطق الأكثر عرضة لمخاطر انعدام الأمن الغذائي في أفغانستان وبوركينا فاصو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهايتي والنيجر ونيجيريا والصومال وجنوب السودان والسودان واليمن وزمبابوي. ولهذه الأرقام آثار أيضًا على تنمية رأس المال البشري ونواتج التغذية في أفقر بلدان العالم في السنوات القادمة.
كما تأتي لبنان بين تلك الدول، كونها كانت تنتظر توحيد القوى العالمية من أجل حل أزمتها السياسية والاقتصادية، ولكن من التركيز الغربي من أوكرانيا، قد يزداد الوضع الاقتصادي في لبنان سوء.
ووفقًا لمعطيات البنك الدولي، أدت تلك الأزمات إلى وقوع أكثر من 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر، مع تضخم أسعار السلع وانهيار غير مسبوق للعملة المحلية.
كما كان لجائحة كورونا أثر كبير على مستويات الإنتاج المحلي والدورة الاقتصادية، ليأتي انفجار مرفأ بيروت في 2020، الذي أتى على صوامع الحبوب (المخزون الاستراتيجي للبلاد) ومعها على أكثر من ثلث المدينة.
تحذيرات أممية
من جانبه، حذر فريق عمل تابع للأمم المتحدة في تقرير جديد من أن حرب روسيا تهدد بتدمير اقتصادات عدة بلدان نامية تواجه الآن ارتفاعًا في تكاليف الغذاء والطاقة، وأزمات مالية متزايدة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، أن الحرب تتسبب في أزمة في الغذاء والطاقة والتمويل في البلدان الفقيرة التي كانت تكافح بالفعل قبل الحرب لمواجهة جائحة فيروس كورونا وتغير المناخ وعدم وجود تمويل كاف لإنعاش اقتصاداتها، بحسب ما أوردته وكالة "أسوشييتد برس".
ويأتي التقرير في سياق إنشاء جوتيريش، بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، لـ"مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية بشأن الغذاء والطاقة والتمويل" وتقديم التقارير إلى اللجنة التوجيهية التي تضم جميع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية.
كما اعتبر أن لا شيء يمكن أن يحل محل الإرادة السياسية، قائلًا: "نحن بحاجة إلى حلول سياسية لاتخاذ قرارات من أجل تنفيذ الخطوات اللازمة لمواجهة التحديات التي تعصف بالعالم من بينها الاقتصادية والمناخية".
وقالت رئيسة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ريبيكا جرينسبان، والتي نسقت فريق العمل، إن 107 دول تتعرض بشكل كبير لبعد واحد على الأقل من أبعاد أزمة الغذاء والطاقة والتمويل، وإن 69 دولة معرضة بشدة للأزمات الثلاث.
وأضافت: "تواجه هذه الدول ظروفًا مالية صعبة للغاية بدون قدرات مالية، وبدون تمويل خارجي لتخفيف حدة الأزمة".
وشدد "جوتيريس" على أن العالم يواجه فترة حرجة على عدة أصعدة، وأنه من الضروري أن يتحرك السياسيون لتنفيذ عدد من الخطوات، كما تحدث عن الدور المهم الذي يلعبه عدد من المنظمات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتابع قائلًا: "حجم الحاجة والمعاناة اللتين نشاهدهما حول العالم ضخم، بما في ذلك أوكرانيا، من قبل أشخاص عانوا تبعات كورونا والتغير المناخي والنقص في اللقاحات والنقص في الدعم المادي للتعافي، نحتاج للتحرك وبسرعة، الموارد متوفرة والخطوات واضحة، هناك دول لديها مخزون غذاء عالٍ يمكن أن تتيحه في السوق (للتخفيف من صدمة الحرب على استيراد القمح وغيره على السوق العالمية) كما يجب رفع القيود، ولكن الأهم من كل شيء أنه علينا أن نستغل وبشكل فوري الإمكانيات الاقتصادية المتاحة".
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة موضحًا: "لقد قلت ومنذ فترة طويلة إن النظام الاقتصادي العالمي فاسد أخلاقيًا، وقلت إننا نحتاج إلى إصلاحات عميقة للنظام الاقتصادي العالمي، ولكن الآن يجب التحرك وبشكل طارئ واستخدام الأدوات المتاحة".