عباس العقاد يتحدث عن طفولته فى العيد
ذكر المفكر الكبير عباس محمود العقاد ذكرياته عن العيد في طفولته وذلك في مقال كتبه بمجلة "الهلال" عام 1963، حيث يقول: "من العيد تعلمنا أن الطفل الصغير شيء مهم في البيت أو أننا نحن بذواتنا أشياء مهمة لأننا أطفال، تبتدئ تهنئات العيد في مدن الريف بعد مغرب الشمس من يوم الوقفة، وتكون مقصورة على ذلك اليوم على الجارات القريبات من المنزل لأن الغالب عليهن أن يذهبن صباح العيد مبكرات إلى القرافة لتفريق الصدقة على أرواح الأموات، وتدخل الجارات واحدة بعد الأخرى يرددن صيغة لا تتغير انتهى بهذا الدعاء، "يعود على كل سنة بخير أنت وصغيرنيك وصاحب بيتك والحاضرين والغائبين، وتوزيع الملابس الجديدة على صغار الاولاد، وقد ابتدأت على سرعة الوالدة وسرعة، ولكن وهذا هو العجب في غضب وشدة وأحيانا في غضب، وصياح "تعال يا ولد اذهب يا مسخوط، مع تسبيحة أو اثنين من قبيل" ان شالله ما لبست، انشالله ما استحميت".
ويكمل:"كنا قد اعتدنا هذا الموشح في كل عيد، وأكثر من ذلك حين تزدحم الجارات وحي تكون أقربهن إلى الدار على استعداد للشفاعة وترديد الجواب المألوف في هذه الاحوال" بعيد الشر.. بعيد عن السامعين"، وخطر لي يوما أن هذا كثير على عملية التغيير، فرفضت الكسوة الجديدة، وذهبت صباح العيد إلى منزل جدتي بثوبي الجديد، وكان من تقاليد العيد أن ترس رؤوس الذبائح إلى الجدات أم الأب أو أم الأم من كانت منهما على قيد الحياةوأم الأب مفضلة إذا كانت الجدتان تعيشان.
ويواصل: "فلما دخلت منزل جدتي "أم أ/ي" وهي ضريرة سمعت الأطفال يعجبون بلبسي فقربتني الجدة العطوف إليها وسألت في لهفة" ما الخبر يا ولديلماذا تلبس لثوب القديم، ألم يحضروا لك ثيابا جديدة، فقلت لها:" بلى أفهم أنهم قد أحضورها، ولكني رفضت أن آخذها من يد بنتك لانها تشتمنا لأنها تشتمنا وتزعق فينا، فابتمست ةهي تعرف بنتها وصاحت"بنتي.. وكيغ كانت القصة؟، فأعدت عليها القصة وسألتني:" أكان عندكم احد من الجيران عندكم في تلكا لساعة؟، فحسبت انها تطلب شهودا فقلت:" كثيرات فلانة وفلانة ".
واختتم:" ولم تمهلني ان اكمل فقالت:" وأنت العاقل يا عباس تقول هذا، إن أمك لا تغضك ولا لا تبغضك ولا تدعو عليك ولكنها تصرف النظر، وفهمت معنى تصرف النظر بعد شرح قليل وخلاصتها أن رؤية الأم في مساء العيد بين أطفالها الفرحين المتهللين بالعيد تفتح أعن الحاسدات اللاتي حرمن الاطفال ولا يحتفلن بتغييرات العيد هذا الاحتفال فإذا شهدت أمرا تشعر بالسخط بدلا من الفرح، لاول مرة أشعر أن الطفل قنية البيت يحسد عليها الامهات وما كنت أفهم قبل ذلك إلا أنه من غلب الحياة أو هموم المعيشة".