كشفها «العائدون».. كيف تستخدم المخابرات الغربية «داعش» لتنفيذ أغراضها؟
كشف مسلسل “العائدون” عن الدور الذي تلعبه المخابرات الغربية في صناعة تنظيم داعش الإرهابي الدموي، وكيف أن هذه الأجهزة تعيد توزيع التنظيم وأفراده وتنقلهم من بلد إلي آخر، تبعا للمخططات والأغراض التي تستهدفها مصالح دول هذه الأجهزة.
فخلال الحلقات الماضية نري كيف يسعي “كمال أقطاي”، رجل المخابرات التركية، إلي نقل مقاتلين تنظيم داعش من سوريا إلي دول أخري في أفريقيا، وكيف أنها تتخذ من الدول التي تمر بها كمحطات “ترانزيت” نقطة إنطلاق إلي أهداف في دول أخري لبث الفوضي فيها.
كما رأينا كيف أن “سياف” قتل أمير التنظيم، حيث أن الأخير رفض الخروج من سوريا والعراق ــ أرض الخلافة ــ إلي المناطق الأخري التي حددها له كمال أقطاي.
وفي كتابه “صور الجهاد من تنظيم القاعدة إلي داعش”، يشير الباحث سلامة كيلة، إلي أن المتتبع للمنظور الأمريكي في سبعينيات القرن العشرين، يلمس وجود ميول لدي فئات مؤثرة في الولايات المتحدة الأمريكية لبناء مجموعات “إسلامية”، هدفها استثارة الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي، لكن غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان أفضى إلي تشكيل حالة “المجاهدين” الذين قاتلوا الاتحاد السوفيتي لأفغانستان انطلاقا من منظور إسلامي هذه فكرة “بريجنسكي” مستشار الأمن القومي الأمريكي، والذي أقنع الرئيس جيمي كارتر بها.
ــ المخابرات الأمريكية دربت المقاتلين في باكستان وأفغانستان
ويلفت “كيلة” إلي أن: المخابرات الأمريكية دربت آلاف المقاتلين في باكستان وأفغانستان، لكنها لم تقف عند ذلك فقط، بل شكلت مجموعات تخريب ضد الثورات في أمريكا اللاتينية والتي عرفت بــ “فرق الموت”، بالتالي كان عليها أن تشكل مجموعات تخريب أيضا في الشرق الأوسط.
ولقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي، والنظم الاشتراكية في أوروبا الشرقية إلي البحث عن عدو يسمح لها بالسيطرة على العالم، لكي تكون قادرة على حل مشكلاتها الاقتصادية التي تصاعدت منذ سبعينيات القرن العشرين. هذا الأمر جعلها تعمل علي “اختراع عدو” كما أسمي في أدبياتها، عدو يبرر لها التدخل العسكري للسيطرة علي دول، باتت مهمة في استراتيجيتها الكونية. وكان منظورها في السيطرة علي أفغانستان لمنع تحقيق تحالف آسيوي أوروبي بين (الصين وروسيا وأوروبا).
كما أشار هنري كسينجر، للسيطرة على النفط باحتلال العراق. من أجل الوصول إلي ذلك تحول “المجاهدون العرب” إلي تنظيم القاعدة، التي باتت تستفز أمريكا ببعض العمليات العسكرية ضد سفارات لها، وصولا إلي أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة ٢٠٠١ .
ــ هكذا شجعت أمريكا الحركات الجهادية والسلفية
ويشدد “كيلة” على: إذا كانت الإمبريالية الأمريكية معنية بتعميم الأصولية، لتكريس تخلف المجتمعات، وتحويل وعيها من لمس واقعها إلي التعلق بأفكار دينية، تلهي الشعوب عن واقعها هذا، فقد انتقلت إلي خطوة أخرى، تتمثل في تشكيل تنظيمات، تلعب دورا تدميريا في هذه المجتمعات، ما يسمح بتحويل الصراع من طابعه الطبقي إلي طابع ثقافي أو ديني، ما يدخله في متاهات، لا حل لها، لأنه يفرض تفكيك المجتمع، لهذا نجد أن الإمبريالية شجعت السلفية عموما، والجهادية خصوصا. أمريكا الإمبريالية باتت معنية بتفكيك المجتمعات، من خلال المجموعات السلفية “الجهادية”، هذا ما فعلته منذ "المجاهدين العرب إلي تنظيم القاعدة وفروعها إلي داعش وفروعها كذلك. هنا كان الدور الأمريكي يتحدد في تعميم السلفية ودعمها، وتسهيل أدوارها التي تصب في خدمة السياسة الأمريكية.
ــ داعش تعود إلي مالكها
ويضيف الباحث سلامة كيلة: يظهر الآن وبشكل واضح أن داعش أو دولة الخلافة، قد عادت جزءا من التكتيك الأمريكي للتدخل في المنطقة، والذي يوضح طبيعة التنظيم “داعش” الذي لعب أدوارا متعددة منذ أن أن أنشأه “أبو مصعب الزرقاوي” تحت مسمي تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين سنة ٢٠٠٥ كامتداد لتنظيم القاعدة، وحيث لعب أدوارا مهمة في إيصال الوضع العراقي إلي ما وصل إليه من صراع طائفي وتدمير للمقاومة التي واجهت الاحتلال الأمريكي، والضغط علي “السنة” من منظور ديني متشدد لدفعهم للتكيف مع العملية السياسية.
ــ الحرب بــ “داعش”
ويلفت “كيلة” إلي أن حجم داعش وقدرتها كبرتا بعد الحرب الأمريكية عليها، حيث ورغم مئات وربما آلاف الغارات التي شنتها قوات التحالف الدولي، لا تزال داعش تتقدم وتتوسع، ورغم أن منطقة الحرب صحراوية ومكشوفة، وليست جبلية، لكي تصعب علي الطائرات الأكثر حداثة وتطورا.
تقدمت داعش نحو “عين العرب” الذي كان من الممكن للقصف الجوي أن يقطع طرق الإمداد عنها، ودخلتها ليصبح القصف للمدينة، وهكذا في هيث والأنبار وحيث تتقدم داعش نحو بغداد ــ الكتاب صادر في ٢٠١٦ ــ آلاف الغارات لم تقتل سوي عشرات وآلاف الأطنان من الأسلحة لم تؤثر في مسار توسع سيطرة داعش، أمر يطرح الأسئلة، حيث يظهر أن دور طيران التحالف الدولي هو حماية تقدم داعش وليس مواجهتها وتسهيل سيطرتها وليس وقف توسعها.