المفتي يناشد التجار بالبعد عن الجشع والاحتكار
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إننا لا نستطيع أن نوفي حقَّ أمِّنا خديجة رضي الله عنها في كلمات يسيرة، فقد عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآزرته ودعمته دعمًا لا حدود له.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "مكارم الأخلاق في بيت النبوة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، اليوم، مضيفًا فضيلته أن السيدة خديجة عرفت أخلاق سيدنا محمد بصورة حقيقية من خلال عمله في تجارتها وقد زكَّاه لديها غلامُها ميسرة بسبب كثرة مخالطته للنبي الكريم في الأسفار والرحلات التجارية التي تعدُّ الاختبار الحقيقي لمعرفة أخلاق الرجال؛ فقد اجتمع في رسول الله الكمال الأخلاقي، فقد كانت أخلاقه مكتملة بلا زيادة أو نقصان.
وأكَّد مفتي الجمهورية أنَّ النبوة شرف عظيم، وكانت لها إرهاصات ومقدِّمات وملامح ظهرت مبكرًا في شخص الرسول الكريم، وهو ما اكتشفه فيه كثير من الرهبان والمطلعين على علاماتها في كتب الأديان السابقة في عصره مثل بحيرا الراهب وورقة بن نوفل وغيرهما.
واستعرض مفتي الجمهورية الأخلاق النبيلة في مجال التجارة وغيرها والتي اتصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، مناشدًا التجَّار في الظروف الراهنة أن يتمسَّكوا بها والبعد عن الجشع والاحتكار.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى كثير من الدروس المستفادة من تحرِّي السيدة خديجة الدقيق لأخلاق النبي الكريم قبل الزواج منه، داعيًا جميع الأسر والعائلات وكذلك المقبلين على الزواج لحسن اختيار شريك الحياة اختيارًا مناسبًا؛ تفاديًا لحدوث أي عواصف أو عقبات في الحياة الزوجية؛ فينبغي ألا نحصر الاختيار في معيار معين دون الأخلاق أو المنبت الصالح.
وشدَّد مفتي الجمهورية على ضرورة الاقتداء بأحوال البيت النبوي الشريف، والتماس المنهج النبوي الشريف في التعامل مع الزوجات، وأهمها التواصل والترابط بين جميع أفراد البيت، مشيرًا إلى غياب ذلك للأسف في كثير من الأسر المعاصرة، حيث أصبح إدمان وسائل التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها أحد العوامل المسببة لزيادة حالات الطلاق، طبقًا لما أثبتته عدة دراسات اجتماعية وإحصائية؛ حيث انكفأ كلُّ واحد من الزوجين أغلب أوقاته على جهازه وعالمه الافتراضي الخاص، واتَّخذه متنفسًا له في تعدُّد العلاقات والصداقات التي تضرُّ كيان الأسرة، وكذلك نشر مختلف أحوال حياته وشئونه الخاصة.
وأضاف أن أسباب وقوع الطلاق لا يشترط توافرها جميعًا في كل الحالات، بل لكل حالة ظروفها التي تختلف بها عن غيرها. ومن أسباب حدوث المشاكل الأسرية كذلك الجهل بالحقوق الزوجية، وكذلك التدخل الخاطئ للأهل والأقارب في الحياة الزوجية لأبنائهم.
وأشار فضيلته إلى أنَّ الشرع الحنيف جعل الأهلَ والأقاربَ مصادر مكملة للأسرة من أجل تحقيق الاندماج بين الزوجين، وشرع في حقِّهم تجاه الزوجين النصيحةَ والإرشادَ ومدَّ يد العون والمساعدة في تبادل الخدمات المادية والمعنوية، ولكن هذا الأمر مقيَّد بعدم توسع هؤلاء وتغلغلهم داخل الأسرة إلى حدٍّ يصل بالأمر إلى تحفيز أحد الطرفين ضد الآخر، فلا يخفى ما في ذلك من المفاسد التي تهدِّد هذا الميثاق الغليظ، فينبغي أن يكون هذا التدخل في الإطار المحمود الذي يدعم استقرار الأسرة ويحافظ على سريان المودة والرحمة والتفاهم بين الزوجين، وليس لجلب المزيد من المشاكل والشقاق والعقبات وغيرها من الأمور المخالفة لسيرة النبي الكريم داخل البيت النبوي وخارجه.
وأضاف فضيلة مفتي الجمهورية أن الزكاة المفروضة لها مصارف حددها الله عزَّ وجلَّ، ومنها الفقراء والمساكين، ولا مانع من إخراجها للفقراء على العموم دون تفرقة بين إنسان وآخر في أوقات الأزمات، وهذا ما تبنَّته الدار استنادًا لرأي فقهي قديم، وخاصة في أوقات الأزمات والظروف الاستثنائية الطارئة التي تحل بالأمة، فهذه الظروف لم تفرق بين إنسان وآخر.