«أمان» يكشف حقيقة ضريح حفيد سيف الله المسلول بالإسكندرية (تحقيق)
غرفةً ذات قبة زينت بأزهى زخارف العهد الفاطمي، يحميها باب من خشب ذو نقوش إسلامية، قابعة بمسجد تعدى عمره 950 عاما، وفي الغرفة ضريح كساه القماش الأخضر، بجواره رواق لغرفة أخرى بها لوحة من الرخام كتبت عليها آيات قرآنية بالخط الكوفي.
هكذا كان المشهد داخل ضريح الإمام محمد بن سليمان بمسجد العطارين بمحافظة الإسكندرية، الذي شيد في العصر الفاطمي محل كنيسة القديس "أثناثيوس"، المسجد قد شيده أمير الجيوش بدر الجمالي، وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمي في عام 477 هجريا، 1056 ميلاديا، في إحدى المناطق العتيقة بالإسكندرية.
عبارة نقشت باللون الأخضر على حجر يعلو أحد أبواب مسجد العطارين التاريخي، كتب عليها: "هنا يرقد سيدي محمد بن سليمان خالد بن الوليد، ومهرت بجانبها تاريخ ترميم المسجد في عهد الخديو عباس حلمي 1319 هجريا، والذي أعيد بنائه وترميمه مرة أخرى على شكله الحالي في 1976 ميلاديا، وقد تواردت الأحاديث بين الناس أن صاحب الضريح هو حفيد الصحابي خالد بن الوليد.
"أمان" بدأت تحقيقها في الأمر الذي يكشف النقاب عن حقيقة ذلك الإمام المتصوف الذي جاء من المغرب، واتخذ من المسجد مسكنا له، وكان من تلاميذ الإمام أبي العباس المرسي، حتى توفي في عام 717 هجريا 1296 ميلاديا في عهد الخليفة العباسي الحاكم بأمر الله.
في البداية، قال الشيخ محمد صفوت فودة، وكيل المشيخة الصوفية بالإسكندرية، في تصريحات لـ"أمان"، إن الضريح المتواجد بمسجد العطارين هو ضريح محمد سليمان خالد بن الوليد، حفيد سيف الله المسلول خالد بن الوليد، كما كتب على الضريح من الخارج، مشيرا إلى أنه كان يعمل عطارا في تلك المنطقة التي سميت بالعطارين وتم تجديد المسجد في عصر الخديوية، والذي لا يقل عمره عن 800 عام.
ومن جانبه، أشار أحد مريدي الضريح وزواره، إلى أنه يمكن أن يكون الإمام محمد بن سليمان هو حفيد الصحابي خالد بن الوليد من جهة الأم وليس من الأب كما أشيع عنه وكتب على لوحة بخارج المسجد.
فيما أكد إسلام عاصم، نقيب المرشدين السياحيين السابق ورئيس جمعية التراث والفنون التقليدية فى الإسكندرية، أن ذلك الإمام المدفون داخل مسجد العطارين بالإسكندرية، ليس له علاقة بخالد بن الوليد الصحابي المعروف، كما كتب أعلى بوابة الضريح من خارج المسجد.
وأوضح عاصم، في تصريحات لـ"أمان"، أن الإمام المدفون بالمسجد هو محمد بن سليمان الصنهاجي، وهو واحد من الأئمة الذين درسوا العلوم الدينية في الإسكندرية وعاش فيها ودفن في مكانه الحالي، مشيرا إلى أنه أثناء افتتاح المسجد في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني لم يكن معلوم أصوله فأضافوا لاسمه خالد بن الوليد.
وأكد أن الصحابي خالد بن الوليد، من المعروف عنه أن له ابنا اسمه سليمان ولكن كان سليمان بن خالد بن الوليد مات دون ولد، وهذا ما أكده أساتذة الأثار الإسلامية والتاريخ الإسلامي أن الشخص المدفون في مسجد العطارين واحد من الأئمة في القرن الثامن أو التاسع الهجري، وهو محمد بن سليمان الصنهاجي المراكشي.