خاص- «حضرت إعدام شكري مصطفي».. مذكرات محمود عزام الأمير الثاني لجماعة التكفير والهجرة
هاتفته منذ يومين لم يرد، لكنه فى الثانية فعل، كان الصوت مختلفًا عن كل مرة تحدثنا فيها.. أعدت النظر مرة أخرى لشاشة هاتفي مستغربًا لأتأكد أن من طلبته هو الشيخ محمود عزام، لكن ابنه فاجأني: "لقد مات الشيخ قبل شهرين.. لكنى أتذكرك عندما زرتنا ودونت مذكراته ورحلته فى التنظيمات الإسلامية".
عدت لأوراقي القديمة واستخرجت ما كنت قد وثقته من كلمات وأعدت الاستماع للتسجيلات التى كنت أحتفظ بها مسبقًا، فقد التقيت الشيخ محمود عزام فى العام البائس لحكم الإخوان لمصر، حيث كان ينشط الإسلاميون أو ما يعرفون بالجهاديين السابقين فى منزله بقرية الشوبك الشرقي فى حلوان (جنوب القاهرة)، وسألني لماذا أهتم بمثل هذا النوع من المذكرات لأعضاء التنظيمات الجهادية والإسلامية، فقلت له إنه جزء من تاريخ مصر، إضافة إلى أنه مع نشر تلك المذكرات ويرى المتشددون من الشباب رحلة إرهابي سابق ثم توبته وعودته للحياة الطبيعية الوسطية ربما قد نوفر عليه المشوار فى هذا المشوار الصعب، وننقذ أرواحًا لا نعرفها.. وافق وبدأ فى سرد مشواره، موضحًا قبل أن يتكلم ضاحكًا: "كل ما سأقوله تراجعت عن الكثير فيه لأننى اكتشفت أخطاء كثيرة فى تلك الجماعات".
قال في بداية حديثه: "اسمي محمود عبدالعزيز عزام، ولدت فى قرية الإخصاص التابعة لحلوان عام 1948، ثم التحقت بمعهد التعاون التجارى، وقبض علىّ فى السنة الثالثة، بسبب انتمائي لجماعة التكفير والهجرة التى أسسها شكري مصطفى".
وأضاف: "كنت أنتمى منذ شبابى للطرق الصوفية، وكنت لا أفهم حينها الكثير فى الدين ولذلك أنكرتها واستنفرتها، لأنها تأخذ من الشريعة ما تريد وتترك ما لا تريد حسب الهوى (حسبما كنت أظن حينها)، ثم التحقت بجماعة أنصار السنة ووجدتهم أيضا يتعاملون مع النصوص الشرعية حسب أهوائهم، حيث كنت أحضر دروس الشيخ المراكبى، لكنى وجدتهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر بما أمر الله، وإذا تحدثت عن الجهاد والسياسة فيكون الزجر والرفض هو رد فعل مشايخ أنصار السنة، وفى إحدى المرات دارت بينى وبين الشيخ المراكبى مناقشة ساخنة، عندما هاجم أصحاب اللحى فى إحدى خطبه قائلا إنها مزيفة، فقلت له: اتق الله يا شيخ فقد أمرنا الرسول بها، ولها نصوص قاطعة.. فسكت ولم يستطع الرد، لأنهم كانوا لا يتركون اللحى وغير ملتزمين بالدين والشريعة، وكان كل همهم الهجوم على الطرق الصوفية ومن يحضرون مولد السيد البدوى، لذلك تركتهم وتعلقت بالشيخ محمود خطاب، مؤسس الجمعية الشرعية، وحضرت دروسا دينية للشيخ المشتهرى، أحد كوادرها، وتركتهم أيضا لأننى وجدتهم مثل غيرهم لا يلتزمون بما أمرهم الله".
انضممت للإخوان
فى بداية السبعينيات انضممت لجماعة «الإخوان المسلمون»، عقب إعدام سيد قطب، وكان جارى بشارع حيدر الشيخ محمد قطب، الذى كانت شهرته بعد إعدام شقيقه كبيرة، لكنه كان بلا كاريزما، وكان الإخوان وقتها يعتبرون حسن البنا مثل أمير المؤمنين، وحضرت معهم بعض مجالسهم، لكننى لم يعجبنى أمرهم، حيث كانوا وقتها يضمون عددا من الفنانين والعُمد والمستشارين لمجرد مناصبهم الدنيوية، ولكنهم لم يكونوا يطبقون الشرع أيضا، فهم يسعون فقط للسيطرة على الحكم بأى طريقة كانت دموية أو دعوية.
فى عام 1965 كان شكرى مصطفى، أمير جماعة التكفير، فى المعتقل مع سيد قطب والهضيبى، مرشد الإخوان، وغيرهم من الجماعات الإسلامية، وخرج شكرى لينتقد الانفصال بين الجماعات والتيارات الإسلامية على أشياء ليست لها أهمية كالاجتهادات، فبدأ تكوين جماعة التكفير والهجرة، وكان قصيرا ويطلق شعره ولحيته وهو أول من جعل النساء فى جماعة التكفير ترتدى النقاب كاملا، والرجال يطلقون لحاهم، ووجدته يأخذ بالدين كله وينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف ويقضى على الطواغيت ويجاهد فى سبيل الله لتطبيق الشرع ويأخذ بالأصول، وكنا نلتقى أعضاء الجماعة فى شقق سرية بالمحافظات ولا نجتمع فى المساجد، لأنها كانت مراقبة من أمن الدولة، وفى هذا الوقت كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات يترك الجماعات الإسلامية بحريتها ليستخدمها فى ضرب الشيوعيين.
واتخذ شكرى خمسة مشايخ مقربين له فى جماعة التكفير ليكونوا هم مجلس شورته، وكان أشهرهم صفوت الزينى ومحمد الأمين، حيث كان شكرى يكبر الشيخ عزام بـ10 سنوات وكان قريبا منه معنويا رغم أننى كنت أعارضه أحيانا فى الأصول أو إذا خالف المنهج، وبايعناه أميرا لجماعة التكفير، وحينها وضع منهجا للانضمام للتكفيريين، وكان يصف جماعته بالمسلمين المؤمنين وكل من خارج الجماعة فهو كافر، حتى لو كان والدا لهم أو أما، وحينها كنت شابا متحمسا رغم أننى لم أكن دارسا بقدر كاف للعلوم الإسلامية، فاعترضت على منهج التكفير لكل المسلمين الذى وضعوه لعدم اقتناعى بمنهج التكفير، فكل مخطئ استحل الكبائر يكون كافرا حينها، وهو ما رفضته فى الجماعة لأنهم يكفرون مباشرة دون نقاش.
تصفية المعارضين لتوحيد الجماعة
ازدادت أعداد جماعة التكفيريين فى أنحاء الجمهورية، وأصبحت تضم الآلاف من المسلمين وصارت الأقوى فى مصر حينها، وكان لا يجرؤ أحد أعضائها على أى فعل دموى من قتل أو خطف لأى «مسلم» إلا بعد إذن وموافقة شكرى، الذى أراد حينها تجميع كل الجماعات الإسلامية والتيارات السلفية تحت راية واحدة هى «جماعة التكفير والهجرة»، وكانت فكرة جيدة إلا أنه طبقها خطأ، فأرسل خطابا إلى عمر عبدالرحمن، المسئول عن الجماعة الإسلامية والمفتى لجماعات الجهاد حينها، وأيضا إلى الشيخ عبدالله السماوى أكبر قيادى للجبهة السلفية، حيث كان له جمهور حاشد فى منطقة العتبة، وأرسل أيضا لزعماء تيارات الجهاد وأنصار السنة والجبهة الشرعية وغيرها، طالبا منهم الدخول تحت رايته والعمل بما أمر الله لإقامة الدولة الإسلامية، إلا أنهم رفضوا مشاركته أو الدخول تحت تنظيمه الذى يكفر المسلمين، فرأى شكرى تصفيتهم، وبدأ بضربهم الإمام الهلالى القيادى بالجهاد حينها، واعتبرهم مرتدين وكفارا كما كنت أعتبرهم حينها لأننى كنت شابا متحمسا لتطبيق الشرع.
خطف وزير الأوقاف الشيخ الذهبي واغتياله
وبدت الجماعة أقوى بكثير من أى تنظيم آخر واتسعت بالمحافظات، فأصبح شكرى يهدد الحكومة والدولة، وأرسل مجموعة من المقربين له لخطف الشيخ الذهبى، وزير الأوقاف حينها، لأنه أصدر كتابا يهاجم فيه «جماعة التكفير والهجرة» وينتقد شكرى ومجموعته، ففى الثانية صباح يوم الأحد يوليو عام 1977، أرسل مسلحين إلى شارع السايس فى منطقة حدائق حلوان جنوب القاهرة، وأمام منزل الدكتور حسين الذهبى، وزير الأوقاف السابق، وقفوا بينما كانت هناك حالة صمت تحيط بالمكان المنعزل، وفجاءة انقلب الهدوء إلى صخب والصمت إلى توتر، إذ توقفت فجأة سيارتان ونزل منهما ستة شباب مدججين بالأسلحة أحدهم يرتدى زى شرطى برتبة رائد واندفع خمسة منهم نحو مدخل الفيلا بينما بقى سادسهم ليغير إطار السيارة التالف، وطرق الشباب المسلحون باب الشيخ وطلبوا من ابنه أن يوقظ أباه مدعين أنهم من جهاز مباحث أمن الدولة، وحاول الابن منعهم، لكنهم لم يتركوا له فرصة للتحاور معهم، وفى تلك الأثناء استيقظ الشيخ وطلبت منه ابنته أسماء ألا يذهب معهم، وخرج الشيخ لملاقاتهم وجادلهم فى البداية طالبا منهم إبراز تحقيق الشخصية، لكنهم اقتادوه بالقوة، لكنهم اكتشفوا أن سائق السيارة الثانية ما زال يغير إطار السيارة فاندفعوا داخل السيارة الأولى وفروا هاربين تاركين خلفهم السائق الذى واجه ضربا مبرحا من جيران الشيخ، ليصبح هذا السائق أحد المفاتيح المهمة، الذى حاول من خلاله رجال الأمن التوصل إلى الجناة، بعدما أخذوه إلى الهرم وهددوا الحكومة أسبوعا كاملا بعد أن أعلنوا مسئوليتهم عن خطف الذهبى، وكانوا كل يوم يطالبون الحكومة بالإفراج عن كل معتقلى جماعة التكفير وإعطائهم قطعة أرض كبيرة تكون مخصصة لهم لتقيم بها الجماعة منفردة، ومبلغ 300 ألف جنيه مقابل عودة الذهبى وعدم ذبحه، لكن الحكومة تجاهلت كل شىء ولم تحقق مطلبهم فقتلوه بالرصاص.
تصفية المعارضين لتوحيد الجماعة
ازدادت أعداد جماعة التكفيريين فى أنحاء الجمهورية، وأصبحت تضم الآلاف من المسلمين وصارت الأقوى فى مصر حينها، وكان لا يجرؤ أحد أعضائها على أى فعل دموى من قتل أو خطف لأى «مسلم» إلا بعد إذن وموافقة شكرى، الذى أراد حينها تجميع كل الجماعات الإسلامية والتيارات السلفية تحت راية واحدة هى «جماعة التكفير والهجرة»، وكانت فكرة جيدة إلا أنه طبقها خطأ، فأرسل خطابا إلى عمر عبدالرحمن، المسئول عن الجماعة الإسلامية والمفتى لجماعات الجهاد حينها، وأيضا إلى الشيخ عبدالله السماوى أكبر قيادى للجبهة السلفية، حيث كان له جمهور حاشد فى منطقة العتبة، وأرسل أيضا لزعماء تيارات الجهاد وأنصار السنة والجبهة الشرعية وغيرها، طالبا منهم الدخول تحت رايته والعمل بما أمر الله لإقامة الدولة الإسلامية، إلا أنهم رفضوا مشاركته أو الدخول تحت تنظيمه الذى يكفر المسلمين، فرأى شكرى تصفيتهم، وبدأ بضربهم الإمام الهلالى القيادى بالجهاد حينها، واعتبرهم مرتدين وكفارا كما كنت أعتبرهم حينها لأننى كنت شابا متحمسا لتطبيق الشرع.
خطف وزير الأوقاف الشيخ الذهبي واغتياله
وبدت الجماعة أقوى بكثير من أى تنظيم آخر واتسعت بالمحافظات، فأصبح شكرى يهدد الحكومة والدولة، وأرسل مجموعة من المقربين له لخطف الشيخ الذهبى، وزير الأوقاف حينها، لأنه أصدر كتابا يهاجم فيه «جماعة التكفير والهجرة» وينتقد شكرى ومجموعته، ففى الثانية صباح يوم الأحد يوليو عام 1977، أرسل مسلحين إلى شارع السايس فى منطقة حدائق حلوان جنوب القاهرة، وأمام منزل الدكتور حسين الذهبى، وزير الأوقاف السابق، وقفوا بينما كانت هناك حالة صمت تحيط بالمكان المنعزل، وفجاءة انقلب الهدوء إلى صخب والصمت إلى توتر، إذ توقفت فجأة سيارتان ونزل منهما ستة شباب مدججين بالأسلحة أحدهم يرتدى زى شرطى برتبة رائد واندفع خمسة منهم نحو مدخل الفيلا بينما بقى سادسهم ليغير إطار السيارة التالف، وطرق الشباب المسلحون باب الشيخ وطلبوا من ابنه أن يوقظ أباه مدعين أنهم من جهاز مباحث أمن الدولة، وحاول الابن منعهم، لكنهم لم يتركوا له فرصة للتحاور معهم، وفى تلك الأثناء استيقظ الشيخ وطلبت منه ابنته أسماء ألا يذهب معهم، وخرج الشيخ لملاقاتهم وجادلهم فى البداية طالبا منهم إبراز تحقيق الشخصية، لكنهم اقتادوه بالقوة، لكنهم اكتشفوا أن سائق السيارة الثانية ما زال يغير إطار السيارة فاندفعوا داخل السيارة الأولى وفروا هاربين تاركين خلفهم السائق الذى واجه ضربا مبرحا من جيران الشيخ، ليصبح هذا السائق أحد المفاتيح المهمة، الذى حاول من خلاله رجال الأمن التوصل إلى الجناة، بعدما أخذوه إلى الهرم وهددوا الحكومة أسبوعا كاملا بعد أن أعلنوا مسئوليتهم عن خطف الذهبى، وكانوا كل يوم يطالبون الحكومة بالإفراج عن كل معتقلى جماعة التكفير وإعطائهم قطعة أرض كبيرة تكون مخصصة لهم لتقيم بها الجماعة منفردة، ومبلغ 300 ألف جنيه مقابل عودة الذهبى وعدم ذبحه، لكن الحكومة تجاهلت كل شىء ولم تحقق مطلبهم فقتلوه بالرصاص.
ومنذ ذلك الوقت انقطعت الاتصالات بين الجماعة وشكرى لأنه هرب، واعتقل أمن الدولة كل التكفيريين للوصول إلى شكرى، وكان أعضاء الجماعة قد وصلوا إلى 100 ألف عضو فى هذا الوقت، وأنا لم أنكر أى تهمة، واعترفت بعضويتى فى الجماعة التى قتلت الذهبى، وكان نصيبى 10 سنوات، لأننى قلت للقاضى: «أنتم قضاة مارقون فى الدين ولا تحكمون بأمر الله»، وكان معى 54 عضوا آخرين متهمون بقتل الذهبى، أهمهم كان شكرى وماهر ابن أخيه، وطارق، و«عبدالتواب»، وعماد مأمون، وتم الحكم على خمسة بالإعدام من محكمة عسكرية، وكانت تلك هى أول محاكمة عسكرية لمدنيين فى مصر، وكانت الأحكام على الباقين تتراوح بين 5 و25 سنة، وشكرى لم ينكر شيئا فى الاستجواب واعترف حيث كان وكيل النيابة المحقق معنا شهرته «السبكى» شديدا جدا، وتم سجنى 10 سنوات متنقلا بين سجون القلعة وطرة والمزرعة.
جنون فى المعتقل
فى المعتقل تعرضنا لأهوال، وبعض الإخوة أصابهم الجنون من شدة التعذيب، ومنهم من أصيب بإعاقة، حيث كان الضباط يتلذذون بتعذيبنا ويعلقوننا فى «فلكة» ويستخدمون الصواعق الكهربية والكرابيج فى ضربنا، بعد أن يتم تعريتنا تماما ثم يضعوننا فى براميل مياه باردة جدا، وكنت أسمع أصواتا مخيفة من الزنازين التى كانوا يخلعون أظافر من فيها.
ورأيت شكرى ومن معه بالبدلة الحمراء ذاهبين إلى غرفة الإعدام من شرفة الزنزانة وهم يقولون «حسبنا الله ونعم الوكيل»، وما زلت أتذكر كيف كان شكرى يقول خلال إعدامه: «الويل لكم غدا»، فقد كان قلبه قويا جدا، وكان ينظر إلى الضباط فقط، فيخافون منه رغم تسليحهم، وكان يضربهم إذا لمسوه فقط.
ادخار فى السجن
سميت الجماعة بالتكفير والهجرة لأننا كنا نبحث عن أرض خارج مصر فى اليمن والسعودية لنهاجر إليها ونقيم التدريبات العسكرية بها، لإقامة دولة الخلافة من هناك، ولذلك فقد سافرت لليمن بعد أن أخبرت والدى أننى سأسافر إلى لبنان للعمل هناك، وبالفعل سافرت للبنان ومكثت بها 9 أشهر عام 1973، حتى نشبت حرب أهلية بين المسلمين واليهود والنصارى هناك، وكنت أرتدى حينها ملابس تشبه جماعة التبليغ والدعوة وهو ما باعد الشكوك عنى، ثم سافرت بالسيارات إلى سوريا ومنها إلى الأردن واتجهت إلى السعودية فى مدينة «جيزان»، وتم القبض علىّ هناك بعد أن وجدوا أن جواز سفرى منتهٍ، واعتقلت بسجن التراحيل 6 أشهر وكانوا يعطوننى عن كل يوم فى السجن 3 ريالات بجانب الطعام والشراب فكونت مبلغا كبيرا، وأخفيت أننى من عائلة عزام، لأنها كانت على علاقة مصاهرة مع الملك فيصل، وحتى لا أسىء إلى عائلتى، وخرجت متجها إلى لبنان من جديد، ومعى الجواز المنتهى والأموال التى جمعتها فى السجن، حيث دفعت 70 ريالا حتى وصلت من السعودية إلى لبنان حينها.
بعد ذلك توجهت إلى اليمن بجواز السفر المنتهى ودخلت إلى صنعاء، ثم إلى مدينة «آب»، ومنها إلى جنوب اليمن، وعشت مع قبائل «حاشد» و«الأحمر» وكنت أخطب فيهم وأدعوهم لدخول جماعة التكفير واعتقاد الشرع من أصوله، وكانوا يحبون المشايخ وانضم الكثير منهم إلى، وكانت الأسلحة متوفرة معهم بكثرة ويعلقونها فى منازلهم، خصوصا البنادق الألمانية الحديثة، وسافرت ومعى 100 منهم إلى صنعاء، ثم انفردت بثلاثة كانوا الدليل معى، لأن الأمن بدأ يترقبنى حينها وشكوا أننى لست يمنيا كما كنت أدعى، فقامت المخابرات اليمنية باعتقالى فى القصر الجمهورى اليمنى لمدة عام، وخلال استجوابى قلت لهم: "إننى لا أنتمى لجماعات جهادية ولكننى شيخ أدعو إلى الدين وأعلمه"، فجاءنى السفير المصرى باليمن وأخبرنى بالمغادرة والترحيل إلى مصر، إلا أننى رفضت ترك اليمن بعد أن عرضت القبائل اليمنية علىّ أن أتزوج من إحدى بناتهم، لكن السلطات رحلتنى بعدما دفعوا تذكرة الطيران للقاهرة، وأخذوها منى بعد الوصول مرة أخرى، وفى مصر كان أمن الدولة فى استقبالى، فقلت لهم إذا كان لديكم تهمة محددة اعتقلونى فورا، لكن لا تسألونى ماذا فعلت فى لبنان واليمن، فأنا لدى عقيدة لا أخفيها، فاتهمونى بالتخطيط لقلب نظام الحكم، وحيازة سلاح.
الظواهرى ابن أختى
علاقتى بأيمن الظواهرى بدأت عندما كان فى طريقه إلى أفغانستان للجهاد مع بن لادن، حيث قابلته فى السعودية فى لقاء اتسم بالارتياح والحميمية، وتحدثنا عن إقامة الشريعة، وأنا أعتبر فى مقام خال الظواهرى، حيث كانت والدته رحمها الله ابنة الدكتور عبدالوهاب عزام، وهو من عائلتى وكان قريبا منا جدا وكذلك ابنته التى هى والدة الشيخ أيمن الظواهرى.
كنت مخطئًا في بعض الأمور
بعد إعدام شكرى تفرقت جماعة التكفير وأصبحت غير موجودة، لكن تفرع منها عدد من الحركات مثل «السلفية الجهادية» و«جماعة التوقف والتبين»، إلا أن الأمن ألقى القبض علىّ من جديد يوم زفافى، للضغط على، وقالوا لى: «نريدك أن تدلنا على الجهاديين والتكفيريين إذا ما حاولوا الاستعانة بى أو التواصل معى، وهددونى بعدم إتمام زواجى، إلا أننى قلت لهم أنا لا أغرم بامرأة أو شىء من أمور الدنيا فالكل هالك، وإننى أريد الحق، فعرفوا أنه لا فائدة من تجنيدى".. يضحك الشيخ: "لا أعرف كيف فعلت كل ذلك فى شبابي بينما كنت مخطئًا فى بعض الأمور".
الشيخ عزام لا يزال يلوم تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية على قتل السادات لأنهم قتلوه على أنه مسلم، ولم يكفروه، قائلا: "السادات رفض حاكمية الله، وهم بذلك يقتلون للوصول للحكم وليس لتطبيق حدود الله، وما تفعله الجماعات الإسلامية الآن هو هرج ومرج، خاصة أحداث ذبح الجنود المصريين فى رفح على أيدى التكفيريين فى سيناء، فإذا كانوا ينوون الجهاد فليحرروا القدس أو يقاتلوا اليهود وليس المسلمين، فإسرائيل هى من دعمت جماعات الجهاد فى سيناء، وهى من تهرب السلاح والمخدرات حاليا لإثارة البلبلة هناك، ومن المستحيل أن تسمح إسرائيل لتنظيم القاعدة بأن يكون له طرف فى سيناء لأنه سينسفها نسفا".
جنون فى المعتقل
فى المعتقل تعرضنا لأهوال، وبعض الإخوة أصابهم الجنون من شدة التعذيب، ومنهم من أصيب بإعاقة، حيث كان الضباط يتلذذون بتعذيبنا ويعلقوننا فى «فلكة» ويستخدمون الصواعق الكهربية والكرابيج فى ضربنا، بعد أن يتم تعريتنا تماما ثم يضعوننا فى براميل مياه باردة جدا، وكنت أسمع أصواتا مخيفة من الزنازين التى كانوا يخلعون أظافر من فيها.
ورأيت شكرى ومن معه بالبدلة الحمراء ذاهبين إلى غرفة الإعدام من شرفة الزنزانة وهم يقولون «حسبنا الله ونعم الوكيل»، وما زلت أتذكر كيف كان شكرى يقول خلال إعدامه: «الويل لكم غدا»، فقد كان قلبه قويا جدا، وكان ينظر إلى الضباط فقط، فيخافون منه رغم تسليحهم، وكان يضربهم إذا لمسوه فقط.
ادخار فى السجن
سميت الجماعة بالتكفير والهجرة لأننا كنا نبحث عن أرض خارج مصر فى اليمن والسعودية لنهاجر إليها ونقيم التدريبات العسكرية بها، لإقامة دولة الخلافة من هناك، ولذلك فقد سافرت لليمن بعد أن أخبرت والدى أننى سأسافر إلى لبنان للعمل هناك، وبالفعل سافرت للبنان ومكثت بها 9 أشهر عام 1973، حتى نشبت حرب أهلية بين المسلمين واليهود والنصارى هناك، وكنت أرتدى حينها ملابس تشبه جماعة التبليغ والدعوة وهو ما باعد الشكوك عنى، ثم سافرت بالسيارات إلى سوريا ومنها إلى الأردن واتجهت إلى السعودية فى مدينة «جيزان»، وتم القبض علىّ هناك بعد أن وجدوا أن جواز سفرى منتهٍ، واعتقلت بسجن التراحيل 6 أشهر وكانوا يعطوننى عن كل يوم فى السجن 3 ريالات بجانب الطعام والشراب فكونت مبلغا كبيرا، وأخفيت أننى من عائلة عزام، لأنها كانت على علاقة مصاهرة مع الملك فيصل، وحتى لا أسىء إلى عائلتى، وخرجت متجها إلى لبنان من جديد، ومعى الجواز المنتهى والأموال التى جمعتها فى السجن، حيث دفعت 70 ريالا حتى وصلت من السعودية إلى لبنان حينها.
بعد ذلك توجهت إلى اليمن بجواز السفر المنتهى ودخلت إلى صنعاء، ثم إلى مدينة «آب»، ومنها إلى جنوب اليمن، وعشت مع قبائل «حاشد» و«الأحمر» وكنت أخطب فيهم وأدعوهم لدخول جماعة التكفير واعتقاد الشرع من أصوله، وكانوا يحبون المشايخ وانضم الكثير منهم إلى، وكانت الأسلحة متوفرة معهم بكثرة ويعلقونها فى منازلهم، خصوصا البنادق الألمانية الحديثة، وسافرت ومعى 100 منهم إلى صنعاء، ثم انفردت بثلاثة كانوا الدليل معى، لأن الأمن بدأ يترقبنى حينها وشكوا أننى لست يمنيا كما كنت أدعى، فقامت المخابرات اليمنية باعتقالى فى القصر الجمهورى اليمنى لمدة عام، وخلال استجوابى قلت لهم: "إننى لا أنتمى لجماعات جهادية ولكننى شيخ أدعو إلى الدين وأعلمه"، فجاءنى السفير المصرى باليمن وأخبرنى بالمغادرة والترحيل إلى مصر، إلا أننى رفضت ترك اليمن بعد أن عرضت القبائل اليمنية علىّ أن أتزوج من إحدى بناتهم، لكن السلطات رحلتنى بعدما دفعوا تذكرة الطيران للقاهرة، وأخذوها منى بعد الوصول مرة أخرى، وفى مصر كان أمن الدولة فى استقبالى، فقلت لهم إذا كان لديكم تهمة محددة اعتقلونى فورا، لكن لا تسألونى ماذا فعلت فى لبنان واليمن، فأنا لدى عقيدة لا أخفيها، فاتهمونى بالتخطيط لقلب نظام الحكم، وحيازة سلاح.
الظواهرى ابن أختى
علاقتى بأيمن الظواهرى بدأت عندما كان فى طريقه إلى أفغانستان للجهاد مع بن لادن، حيث قابلته فى السعودية فى لقاء اتسم بالارتياح والحميمية، وتحدثنا عن إقامة الشريعة، وأنا أعتبر فى مقام خال الظواهرى، حيث كانت والدته رحمها الله ابنة الدكتور عبدالوهاب عزام، وهو من عائلتى وكان قريبا منا جدا وكذلك ابنته التى هى والدة الشيخ أيمن الظواهرى.
كنت مخطئًا في بعض الأمور
بعد إعدام شكرى تفرقت جماعة التكفير وأصبحت غير موجودة، لكن تفرع منها عدد من الحركات مثل «السلفية الجهادية» و«جماعة التوقف والتبين»، إلا أن الأمن ألقى القبض علىّ من جديد يوم زفافى، للضغط على، وقالوا لى: «نريدك أن تدلنا على الجهاديين والتكفيريين إذا ما حاولوا الاستعانة بى أو التواصل معى، وهددونى بعدم إتمام زواجى، إلا أننى قلت لهم أنا لا أغرم بامرأة أو شىء من أمور الدنيا فالكل هالك، وإننى أريد الحق، فعرفوا أنه لا فائدة من تجنيدى".. يضحك الشيخ: "لا أعرف كيف فعلت كل ذلك فى شبابي بينما كنت مخطئًا فى بعض الأمور".
الشيخ عزام لا يزال يلوم تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية على قتل السادات لأنهم قتلوه على أنه مسلم، ولم يكفروه، قائلا: "السادات رفض حاكمية الله، وهم بذلك يقتلون للوصول للحكم وليس لتطبيق حدود الله، وما تفعله الجماعات الإسلامية الآن هو هرج ومرج، خاصة أحداث ذبح الجنود المصريين فى رفح على أيدى التكفيريين فى سيناء، فإذا كانوا ينوون الجهاد فليحرروا القدس أو يقاتلوا اليهود وليس المسلمين، فإسرائيل هى من دعمت جماعات الجهاد فى سيناء، وهى من تهرب السلاح والمخدرات حاليا لإثارة البلبلة هناك، ومن المستحيل أن تسمح إسرائيل لتنظيم القاعدة بأن يكون له طرف فى سيناء لأنه سينسفها نسفا".