الباحث عمر سالم: أقود ما تسمى "صفقة القرن".. وأساتذة الأزهر الداعم الرئيسي في ذلك – حوار
من خلال المزاعم التي يرددها بقوله إنه يريد التصالح بين العرب والكيان الصهيوني، يسيطر على الآذان العربية، إنه الباحث عمر سالم، مصري وأمريكي الجنسية، وصاحب الزيارات الخاصة التي يقودها من مصر إلى الكيان الصهيوني، حيث بدأ الظهور للعلن منذ عام 2016، وذلك خلال اصطاحبه حاخامات يهودية وإسرائيلية الجنسية، ولقائهم بعض علماء الأزهر على الأراضي المصرية، مما أثار ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ليعود للظهور مرة أخرى خلال الأيام الجارية، وذلك بعدما قرر الذهاب إلى إسرائيل بسيارته الخاصة من القاهرة، زاعمًا أنه يقود المصالحة بين مصر والكيان الصهيوني، حيث يقول إن الحرب والدمار هما البديل للسلام بين مصر وإسرائيل، ولن يكون هناك سلام دون تجديد الخطاب الديني العربي والعبري، والغرض من تجديد الخطاب الديني هو تحسين صورة المسلمين أمام غيرهم، وتحسين صورة غير المسلمين أمام المسلمين، وبذلك نتجنب المؤامرات والحروب.
إلى نص الحوار..
ما هدفك من الزيارات المتكررة إلى إسرائيل؟
التواصل مع علماء الدين في الكيان الصهيوني، ودعوتهم للإسلام أو لاتباع النصوص التوراتية التي بين أيديهم، والمفضية إلى البر والتقوى والإحسان، هو أفضل عمل يقوم به المسلم في هذا الزمان.
ومؤسسة "الهدى والنور" الأمريكية، التي أَشرفُ برئاسة مجلس أمنائها، من حيثيات نشأتها ووجودها المساهمة في تجديد الخطاب الديني بين الأديان السماوية، خاصة الخطاب الديني الإسلامي واليهودي.. وكما تنادي القيادة السياسية في مصر بضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي، وتأسيا بذلك، فإنَّ مؤسسة الهدى والنور ترى أهمية تجديد الخطاب الديني اليهودي حتى يتحقق السلام المنشود بين الشعوب.. والهدف من الزيارات المتكررة- التي نقوم بها للقدس الشريف- هو تجنُّب ويلات الحروب والدمار التي تخيم على المنطقة، وإذا كانت الحرب واقعة لا محالة بسبب تعنت أحد الطرفين أو كليهما- كما يقول بعضهم- فهدف المؤسسة ودورها هو خفض عدد الضحايا في الأرواح والمعدات بين الطرفين، وتقريب وجهات النظر، والعمل على إزالة بواعث الاحتقان والصراع، ولهذا رأت إدارة المؤسسة القيام برحلة من القاهرة للقدس تحقيقا لهذه الأهداف التي أنشئت من أجلها.
كيف تسافر إلى القدس الشريف؟
أسافر عبر سيارتي الخاصة، وذلك مرورًا بسيناء وحتى أصل إلى القدس الشريف دون وجود أي عقبات خاصة، في كل زيارة، فأنا أقوم بها بين الفترة والأخرى.
بصفتك أحد الباحثين المهتمين بذلك.. هل هناك بالفعل صفقة قرن؟
هناك مصطلحان يتداولهما الإعلام المصري والعالمي، أحدهما يدور حول ما يسمى "صفقة القرن"، والثاني يدور حول ما يسمى "تجديد الخطاب الديني"، والغرض الرئيسي من تجديد الخطاب الديني هو تحسين علاقة المسلمين بغير المسلمين، كيف تكون هذه العلاقة بناءة وليست هدامة، كيف تكون علاقة يسودها البر المتبادل وليس الحقد المتبادل، وهذا هو هدف الرئيس السيسي من تجديد الخطاب الديني، أما صفقة القرن فهي تتعلق بإيجاد سلام دائم بين الفلسطينيين والدولة العبرية حتى لا يكون هناك أحقاد أو مشاكل متوارثة، وإذا كان هناك ما يسمى "صفقة القرن"، فإني أقود هذه الحملة.
هل هناك تصريحات أمنية تحصل عليها قبل سفرك؟
كل ما نقوم به من مبادرات في المؤسسة معلوم لدى الجهات الأمنية في مصر، وكذلك لدى الجهات الأمنية في الولايات المتحدة، ولا يوجد شيء نفعله خلف الكواليس غير ما نفعله في الظاهر، فكل أمر يتعلق بالمؤسسة من جهود نقوم برفعه على "فيسبوك".
هل تواصلت مع القيادة السياسية في مصر؟
القيادة السياسية في مصر والولايات المتحدة على علم بكل ما تقوم به المؤسسة، وكل شيء نتشارك فيه مع العالم نظهره للعلن فور قيامنا به، ولو كان هناك أي اعتراض من الجانب المصري أو الجانب الأمريكي فسوف يتم إخطارنا به، ومواقعنا الاتصالية موجودة والناس تتواصل معنا، ونحن مستمرون في عملنا لخلق أجواء الحوار والسلام والتعاضد بين أصحاب الديانات والثقافات.
وماذا تقول عن الصراع العربي مع الكيان الصهيوني؟
الصراع العربي الإسرائيلي متعدد الأبعاد.. فهناك البعد السياسي والبعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي والبعد العسكري، ولكن أهم هذه الأبعاد ويعتبر الركيزة الأساسية في هذا الصراع هو البعد الديني والثقافي.. ومدينة القدس هي المحور الرئيسي للصراع والحرم الشريف بالقدس أو تبة المعبد هي نقطة الصفر في هذا الصراع، وليس صحيحا أن هذا الصراع هو صراع بين العرب واليهود فحسب، وذلك لأن الكنيسة الإنجيلية، عندنا في أمريكا وفي أماكن كثيرة حول العالم، هي الطرف الخفي في هذا الصراع، والكنيسة الإنجيلية البروتستانتية تقف وتؤيد بقوة مشروع هدم قبة الصخرة والمسجد الأقصى واستبدالهما بإقامة معبد سليمان في القدس الشريف، والكنيسة لا تفعل ذلك لأنها تكره العرب أو لأنها تريد القضاء على الإسلام كما يقول البعض، ولكن الكنيسة تفعل ذلك لأن القساوسة والكهنة يقرأون كتابًا اسمه "سفر يوحنا اللاهوتي"، وفي هذا السفر نبوءات مهمة عن عودة السيد المسيح إلى الأرض لهداية اليهود أو التخلص منه، وحتى يتسنى ذلك فلا بد من اجتماع اليهود حول القدس واستبدال المسجد الأقصى وقبة الصخرة وإقامة هيكل سليمان أو هيكل "هرُلد".. لذلك تم في عام 2018 إصدار عملة تذكارية في إسرائيل ذات وجهين لتخليد شخصيتين تاريخيتين، أحدهما الملك الفارسي قورش، الذي أمر ببناء الهيكل عام 516 قبل الميلاد، والآخر للرئيس الأمريكي ترامب، الذي أمر باعتبار القدس العاصمة الأبدية لليهود تمهيدا لإقامة المعبد هناك.. ويجدر بالذكر أن الكنيسة الإنجيلية كانت وراء قرار اعتبار القدس العاصمة الأبدية لليهود، كما نشرت ذلك الصحف الأمريكية الرئيسية.
ماذا فعلت خلال زيارتك الكيان الصهيوني؟
مثل كل مرة أزور فيها الأرض المقدسة تكون اللقاءات مع علماء بني إسرائيل وطلبة العلوم الشرعية (التوراة) هناك، ويكون الحوار حول أهمية التفريق بين البيان القرآني وما تقوم به بعض الجماعات المتطرفة باسم الدين، وأهمية تجديد الخطاب الديني اليهودي لتجنُّب ويلات الحرب والدمار.. وفي الزيارة ألقيت عدة محاضرات في دور العبادة اليهودية والتقيت بكثير ممن لهم اهتمام بالسلام بين اسرائيل وجيرانها من الدول العربية، ودائما أذكرهم بأهمية النظر للإسلام نظرة موضوعية، والتحلي بمكارم الأخلاق والهدى والنور الذي عندهم في التوراة، قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ"، وأذكرهم بقوله تعالى: "وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ".. والإرث الأخلاقي مشترك بين الديانات السماوية الثلاثة، فهي ديانات إبراهيمية، وفي وجهة نظري لا بديل للحوار المباشر بين علماء المسلمين وعلماء بني إسرائيل، وقد قامت المؤسسة بتجهيز ورشة عمل "سِمينار" الغرض منها مناقشة جميع نقاط الاتقاء والنقاط الشائكة بين الطرفين.
ومن هم المرافقون لك خلال الرحلة؟
قبل التجهيز للرحلة تمت دعوة اثنين من أساتذتي في الأزهر الشريف، وقد أبدى كلاهما استعداده للسفر في حالة الحصول على الموافقة من جهة العمل، ولكن للأسف تأخرت الموافقات واضطررت للسفر بمفردي هذه المرة، وفي المرة القادمة- بعد 6 أشهر- سوف يتسع الوقت للحصول على الموافقات الأمنية المناسبة لسفر الأساتذة إلى القدس الشريف.
وهل بالفعل تقود صفقة القرن؟
لن يكون هنالك صفقة قرن ناجحة ومقبولة إلا في حالة نجاح فكرة تجديد الخطاب الديني عند الطرفين.. تجديد الخطاب الديني أولا، ثم تفعيل صفقة القرن بعد ذلك، وحسب معلوماتي فإنَّ الأزهر الشريف يسعى لتجديد الخطاب الديني الإسلامي، وإن كان هناك ما يسمى بذلك فأنا أقوده.
ومَنْ المسئول عن صفقة القرن؟
صفقة القرن هو مسمى أطلق من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والإدارة السياسية الأمريكية هي الراعي الرسمي لصفقة القرن، والإدارة الأمريكية تسعى جاهدة في تفعيل السلام بمنطقة الشرق الأوسط، ولكنها- من وجهة نظري- مكتوفة الأيدي بسبب قراءات معينة لأسفار العهد الجديد، خاصة سفر يوحنا اللاهوتي. وفي نظري فإن هذا الصراع بدأ بين اليهود والفلسطينيين ثم انتقل إلى صراع بين إسرائيل والعرب (وإسرائيل في هذا السياق مصطلح يعني تحالف اليهود وبعض الطوائف المسيحية)، ثم الآن يحاول البعض جاهدا أن يجعل الصراع صراعًا إسلاميًا مسيحيًا شبيهًا بالحملات الصليبية على الأرض المقدسة، والتي بدأت عام 1096، وانتهت في القدس عام 1261، لذلك عندما دخل الجنرال إدموند اللِمبي القدس عام 1917، على رأس قوة من الجيش المصري بعد انتصاره على قوات الدولة العثمانية، قال: "الآن انتهت الحروب الصليبية"، وقتها ظهر المانشيت العريض في جريدة "نيويورك هيرالد" الامريكية، يقول: "القوات البريطانية تنقذ أورشليم بعد 673 عاما من حكم المسلمين".
هل ما زلت تدعو لافتتاح فرع للأزهر بإسرائيل؟
الأزهر الشريف هو منارة الوعي والمعارف الاسلامية، ليس في مصر وحدها ولكن في الوطن العربي والاسلامي، ونحن في مؤسسة "الهدى والنور" نثمّن دور الازهر الشريف، وندعو لفضيلة الشيخ، الدكتور أحمد الطيب، بالتوفيق والسداد في رسالته في هذا الزمان، ونقدر الضغوطات التي يتعرض لها الازهر الشريف من بعض الطوائف الليبرالية والعلمانية.. أما افتتاح فرع للأزهر الشريف في القدس الشريف، فليس مقصدا مهما ولكنه وسيلة الغرض منها فتح قناة للتحاور والتواصل الديني بين أهل الكتاب وأهل القرآن، تفضي إلى تجديد الخطاب الديني اليهودي، فكما توجد قناة للتواصل والتحاور والتنسيق السياسي عن طريق السفارة المصرية في تل أبيب، فإنِّ مؤسسة "الهدى والنور" تنشد إقامة سفارة للأزهر الشريف في القدس الشريف، الغرض منها تفعيل مشروع التحاور بين أهل الكتاب وأهل القرآن في الأرض المقدسة، وبيان وسطية الرسالة الخاتمة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وليس كما يصور الإعلام الغربي.
وكيف كان رد فعل المسئولين عن الأزهر؟
كثير من أساتذة الأزهر الشريف وكلية دار العلوم، وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور بكر زكي عوض، أستاذ علوم التوراة بجامعة الأزهر الشريف، والعميد السابق لكلية أصول الدين بالقاهرة والمشرف على رسالتي للدكتوراه، والدكتور محمد طلعت أبوصير المشرف على رسالتي للدكتوراه وأستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية في كلية أصول الدين، والدكتور محمد أبوزيد الفقي عميد كلية الدراسات الإسلامية السابق، والدكتور محمد يسري جعفر أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين، والدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم، والدكتور عبدالراضي عبدالمحسن أستاذ الفلسفة الإسلامية ومقارنة الأديان بكلية دار العلوم، والدكتور محمد قاسم المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه بكلية در العلوم- فكل هذه القامات العلمية يؤيدون الحوار المباشر مع أهل الكتاب في الأرض المقدسة- إذا سمحت لهم الجامعة، قال تعالى: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَأَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ".
وذلك لأن الغلبة والنصرة أو السلام والوئام مع العدو يكون بالحجة والبرهان قبل أن يكون بالسيف والصولجان، لذلك نقول بأن نجاح صفقة القرن لا بد أن يسبقه نجاح تجديد الخطاب الديني الإسلامي واليهودي وليس العكس، وكما ترى القيادة السياسية في مصر ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي فإنَّ مؤسسة الهدى والنور ترى ضرورة تجديد الخطاب الديني اليهودي، ولديها المتخصصون في اللغة العبرية وعلوم التوراة لتفعيل الجهود الرامية إلى مراقبة الخطاب الديني اليهودي وتجديده.
يعني ذلك أنك تطالب الأزهر بالتطبيع مع تل أبيب؟
لا تطبيع بين الأزهر الشريف والكيان الصهيوني حتى يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه، ولكن لن يكون هناك تطبيع شعبي مع الكيان الصهيوني قبل تجديد الخطاب الديني اليهودي والسماح للأخوة الفلسطينيين بالعيش بكرامة على كامل التراب الوطني الفلسطيني، وإزالة الحواجز الأمنية، وإزالة جدار الفصل العنصري، وتقنين أوضاع المستوطنات في الضفة الغربية، واعتبار القدس عاصمة فلسطين، كما قال بذلك الرئيس السيسي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.. ويجب أن يكون للأزهر الشريف دور هام في الحوار الديني المباشر فيما يتعلق بتهيئة الارض للتفهمات السياسية، وكسر الحواجز النفسية، وتبديد المخاوف والشكوك التي تمنع التقدم السياسي المنشود.
معنى ذلك أنك تدعو العرب للاعتراف بدولة الكيان الصهيوني؟
لا أدعو لشيء أكثر من تجديد الخطاب الديني اليهودي، والسعي نحو السلام والتعايش مع الآخر في المنطقة، ولكي يعم السلام العادل والشامل المنطقة لا بد من الحوار المباشر بين جميع الاطراف ودون وساطة أمريكية (كنسية)، أما الاعتراف بدولة إسرائيل فذلك شأن سياسي موجود مع كثير من الدول العربية، بما فيها مصر والأردن وكثير من دول الخليج.. ولكن ما تدعو له مؤسسة "الهدى والنور" هو تجديد الخطاب الديني اليهودي لكي يتسنى عمل سلام عادل وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.