أبناء الدواعش الفرنسيين في سوريا.. إلى أين ؟!
أعلنت فرنسا الأربعاء أنها تريد إعادة قسم من حوالى 150 طفلا من أبناء دواعش فرنسيين تم الإبلاغ عن وجودهم في سوريا في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد الذين يبحثون عن حل لمسألة المقاتلين الأجانب الشائكة في ظل رفض الغربيين استعادتهم.
وتم الإبلاغ عن وجود هؤلاء الاطفال من قبل العائلات في فرنسا أو في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد منذ دحر تنظيم داعش في العام 2017.
وقال المصدر الفرنسي الذي رفض الكشف عن اسمه إنه تم تحديد هويات قسم منهم فقط ومكان تواجدهم بدقة في المناطق الكردية ما يمهد الطريق أمام إعادتهم.
وأضاف المصدر الذي لم يقدم أرقاما أن الأطفال وغالبيتهم تقل أعمارهم عن ست سنوات، لن يتمكنوا من المغادرة إلا بموافقة أمهاتهم اللواتي سيبقين في سوريا.
وأضاف "سنعيدهم قدر الإمكان بشرط أن توافق الأمهات، لقد بدأنا النظر في كيفية القيام بذلك".
وهؤلاء الأطفال يتواجدون في شمال سوريا مع أمهاتهم في مخيمات يديرها المقاتلون الأكراد منذ انهيار تنظيم الدولة الاسلامية عام 2017.
وتستبعد فرنسا أي عمليات لإعادة راشدين أو مقاتلين أو زوجات يعتبرن ناشطات في تنظيم الدولة الاسلامية، رغم مطالبة محامي العائلات في فرنسا بذلك.
وذكرت مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية أن "هؤلاء الذين ارتكبوا جنحا أو جرائم في العراق وسوريا يجب أن يحاكموا في العراق وسوريا".
وأضاف المصدر أن "الاستثناء هو للقاصرين فقط الذين سيتم درس أوضاعهم حالة بحالة. لدينا واجب خاص بالحفاظ على المصلحة العليا للطفل".
ولفت بعض المراقبين إلى خطر أن يتبنى هؤلاء الأطفال أذا بقيوا في المخيمات، عقيدة المتطرفين وأن يصبحوا هم أيضا "قنابل موقوتة".
لكن عملية إعادتهم تبدو معقدة جدا، لأن المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية في سوريا لا تحظى بوضع دولة معترف بها أمام المجموعة الدولية. كما أن باريس جمدت العلاقات الدبلوماسية مع دمشق منذ بدء النزاع السوري في 2011.
إلا أن هذا الإعلان الفرنسي تلقاه بفتور محامو الفرنسيات المحتجزات في سوريا والذين ينددون منذ البداية باحتجاز غير مشروع وفي ظروف صحية سيئة جدا.
وقال برونو فيناي محامي إيميلي كونينغ، الاشهر بين المعتقلات الفرنسيات لدى الأكراد، "إنه موقف فاضح وخبيث من جانب الحكومة الفرنسية".
وأضاف أن "فرنسا تترك هؤلاء النساء وحيدات أمام خيار غير إنساني بفصلهن عن أولادهن. وبالتالي من المحتمل أن توافق أقلية فقط على الانفصال عن أولادها".
وقالت ماري دوسي محامية عدة فرنسيات أخريات معتقلات هناك لوكالة فرانس برس "لا أفهم الطريقة التي تدار بها هذه القضية منذ البداية. إن إعادة هؤلاء الاطفال ستكون أكثر صعوبة مما توقعنا بعدما تم الانتظار 18 شهرا للقيام بذلك".
وتقر مصادر في باريس بأنه "تم البدء بدرس كيفية إتمام الامور، إنها قضية معقدة جدا".
وبالاجمال تم الإبلاغ عن وجود نحو أربعين عائلة من أمهات وأطفال في سوريا.
أضاف المصدر نفسه أن "عشرات" بين ثلاثين وأربعين -- المقاتلين من الناطقين بالفرنسية معتقلون على ما يبدو لدى القوات الكردية السورية، لكن بدون تحديد ما إذا كان بينهم فرنسيون.
في العراق، تم إحصاء ثلاث عائلات جهاديين فرنسيين فقط. وإحدى الأمهات الجهادية الفرنسية ميلينا بوغدير التي حكم عليها بالسجن المؤبد وافقت على ترحيل ثلاثة من أولادها.
وقتل أكثر من 300 من الجهاديين الفرنسيين الذين قدر عددهم بنحو 680 شخصا في العراق وسوريا، بينما غادر عدد صغير إلى دول أخرى (أفغانستان وليبيا أو دول المغرب العربي) كما تقدر باريس. وبالتالي فإن قسما منهم لا يزال في المكان.
وقالت المصادر الفرنسية نفسها إن "قسما من هؤلاء يتواجد في معقل تنظيم الدولة الاسلامية على الحدود السورية العراقية حيث لا تزال هناك معارك حتى الآن. وهناك مئة منهم موجودون في إدلب"، المعقل الأخير للفصائل المعارضة المسلحة في سوريا.
تؤكد الوحدات الكردية السورية أنها تعتقل أكثر من 900 مقاتل أجنبي من تنظيم داعش من 44 دولة ما يشكل تحديا أمنيا وقضائيا فعليا.
وهي تدعو في المقابل الدول التي يتحدرون منها إلى استعادتهم، لكن مع بعض الاستثناءات فقط (روسيا وإندونيسيا والسودان) فإن هؤلاء المقاتلين يبدون مترددون بسبب الموقف العدائي تجاههم من قبل الرأي العام.
وفرنسا التي شاركت في العمليات ضد تنظيم داعش تنفي من جهتها أن تكون أبرمت اتفاقا مع الأكراد لكي يحتفظوا برعاياها لديهم، كما سبق أن ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وأكد المصدر الفرنسي أنه "لم يتم التوصل الى أي اتفاق. لكن الأكراد يعرفون موقفنا. هم يدركون أننا لا نرغب في عودتهم".