المساكن المؤجرة.. ماذا قال الفقهاء عن الزكاة فيها والضرائب العقارية عليها؟
من المسائل التي تشغل بال الكثيرين، خاصة في الفترة الأخيرة، قضية المساكن المؤجرة، هل على مالكها زكاة أم لا؟ وكيفية المعاملة الضريبية مع هذا النوع من العقارات، الذي يمثل النسبة الأغلب خاصة في المدن، وماذا كان رد كبار العلماء في الأزهر، ودار الإفتاء المصرية في الحالتين.
حكم الزكاة على المساكن المؤجرة:
ورد سؤال للجنة الفتوى بدار الإفتاء حول حكم الدين فى إخراج الزكاة عن الشقق المؤجرة
وأجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية التابع لدار الإفتاء: إذا كانت قيمة الإيجار مدخرة إضافة إلى ما تملكه من أموال تدخرها قد بلغت نصابا أى قيمة 85 جرامًا من الذهب، وحال عليها الحول، فقد وجب فيها الزكاة، وهو ربع العشر 2.5%، أما إذا كانت قيمة الإيجار تنفق فى تدبير أمور معيشتك، ولا يُدّخر منها شىء فلا زكاة فيها.
وفي توضيح آخر حينها للدكتور فرحات المنجي عضو هيئة كبار العلماء- رحمه الله- حول هذه المسألة أيضا قال:
"المقرر شرعاً ان الدور المعدة للسكني لا تجب فيها زكاة. والزكاة لا تجب شرعاً علي الشخص إلا إذا كان مالكاً للنصاب ويشترط أن يحول عليه الحول وأن يكون فارغاً من حوائجه الأصلية. وحوائج من تلزمه نفقتهم شرعاً. أما الدور المعدة للاستغلال فتجب فيها الزكاة في الإيراد الناتج من استغلالها متي توفرت شروط الزكاة. ويضاف هذا الإيراد إلي ما عنده من أموال وتكون الزكاة في الجميع إذا تحققت شروطها.
دار الإفتاء
الشقق المعدة للبيع والمؤجرة
وبتاريخ : 08-09-2014 ورد سؤال لدار الافتاء: رقم الفتوى 2975 يقول: هل تجب الزكاة على الشقق المعدة للبيع والمؤجرة؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الشقق التي بُنيت لأجل بيعها من عروض التجارة التي تجب فيها الزكاة، فتزكى بعد أن يحول الحول - العام القمري - على تملك رأس المال الذي اشتريت أو بُنيت به، أي أن حساب الحول يبدأ من تملك رأس المال النقدي، وليس من بداية إنشاء المشروع، أو بداية تجميع المال للمشروع.
فتقوّم الشقق الموجودة غير المبيعة بحسب متوسط السعر الذي يمكن بيعها به يوم الزكاة، ويضاف إليها المبالغ النقدية الموجودة لدى الشركة، ويزكى عن المبلغ الإجمالي (2.5%).
وأما الشقق المبيعة بالتقسيط فلا تجب الزكاة فيها إلا بعد قبض كل قسط.
وينتبه إلى أن الحول قد يكون اكتمل على رأس مال الشركة قبل بيع الشقق، فهذا لا يعفيها من الزكاة فور تمام الحول، فتجب في كل عام.
ولذلك فالأسهل حسابياً، والمجزئ عن الزكاة، أن تقوّم الشقق بحسب متوسط سعر البيع، وتحسب نسبة (2.5%) من تلك القيمة، وتخرجها من أول بيعة لأول شقة كي تبرأ الذمة عاجلاً، فإن أحببت تأخيرها فلك ذلك، لكن على أن لا تتأخر عن الحول.
وأما الشقق المؤجرة فلا تجب الزكاة فيها، وإنما تجب على المال المحصل من الأجور المدفوعة إذا بلغ النصاب، وذلك بعد أن يحول عليه الحول من حين قبضه من المستأجر، أما الشقة نفسها فلا زكاة عليها، لإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ) متفق عليه، ففي هذا الحديث نفي وجوب الزكاة عن كل ما يقتنيه المسلم لغير غرض التجارة، سواء أعده صاحبه للتأجير أم لا، وهذا هو مقتضى تقرير مذاهب الفقهاء الأربعة. والله تعالى أعلم.
الضرائب على العقارات
وبتاريخ : 09/04/2015 ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية حمل رقم 3208، تسأل فيه جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم الضرائب التي تفرضها علينا الحكومة على تجارتنا وصناعتنا وحتى على أرضنا وبيوتنا التي نسكنها، وقد بنيناها بأيدينا وعلى حسابنا الخاص وليس للحكومة فيها أيُّ شيء؟
الجواب : أمانة الفتوى
المقرر في الفقه أن الضريبة هي مقدارٌ محدَّدٌ من المال تفرضه الدولة في أموال المواطنين دون أن يقابل ذلك نفعٌ مخصوص، فتُفْرَض على المِلْك والعَمَل والدخْل نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع، وهي تختلف باختلاف القوانين والأحوال.
وللدولة أن تفرض ضرائب عادلةً في تقديرها وفي جبايتها؛ وذلك لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأوطان باعتبار أنها هي القائمة على مصالح الناس التي تستلزم نفقاتٍ تحتاج إلى وجود مَوْرِد ثابت لا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مهامُّ الدولة واتسعت مرافقها.
والموازنة العامة للدولة تجتمع فيها الإيرادات العامة والنفقات العامة، فإذا كانت النفقات العامة للدولة أكبر من الإيرادات العامة فإن ذلك معناه عجزٌ في ميزانية الدولة يتعين عليها تعويضُه بعدة سُبُل، منها فرض الضرائب.
وبناءً على ما سبق: فإن الأصل في الضريبة أنها حق للدولة، وإعطاؤكم إياها أثرٌ من آثار عقد المواطنة الذي بين المواطن ودولته، ولا يجوز التهرب منها أو دفع الرشوة لإنقاصها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكم الخلو
ما حكم الشرع فيما يسمى الآن بخلو الرجل؟
الجواب
شاع بين الناس الآن بسبب تزايد السكان وكثرة الطلب وقلة المعروض من الأراضى والبيوت والمحلات، وبسبب بعض القوانين الخاصة بالعلاقة بين المالك والمستأجر، أن بعض المستأجرين لبيت أو محل يعطيه لغيره فى مقابل مبلغ يقدره كيف يشاء، وذلك بدون علم المالك أو موافقته، وقد يتوارد على هذا المكان المؤجر عدد كبير من الناس عن طريق خلو الرجل الذى اتخذ كحرفة أو مهنة أو تجارة، بل يحدث أن المستأجر للأرض إذا طلبها منه صاحبها يطلب منه مبلغا كبيرا أو أن يتنازل عن جزء كبير من الأرض فى مقابل إخلائها وتسليمها له.
وإذا كانت بعض القوانين وضعت فى فترة معينة لأغراض معينة، فقد تغيرت الظروف وضَجَّ الملاك بالشكوى من هذا الظلم الفادح، وتعطلت بسبب ذلك مشروعات كثيرة كبناء المساكن التى خاف الناس من استغلال أموالهم فيها، أو ترك المبانى خالية خوف تسلط المستأجر عليها وتعذر استردادها منه.
والنداءات كثيرة لمراعاة الشريعة فى وضع القوانين التى ظهر فسادها بعد تجربتها، وإذا كانت القوانين غير شرعية فالواجب على المتعاملين أن يبتعدوا عنها ولا يتمسكوا بها، ولا يجوز مطلقا أن يلقوا المسئولية على واضعيها ليتملصوا هم من التبعة، فالمبدأ الإسلامى معروف: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق
وقد وجه سؤال إلى مفتى الديار المصرية الشيخ جاد الحق على جاد الحق فى هذا الموضوع، فأجاب فى 3 من يوليو سنة 1980 م بما نصه:
أخذ المستأجر نصف الأرض المؤجرة إليه فى نظير إخلائها ليتمكن المالك من بيعها أمر محرم شرعا، لأن عقد الإجارة لا يستتبع ملكية العين المؤجرة، ويصبح هذا - إن تم - من باب أكل أموال الناس بالباطل المنهى عنه بقول الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} النساء: 29، ويكون إثمه على المستأجر إن لم يرض المالك رضاء خالصا بهذا التصرف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
"الفتاوى الإسلامية ج 10 ص 3563".