الإخوان في أوروبا.. التاريخ والمستقبل
استطاعت جماعة الإخوان الإرهابية، التواجد بين الأجواء الأوروبية، ورغم ما فعلته الجماعة داخل هذه البلدان، لم تستطع المصادر أن تجزم بالتحديد أي الأعوام قامت في ذلك، لكن هناك أقاويل اتفقت على أنه بدأت في بداية خمسينيات القرن الماضي أم في أواخرها، لكنّها تتّفق جميعًا على شخصية محورية في التأسيس: سعيد رمضان.
كان هذا في عام ١٩٥٨، حين قدم سعيد رمضان، السكرتير الشخصي لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، وزوج ابنته، هاربًا من مصر بسبب الملاحقات الأمنية التي تعرض لها الإخوان إبان الحكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث استقر رمضان في ميونخ، وتولى إدارة المركز الإسلامي هناك، ثم انتقل إلى جنيف وأسس المركز الإسلامي هناك في عام ١٩٦١.
وعلى الفور بدأ فرعي الإخوان في مصر وسوريا، بالهروب نحو بريطانيا أشهرهم يوسف ندا من مصر وعصام العطار من سوريا، حيث أسسوا بشكل متزايد مع الوقت شبكة واسعة وحسنة التنظيم من المساجد والجمعيات الخيرية والمنظمات الإسلامية.
في ذلك الوقت كانت الأهداف الرئيسية للتنظيم الأوروبي في ذلك الوقت: تقديم المساعدة للهاربين، وتوفير بيئة حاضنة لهم وللمسلمين الآخرين، يتمكنون فيها من المحافظة على أنفسهم ودينهم وسط بيئة مختلفة عنهم كليًّا، وكان النشاط الظاهر في المجتمع مقتصرًا على الدعوة إلى مظاهرات وفعاليات متعلقة بالأحداث المهمة الدائرة في العالم العربي.
وجاءت فترة نهاية الستينيات إلى منتصف السبعينيات، حيث تطورت الأهداف، وبدأت في مرحلة بناء المؤسسات، حيث تم تأسيس "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا" عام ١٩٨٩، الذي يضم ما لا يقلّ عن ١٠٠٠ اتحاد وجمعية ومركز تعمل في مختلف المجالات، وقام الاتحاد بإنشاء مؤسسات مهمة بدوره مثل "المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" و"المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة" و"منتدى الشباب الأوروبي" وغيرها من المؤسسات الفاعلة.
واستمرت الإخوان في تطوير أهدافها، حتى جاء القرن الحادي والعشرين، فتجد من بين أهداف "الرابطة الإسلامية في بريطانيا" لعام ٢٠٠١: "الدفاع عن حقوق الإنسان عامة، وحقوق المسلمين خاصة"، و"تبصير المسلمين بواجباتهم تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه"، و"تفعيل دور الأقلية المسلمة في حل مشاكل المجتمع المختلفة"، و"توسيع دائرة الحوار مع الثقافات والديانات الأخرى لخدمة المجتمع والإنسانية".
من ناحية ثانية، هناك مواقف بارزة تنفي وقوف المنظمات الإسلامية المنضوية تحت فكر الإخوان وراء مطالب الشّارع، وفي كثير من الأحيان الشّارع المسلم في أوروبا تحديدًا، مثلما حدث في "أحداث الشغب" بالضّواحي الفرنسيّة عام ٢٠٠٥. وقتها، كانت الضّواحي في المدن الفرنسيّة الكبرى تغلي غضبًا بسبب مقتل مراهقين من أبنائها بعد مطاردة الشرطة لهما، حينها عقد رئيس الوزراء دو فيلبان اجتماعًا مع دليل بو بكر، إمام مسجد باريس، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، ليطلب المساعدة على تهدئة النفوس وحضّ المسلمين على الامتناع عن المشاركة في أعمال العنف. أصدر بعدها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا فتوى تحظر المشاركة في أعمال العنف.
ومازالت بريطانيا ملجأ مهم لقادة جماعة الإخوان، فالجماعة ترى أنها بدونها لن تستطيع التحرك، حتى خرج إبراهيم منير نائب المرشد، مطلع العام الماضي، يتحدث فيها عن علاقته بالمخابرات البريطانية وكيف تضع لهم الاستراتيجية التي ينفذونها خلال السنوات الماضية، أو بالتحديد منذ تأسيسها –حسبما تحدث منير-.
كشف إبراهيم منير، أمين اللتنظيم الدولى للإخوان، للمرة الأولى، طبيعة العلاقات السرية بين بريطانيا والجماعة، حيث اعترف بوجود علاقة وثيقة بينه وبين الأجهزة الأمنية البريطانية وعلى رأسها المخابرات البريطانية، فى الوقت الذى شن قيادات الجماعة هجومًا عنيفًا على منير متهمين إياه بإسقاط الجماعة.
وقال: إن "المخابرات البريطانية تواصل مراقبة جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928 وأنهم مطمئنون إلى أن من يخرج من الجماعة وعن نهجها السلمى فهو لا يمثلها – على حد قوله – زاعما أن جماعة الإخوان لا تزال "جماعة واحدة" وأن من يضيق بفكرها الدعوى لا يمثلها، كاشفًا عن أن الجهات الأمنية فى بريطانيا تعلم ذلك".