«الأزهر» ينتفض لتنقية التراث.. ومفكر: رجال الدين يخاطبون أنفسهم
«الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية»: التراث به شوائبلا تتفق مع الواقع المعاصر
«حاتم العوني»: القرآن والسنة لا نقبل المساس بهم .. ولا مانع من الاجتهاد في التراث
«العواري»: قراءات التراث بين مقدس ومدنس بها أطروحات صادمت العقل والنقل
ومفكرإسلامي: علماء الأزهر يخاطبون أنفسهم.. والمؤسسة الدينية تدافع عن نفسها فقط
حان الوقت لتنقية التراث الإسلامي مما علق به من شوائب يتخذها أصحاب الأفكار المتطرفة ويلصقها زورا بالإسلام، ولا يختلف اثنان أننا مأمورون بطاعة الله ورسوله، لذلك حاول علماء الأزهر الشريف ضوابط فهم التراث من خلال عقد مؤتمرات وندوات تثقفية وتوعوية، إلا أن بعض المفكرين أكدوا أن الأزهر لم يقم بدوره تجاه تلك القضية وإنها تحتاج لمزيد من المصارحه من علماء الدين لكشف ما يلزم تغيره من التراث ذلك الأفكار التي خلفت الإرهاب والتطرف.
في حين أكد علماء الأزهر الشريف أن دور الأزهر هو الشرح والتوعية، مع وضع آليات ضوابط لفهم التراث الإسلامي، قال الدكتور محي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن لم يقدس ولم يتم رفضه كاملا، و الحفاظ على التراث الإسلامى ومواجهة محاولات تشويه يمثل محورا مهما في حماية هذا التراث العلمي ولكن بشكل يقوم على قواعد موضوعية .
أضاف الأمين العام لـ«أمان»، أن التراث به بعض الشوائب التي لاتتفق مع الواقع المعاصر ولم ننكرها نظرا لارتباطها بتوقيت إصدارها إلا أن ذلك لا يدعوا للطعن فيها أو الطعن في جهد الأئمة والعلماء القائمون عليها والذي أفنوا أعمارهم في خدمة العلم بل وخدمة المجتمع من خلال ما نشروه من علوم استفادت منها الإنسانية، الأمر الذي يجعلنا نقول بأن باب التقويم والنقد مفتوح وليس باب السب والطعن وتشويه الحقائق.
ردًا على قول البعض بأن المؤتمرات غير مجدية قال عفيفي إن العبرة في المؤتمرات العلمية ليست بالمسائل النظرية ولكن بتنزيل تلك المضامين العلمية على الواقع المعاصر ، ولذا نؤكد على حقيقة مهمة وهي أن قراءة النص أو التراث الإسلامي مسألة جدلية بين من يتجهون للتقديس الكامل لمضمون التراث وبين من يدعون لتركه بكل مافيه، مشيرًا إلي أن القرآن والسنة حينما توجها بالخطاب لم يخاطبا أشباحًا وإنما خاطبا الأشخاص بواقعهم وحياتهم، وكما أن حال الانسان لا ينفك عن الماضي والحاضر والمستقبل فإن ذلك يوجه نظر الإنسان إلى أهمية اعتبار الماضي واعتماد الحاضر والنظر إلى المستقبل.
وأضاف الأمين العام، أن المتطرفين يأخذون من التراث ما يتوافق مع منهجهم وأهوائهم ويطبقوا دون التعرف على الزمان وأسباب النزول، و اشتمال بعض كتب التراث على آراء قيلت من قبل لا يعنى ضرورة تبنى تلك الآراء، فهناك منهجية علمية فى التعامل مع التراث كما ذكرنا من قبل، وهذه المنهجية تشمل عدم اجتزاء رأى من التراث من سياقه التاريخى، خاصة أنها وردت فى وقت وظروف معينة، ونؤكد دائمًا أن الزمان والمكان له اعتبار فى هذه الآراء، ولا يمكن بحال من الأحوال الادعاء بأن آراء ظهرت منذ 500 سنة وكانت تعالج قضايا معينة فى زمن معين، تُستدعى حرفياً للقرن الحادى العشرين، فهذا كلام لا يقره عاقل، بل يجب الجمع بين الأصالة والمعاصرة ومراعاة الواقع بكل ظروفه.
من ناحيته، قال الدكتور حاتم العوني أستاذ بجامعة أم القرى بالسعودية، أنه يجب علينا أن نسعد بتراثنا فهو مصدر عز الأمة ، مشددا على أن المعتدين عليه أصبحوا يمثلون خطر على الأمة ، مشيرا إلى أهمية دور الأزهر الشريف في الحفاظ على التراث ، فالأزهر الشريف بوسطيته وبغيرة علمائه على الدين هو صاحب الشأن فى الحفاظ على التراث، مشيرًا إلي أن الأزهر دائمًأ ينتفض من أجل الترث وينظر إليه نظرة فخر لأنه يحمل كنوز ثمينة.
وأضاف العوني في تصريحات لـ«أمان»، أن العلماء اتفقوا على أن كتاب الله وما ثبت صحته عن رسول الله لا يجوز المساس به وغير قابل للاجتهاد، أما ما فيه خلاف فلا مانع من الاجتهاد فيه، ونحن جميعًا الأمة الإسلامية نعتز بما ما قدمه سلفنا الصالح فقد فتحوا باب الاجتهاد والتجديد بما يتناسب مع المكان والزمان وأنهم رفضوا أن يتمسك أحد باجتهادهم باعتباره قرآنًا معصومًا بل لابد من الاجتهاد فيه إذا تطلب الأمر.
وبدوره قال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن التراث إرث، وتراث الأمة يعبر عن حضارتها وذاكرتها الحافظة، وما من أمة شيدت صروح المجد وبنت عزها إلا من خلال البناء على تراثها والاستفادة من تجاربه ومناهجه، فكان حاضرها امتداداً لماضيها، ومستقبلها ما هو إلا بناء تراكمي لذلك الماضي والحاضر، مشيرًأ إلى أن القراءات للتراث بين مقدس ومدنس، وخرجت أطروحات صادمت العقل والنقل ولم تعظم النقل، فوصلنا إلى مأزومية اللحظة، لذلك كان واجبًا على الأزهر الشريف أن تعيد تقييم هذه القراءات المتعددة للتراث، لتجيب على إشكاليات غياب المنهجية وتبرز للأمة رؤية متكاملة لتستفيد من تراثها وتواكب متغيرات عصرنا.
وأضاف العواري، لـ« أمان»، أن الدفاع عن التراث الإسلامي لا يعني أن التراث نص مقدس ولا يعتريه خطأ، نعلم جيدًأ أن كاتبيه هم بشر يؤخذ من كلامهم ويرد، فلا ينبغي أن نرد تطرف الطاعنين في التراث الإسلامي بتطرف آخر يقدس كل ما في كتب التراث، بل السبيل القويم يتمثل في الاحتكام إلى الكتاب والسنة ونور العقل السليم ومنطق البحث العلمي، ليتم وضع كل شيء في معيار الحق والانصاف، موضحًا أن الأزهر يبين زيف الدعاوى المعادية والهادمة للتراث الإسلامى، وبيان وسطية المنهج الإسلامى فى التعامل مع قضية التراث، وإثبات قابلية التراث للتجديد، والنقد والتنقية والدراسية والتحقيق، وإيضاح الفرق بين نقد التراث وبين هدم التراث .
بينما قال المفكر الإسلامي محمد ثابت خالد، أن الأزهر الشريف أصبح همه الدفاع عن نفسه وتجميل صورته، ودائما يخشى الفكر، لعجز بعض العلماء عن مناقشة الفكر بالفكر، مشيرًا لوجود أساتذه وهابيه بالأزهريخرجون العقول والضمائر، إن الوطن يمر بمحنة الإرهاب ، وذهب ضحيته الكثيرون من الأبرياء، ووحدها تواجه القوى الأمنية من جيش وشرطة هذا الإرهاب الذي يؤسس دمويته على خطاب ديني معروف للكافة في المؤسسات الدينية كالأزهر الشريف وغير المؤسسات الدينية، لفتًا إلي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وأكثر من مرة يوجه الأزهر الشريف للقيام بدوره الفكري في مواجهة ذلك الخطاب، من خلال إعادة قراءة التراث الديني ومراجعة ما فيه مما كان يناسب لحظته وحسب.
وأضاف في تصريحات لـ«أمان»، إذا عجز الأزهر عن مسئوليته فعلى الدولة أن تتدخل بإجراءات حاسمة ليس منعًا للإرهاب فحسب ولكن صونًا للدين، فنحن في أشد الحاجة إلى من يدفع همة الأزهر لتستيقظ، لا يوجد في الشريعة الإسلامية وسطاء بين العبد وربه، ولا يوجد في الإسلام رجال دين ورجال دنيا ، حيث أن التجديد يتمثل في الشريعة وليس الدين -أي الأحوال المتغيرة- ولكن للأسف اختلط الأمر الآن بين أمور الدين وأمور الشريعة؛ مما خلق ما يسمى بـ«السلطة على الناس»؛ يترتب على ذلك تقديس خطاب رجال الدين، وأصحاب الفكر الوهابي هم أصحاب المنهج المتحجر في مراجعة الأحاديث الضعيفة.