رئيس وزراء باكستان يحث دول "التعاون الإسلامى" على التكيف مع المتغيرات العالمية
قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إن تزامن انعقاد مؤتمر وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في إسلام آباد، مع الذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال باكستان لهو تجل استثنائي للتضامن الإسلامي مع باكستان، مشدداً على أهمية توقيت هذا الاجتماع في ظل التغيرات التي يشهدها أمن العالم ونظمه الاقتصادية.
وأشار عمران خان، في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، إلى أنَّ منظمة التعاون الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة حكومية في العالم، وتمثل الصوت الجامع للعالم الإسلامي، لافتاً إلى أنها عملت على مدى السنين على نحو فعَّال لتعزيز المصالح والأهداف المشتركة للعالم الإسلامي، كما سعت لتعزيز السلام والأمن الدوليين، والتفاهم والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، وتنمية قيم الإسلام النبيلة المتجسدة في السلام والعدالة والاحترام المتبادل.
وكشف عن أنَّ اجتماع وزراء الخارجية في إسلام آباد ينعقد في لحظة حرجة في تاريخ العالم، وذلك في ظل تآكل بنيات الأمن العالمي والنظام الاقتصادي اللذين تم إرساؤهما منذ عام 1945، مرجعاً هذا التآكل إلى عوامل عدة هي الاستخدام المتكرر والأحادي للقوة، والحرب الباردة الجديدة، والتفاوت المتزايد بين الدول وداخل الدولة الواحدة، الذي فاقمه وباء «كوفيد-19»، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي والثورة التكنولوجية.
وشدَّد على ضرورة أن تستكشف الدول الإسلامية بحصافة هذه الحقائق الجديدة، وأن تشكل على نحو فاعل النظام العالمي الناشئ لتحقيق مصالحها الفردية والمشتركة، لافتاً إلى أنه من أجل بلوغ هذه الغاية يجب على الدول الإسلامية أولاً تعزيز وصيانة سيادتها وسلامة أراضيها، وذلك من خلال التمسك بالمبادئ، وتجنب الانخراط في التنافس بين القوى العظمى، وحل الخلافات الإسلامية-الإسلامية، وقطع الطريق دون التدخل الأجنبي.
وأضاف: "كما يجب على منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها قوة دافعة من أجل السلام والعدالة أن تستمر في دعم القضايا العادلة لفلسطين وكشمير من أجل نيل الحق في تحديد المصير، والتحرر من الاحتلال الأجنبي"، متابعاً: "وعلى الرغم من ضخامة هذه الأهداف، إلا أني مقتنع بأن مسار التاريخ يميل نحو العدالة".
وأكد أن بلاده تسعى إلى إقامة علاقات ودية مع جميع جيرانها بما في ذلك الهند، داعياً نيودلهي إلى "خلق الظروف المفضية إلى إجراء حوار صادق وقائم على المخرجات مع باكستان والكشميريين".
وفي الشأن الأفغاني، قال رئيس الوزراء الباكستاني "إنه بعد 40 عاماً، توجد الآن فرصة حقيقية لإعادة السلام والأمن إلى أفغانستان والمنطقة"، مؤكدا ضرورة التحرك بشكل جماعي لمنع حدوث كارثة إنسانية وانهيار اقتصادي في أفغانستان، والعمل على نحو فعَّال مع السلطات الأفغانية لتعزيز حقوق الإنسان ولا سيما حقوق المرأة، وتشجيع المزيد من الإدماج، وتطوير استراتيجيات فعالة للقضاء على التهديد الإرهابي في البلاد".
وقال "يجب أن نعمل على إيجاد حلولنا الخاصة للمشكلات التي تواجه العالم الإسلامي"، مشدداً على ضرورة حل النزاعات في سوريا وليبيا واليمن عبر التوفيق والتعاون بين الدول الإسلامية ذات الصلة، ومنع الأطراف غير الإسلامية من التدخل في هذه النزاعات.
وأضاف: "يجب على منظمة التعاون الإسلامي أن تنظر بجدية في تأسيس هياكلها الخاصة للسلام والأمن لتعزيز حل الصراعات من خلال الحوار والمفاوضات كلما ظهر خلاف بين الدول الإسلامية، أو بينها وبين والكيانات غير الإسلامية".
واعتبر عمران خان أن العالم الإسلامي يزخر بالموارد البشرية والطبيعية، داعياً إلى التنسيق على نحو أفضل لاستثمار أوجه التكامل وبناء القدرات، مؤكدا أن العمل الإسلامي المشترك في المجالات الاقتصادية والتجارية، سيشكل خطوة مهمة باتجاه المزيد من التقارب والتضامن السياسيين.
وأشار إلى أن "وباء كوفيد-19 والتغير المناخي فاقما التحديات الاجتماعية والاقتصادية، لكنهما أتاحا أيضاً فرصاً جديدة لإعادة ضبط الأولويات فيما يتعلق بالتماسك الداخلي لدول منظمة التعاون الإسلامي.
وقال إنه "يجب على الدول الإسلامية أن تنضم إلى الدول النامية من أجل تعبئة الموارد الكافية للتعافي من الوباء، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة"، موضحاً أن هذه التعبئة "يجب أن تشمل عمليات للإعفاء من الديون وإعادة هيكلتها، وتحقيق هدف إنفاق 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي على المساعدات الإنمائية الرسمية، وإعادة توزيع الـ400 مليار دولار غير المستخدمة في حقوق السحب الخاصة الجديدة، وقروض أكبر من بنوك التنمية متعددة الأطراف، إضافة إلى استثمارات ضخمة من القطاعين العام والخاص في البنية التحتية المستدامة، وتعبئة الـ100 مليار التي تم التعهد بدفعها سنوياً لتمويل العمل المناخي".
واعتبر رئيس الوزراء الباكستاني أن دول منظمة التعاون الإسلامي تحتاج إلى تهيئة نفسها لاقتصاد عالمي رقمي ومتكامل وقائم على المعرفة في المستقبل، داعياً إلى إنشاء "لجنة للمستقبل" تكون تابعة للمنظمة من أجل دراسة الاتجاهات في العلوم والتكنولوجيا والتجارة والتمويل والتوصية باستراتيجية واضحة وطويلة الأجل.
كما دعا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع كل الدول والمجموعات، مع الغرب والشرق. وفي الوقت نفسه، يجب أن نستغل أوجه التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية، باستخدام البنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات منظمة التعاون الإسلامي الأخرى، لافتاً إلى أنه يمكن لفريق عمل خاص من الخبراء وضع خطة للتعاون الاقتصادي والمالي والتجاري والتكنولوجي بين الدول الأعضاء في المنظمة.
وقال عمران خان إنه "يجب علينا تعزيز الاحترام العالمي لعقيدتنا الإسلامية، وتوفير الحماية لكل مسلم في كل مكان. يجب أن نعترض بشدة على تشويه صورة الإسلام أو أي ازدراء لكتابنا الكريم أو لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم".
وعبر رئيس الوزراء الباكستاني عن سروره باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع للقرار الذي اقترحته باكستان، مع دول منظمة التعاونالإسلامي، والذي أعلن 15 مارس يوماً عالمياً لمكافحة الإسلاموفوبيا، مؤكداً أن بلاده ستواصل بناء الجسور وترسيخ احترام جميع الأديان والمعتقدات وتعزيز الحوار العالمي بين الحضارات لتعزيز التعايش السلمي والوئام بين الأديان.
وشدد عمران خان على أن باكستان ستبقى دائماً حصناً للإسلام ومدافعة عن حقوق ومصالح المسلمين في جميع أنحاء العالم، معرباً عن أمله في تحقيق رؤية مؤسس الدولة لتحويل باكستان إلى دولة رفاهية إسلامية حديثة وديمقراطية.