وداع الكبار 6| ميرفت مرسي: «شاكر عبد الحميد سجل أحلامه ليكتبها في رواية»
عام مر على رحيل وزير الثقافة الأسبق الدكتور شاكر عبد الحميد في 18 مارس الماضي، ليفاجئ الوسط الثقافي برحيله متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا .
وروت ميرفت مرسي لـ«الدستور» تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الدكتور شاكر عبد الحميد وأمنياته ووصيته، نرصدها في السطور التالية.
جهز لكتابه "الكرونيات" لكن القدر لم يمهله
قالت ميرفت مرسي:" كان شاكر عبد الحميد قد عانى من سخونة والتهاب في الحلق، وذهبنا للدكتور والذي طلب تحاليل وكتب له أدوية، وكان زوج أختي أيضًا مصابًا بكورونا في هذه الفترة، وكان من الأفضل لشاكر أن يذهب إلى المستشفى وبالفعل طلبوا أشعة مقطعية في مستشفى دار الفؤاد، لسيتضح إصابته بالفيروس، إلا أنه رفض البقاء في المستشفى".
وتابعت: “أحضرنا له اسطوانة أكسجين وممرض، واستمرت معه لمدة 48 ساعة، ولكن تفاقم الوضع فتواصلنا مع مستشفى العجوزة ووفروا له مكانا ونقلناه للمستشفى، وظل فيها مدة 8 ايام، ولم نكن نزوره حسب أوامر الاطباء وحسب الاجراءات الاحترازية التي تتبعها المستشفى، ولكن كنا نتواصل مع المستشفى ومديرها، كنا مطمئنين تماما أنه سيعبر الأزمة، ويبدو انهم لم يقولوا الحقيقة ويبدو أن حالته لم تكن مستقرة كما كانوا يبلغوننا، ويبدو أن السكر زاد والضغط ولم نكن نعرف هذا في وقتها، وبعد 8 أيام انتقل إلى رحمة الله وعرفنا أن الفيروس كان شديديا عليه وأكل من رئته”.
وعن آخر مشاريع وزير الثقافة الأسبق قالت ميرفت مرسي:" كان شاكر قد بدأ كتابة مقالات مختلفة عن كورونا واسماها بـ"الكرونيات"، ووجدنا له أجندة جمع فيها بعض أخبار الحوادث المتعلقة بوباء كورونا، مثل أن شخصا انتحر حين علم بإصابته بكورونا، وآخر ترك المستشفى وذهب إلى مناسبة في بيته ورجع بعد انقضائها، والعديد من هذه الأخبار، وكتب شاكر العديد من المقالات حول الوباء، ويجمع العديد من الامور التي يمكن ان تساعده في إتمام كتابه، كان واضحًا أنه يجمع كتابا مختلفا وكان يقيس كورونا من الجوانب الاقتصادية والفنية وتاثيرها بشكل عام، وبالفعل كتب عناصر ومقالات، كتبها على اساس ان هناك كتابا مستقبليا عن هذا الوباء".
وعن أصدقائه وتواصله معهم أكدت مرسي، أن شاكر كان مقربًا من الكثيرين وله العديد من الأصدقاء، وتابعت أن اصدقائه في شتى مجالات المعرفة وليس المثقفين والأدباء فقط، وليس في مصر وحدها وإنما في العالم العربي بأسره، لاننا ظللنا فترة ف عمنا وفترة في الإمارات وفترة في البحرين وفي كل مكان كانت له صداقات عديدة، كان رحمه الله حميميا يحب الناس، كان يهاتفهم ليطمئن عليهم، ولا اقدر على تحديد اسماء لانه كان صديقا للكثيرين ولكني أعرف تماما أنه لم يطلب منه أحد شئ وتأخر عنه، سواء في ندوة او افتتاح معرض، كان يضغط على نفسه ليرضي الاخرين.
تبرع بمكتبته لأكاديمية الفنون
وذكرت ميرفت مرسي أن الدكتور شاكر عبد الحميد أحس بدنو أجله، تقول:" لم يكن هناك تمهيد لموته، كانت الحياة عادية، ولكني أذكر أنه قبل وفاته بعشرة ايام توفى زوج أختي بنفس الطريقة، فحزن شاكر عبد الحميد حزنا عظيما، وقتها سيطر عليه الاكتئاب، وكان يقول:" أنا حاسس إن أنا عليا الدور"، وأيضًا كان يقول:" أنا واضح إني خلاص"، وكان يفتحا لفيس بوك ويقرأ الوفيات وكانتا لفترة مليئة بالوفيات، كان لديه اكتئاب وكان يقول الواحد عليه الدور، ولكن لم نلق بالا لهذا الامر، وكنا نظن انه يفضفض بمجرد كلام، كان كإيعاز داخلي أو احساس أو نبوءة، او ربما لأن الكثيرن من المقربين منه توفوا، كان حزينا عليهم، وكانت فترة صعبة نفسيا عليه.
وتكمل ميرفت مرسي:" تحدث شاكر عبد الحميد عن مكتبته، وللعلم فإن مكتبته ضخمة جدا وتحوي كتبا في كل صنوف المعرفة، في علم النفس والفلسفة والروايات وليس فقط كتب قام بشرائها ولكن هناك اهداءات من كتاب وشعراء كبار، ومكتبته اوصى ان نهديها لاكاديمية الفنون وبالفعل تقوم مكتبة الفنون بعمل مكتبة باسمه وبعد انتهائهم منها سنهدي لهم المكتبة كما امر شاكر عبد الحميد، وذلك لكي يستفيدوا منها للمستقبل كما قال وطلب، كنا نتمنى وجودها ولكن لن يستفيد منها احد ولكن سنحتفظ بمؤلفاته وترجماته ولكننا سنهدي منها نسخ للمكتبة وشهاداته والأشياء الخاصة به، شاكر يملك مجموعة من الدروع والجوائز سنحتفظ بها ولكن الكتب سنهديها للمكتبة.
حلم بكتابة رواية عن أحلامنا
وعن أمنية شاكر عبد الحميد التي لم تتحقق تقول ميرفت مرسي:" طوال عمره كانت لديه امنية أن يكتب رواية، وبالفعل كان يسجل احلامه واحلامنا ولديه كشكول دون فيه الأحلام وكتبه بالتاريخ واليوم وراح يجمع الاحلام وكان ينوي تحويلها لرواية وكان سيطلق عليه كتاب الأحلام، وكلها تدور حول الأحلام، ربما على غرار أحلام نقاهة محفوظ، ولكنه سجل الكثير من الاحلام وكان يفسر كل حلم من وجهة نظرة، وكان سيكتبها لكن القدر لم يمهله.
ومن هذه الأحلام التي سجلها كتاب شاكر عبد الحميد يقول بتاريخ ديسمبر 1997:" حلمت أنني في حفلة تحضرها جميع قيادات الثقافة المصرية الرسميين، كان منظم الحفل هو فوزي فهمي، وبعد أن مدت الموائد والأطعمة الفاخرة عليها، وحضر الجميع وحضر الوزير خرجت في صمت، ولم يطلب مني أحد الجلوس لتناول الطعام، وللحلم تفسيره في تفكيري المستمر في اعتلاء أحد المناصب الكبرى في وزارة الثقافة،وربما الوزراة نفسها:".
وهو حلم شاكر عبد الحميد الذي تحقق بتوليه حقيبة وزارة الثقافة المصرية في حكومة كمال جنزوري عام 2011.
تواصل:" كان يحضر لكتاب عن الشخصية المصرية على كل المستويات وكان يجمع الكتب والمقالات عن الشخصية المصرية ليطرحها في كتاب.
وعن آخر ما كتب تقول:" كان شاكر لديه كتاب انتهى منه يوم 4 يناير 2021، وهو كتاب العلاج بالفن للأطفال منصة معني للنشر الالكترونى تم الانتهاء منه وإرساله بتاريخ 4 يناير سنة 2021، وكان آخر كتاب أرسله، وبعدها منذ هذه الفترة لم يكتب بسبب بذله لمجهود كثير، وكان في راحة، ولم يكن يريد عمل شئ وكان في راحة ولكنه ظل يقرأ مجموعة من الروايات التي كتبها الشباب في هذه الفترة وأن يجلس كثيرا ليشاهدا التلفزيون والبرامج وكان يتابع اخبار كورونا، وكان تقريبا لا يخرج إلا لظروف، كان يستيقظ متاخرا يفطر ويشاعهدا لتلفزيون ويدخل المكتب ويقرا الاخبار ولم يكن يخرج.
وعن دراساته تقول:" كان يضع أمامه مجموعة من الروايات التي كتبت في الفترة الاخيرة وكان يفكر في عمل دراسات نقدية لها، فكانت على مكتبه الكثير من الكتب.
وتقول الزوجة عن آخر كلمات الراحل :" كان يفكر أن يرى حفيده من ابنته ياسمين، كان لازال مولودا وله ست شهور من عمره، كان يتمنى رؤيته على الطبيعة ولكنه رآه على الانترنت، فابنته مسافرة وكان يقول لي اتمنى رؤية مليكة ويوسف أحفاده وكان هذا آخر ما قاله لي، ولم ين يريد الذهاب للمستشفى وقال لي:" من يذهب للمستشفى لا يخرج منها"، فطمأنته وقلت له:" ستخرج بصحة وعافية ان شاء الله"، فأخبرني أنه يريد رؤية مليكة ويوسف حفيديه.
وأضافت مرسي والتي تقلدت منصب رئيس المركز القومي لثقافة الطفل من قبل:" أول كتاب تم الانتهاء منه هو كتاب "الطفولة والموهبة والابداع في أعمال شاكر عبد الحميد" والذي تناول أبحاثه ودراساته حول الطفولة وعلاقتها بالموهبة وكيفية اكتشاف وتنمية الموهوبين والعملية الابداعية وخصائص الطفل المبدع وماهي المشكلات والمعوقات التي تواجه المبدعين وهل تتطور الموهبة دائما إلي ابداع وسرد تصوره لإنشاء مركز لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم.
وتابعت:" وسوف استمر في هذه السلسلة وتحت الإعداد كتاب "الفكاهة والضحك في أعمال شاكر عبد الحميد".