علي جمعة: ليلة النصف من شعبان حول الله فيها وجوهنا من «المقدس» إلى «المحرم»
قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن ليلة النصف من شعبان هى ليلة وجّه الله فيها وجوهنا من البيت المقدس إلى البيت المحرم بمكة، وأيضًا يبرز هنا بيت المقدس وكأنه محور حياة المسلمين وبداية مواسمهم ونهايتها. هذا هو الدين فأين المفر؟ هذه هي الحقيقة.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك قائلًا: في هذه الآيات البينات التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين إلى البيت الحرام، ذكر لنا الله سبحانه وتعالى بيانًا شافيًا فيما نحن فيه الآن، وكأن القرآن قد نزل غضًا طريًّا إلى أمة المسلمين، نتلو الآيات ونأخذ منها العبرة ونقف عند القضايا ونوجّه أنفسنا في منهج حياتنا وبرنامج يومنا طبقًا لها.. فهذا هو الذي يُرضي الله ورسوله ويُرضي المؤمنين.
وأضاف قائلًا: يقول ربنا سبحانه وتعالى لأشرف خلقه صلى الله عليه وآله وسلم: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} النبي ﷺ يدعو فلا بد عليك أيها المؤمن أن تتمسك بالدعاء؛ وعِد على أصابع يديك مرات ومرات، فهذا البرنامج الذي أراده الله للمؤمن، ودعك من أقاويل المفسدين ومن تثبيط المثبطين ومن فلسفة المتفلسفين. انظر ماذا يريد ربك منك {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} فهو يدعو ويلح في الدعاء.
وتابع: يوم بدر أخذ ﷺ يدعو حتى أشفق عليه أبوبكر رضي الله تعالى عنه ويقول له: "كفاك يا رسول الله مناشدتك ربك إنه سيستجيب لك"، وكأنه قد غاب عن الأكوان وأصبح قلبه ﷺ لا يراها، وأوضح أنه انفتح باب الحق وانغلق باب الخلق؛ فأخذ يدعو ولم يستجب لمناشدة أبي بكر، فنصر الله القلة القليلة على الكثرة الفاجرة الكافرة وأظهر الله عجائب قدرته وولى الكافرون فرارًا، ولم يكن هذا مجرد حادث، ولم تكن مجرد غزوة، وإنما كانت تأسيسًا لمبدأ رباني مع المؤمنين، وكانت عهدًا بين المسلمين وبين ربهم {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ} لم يدع مرة أو مرتين بل قلّب وجهه في السماء قبلة الدعاء ومد يده إلى أن ظهر بياض إبطيه صلى الله عليه وآله وسلم، وبياض الإبطين لا يبدو إلا مع المغالاة في رفع اليد وكأنه يستغيث بربٍ كريم {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} يؤكد ذلك {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} حكم يأمرنا جميعًا بأن نولي وجوهنا شطر المسجد الحرام، وكأن الله لا يترك فرصة إلا ويأمرنا بالاتحاد.