داعية: القوامة لا تستلزم انفراد الزوج بتدبير الأمور الدنيوية
ورد سؤال إلى الشيخ مكرم عبداللطيف، الداعية بوزارة الأوقاف، من أحد المتابعين عبر وسائل التواصل يقول فيه: ما حكم الرجل الذي تقرر زوجته كل شيء في الأمور الدنيوية، مثل اختيار أثاث المنزل وغيره، أو الرجل الذي يجلس في البيت مع الأولاد، وزوجته هي التي تعمل، هل عليه شيء؟
وأجاب مكرم قائًلًا: "إن قوامة الرجل على زوجته، تقتضي رعايته لمصالحها الدنيوية والدينية، فالرجال قوامون عليهن، بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضًا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن.
وتابع: لا تستلزم القوامة انفراد الزوج بتدبير كل أموره الدنيوية، دون مشاورة زوجته، بل المشاورة بين الزوجين محمودة، وقد استحب أهل العلم مشاورة الرجل زوجته في تزويج ابنتهما.
وأضاف أن هناك قصة الصحابي الجليل جليبيب رضي الله عنه غير منسوب، (لم يكن له نسب يعرف به)، وكان دميم الخلقة، لكنه حسن الخلق، وكانت فيه دعابة، وكان عازبًا، رضي الله عنه، فخطب له النبي صلى الله عليه وسلم ابنة رجل من الأنصار فقال الرجل: حتى أشاور أمها، فلما ذكر الرجل الأمر لزوجته، أنفت من ذلك لدمامته وفقره، وبينما هَمَّ الرجل بالقيام لإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم برفض زوجته، قالت البنت: أتردون على رسول الله أمره؟! فما كان منهما إلا أن تراجعا عن قرارهما، ووافقا على الزواج، وتم بحمد الله.
وأكمل: وفي غزوة من الغزوات خرج جليبيب مع النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد فيها رضي الله عنه، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ: أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي مَغْزَىً لَهُ. فَأَفَاءَ اللّهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟" قَالُوا: نَعَمْ. فُلاَناً وَفُلاَناً وَفُلاَناً. ثُمّ قَالَ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟" قَالُوا: نَعَمْ. فُلاَناً وَفُلاَناً وَفُلاَناً. ثُمّ قَالَ: "هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟" قَالُوا: لاَ. قَالَ: "لَكِنّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيباً. فَاطْلُبُوهُ" فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَىَ. فَوَجَدُوهُ إِلَىَ جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ. ثُمّ قَتَلُوهُ. فَأَتَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "قَتَلَ سَبْعَةً. ثُمّ قَتَلُوهُ. هَذَا مِنّي وَأَنَا مِنْهُ، هَذَا مِنّي وَأَنَا مِنْهُ". قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَىَ سَاعِدَيْهِ. لَيْسَ لَهُ إِلاّ سَاعِدا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلا.
وأوضح أنه إذا ترك الرجل لزوجته اختيار أثاث البيت أو نحوه، فلا حرج عليه في ذلك، ما دامت عاقلة، ولا تختار شيئًا محرمًا، والأصل أنّ الزوج هو الذي يكتسب، وينفق على زوجته وأولاده، لكن إذا لم يجد الرجل كسبًا، وكانت المرأة مكتسبة بطريق مباح لا يشتمل على مخالفة للشرع، ورضيت المرأة بالإنفاق على الزوج بطيب نفس، فلا مانع من ذلك، ولا يلغي ذلك قوامته عليها.
وأكد على أن القوامة ليست بسبب إنفاق الزوج فقط، ولكن الرجل الحر الذى يريد أن لا تشاركه المرأة فى شيء من القوامة لا يقبل أن تشاركه المرأة فى النفقة.