«جريمة مخلة بالشرف».. كيف واجهت الدولة ظاهرة التعديات على الأراضي الزراعية؟
حملة مكبرة أطلقتها الدولة على مدار الأعوام القليلة الماضية لمواجهة التعديات على أملاك الدولة خاصة من الأراضي الزراعية، حيث بدأت الدولة حملتها في موجات متتالية للقضاء على الظاهرة، لتحقق الحملة نجاحًا مبهرًا في تحقيق الردع ومواجهة محاولات البعض انتهاز الفرص والتحايل بالبناء على أملاك الدولة بالمخالفة للقانون.
حجم خسائر الأرض الزراعية
خسرت الدولة الكثير من رقعتها الزراعية على مدار سنوات طويلة، أثرت بالسلب على مساحة الأراضي المزروعة وأو الصالحة للزراعة وصاحب ذلك تأثيرًا سلبيًا على قدرة الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل والخضر الزراعية، وفقًا للدكتور جمال صيام، استاذ الاقتصاد الزراعي.
وأضاف صيام في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن مساحة الأراضي المزروعة كان 6.1 مليون فدان أما بعد التعدي عليها نزلت هذه المساحة إلى 5.5 مليون فدان تقريبًا حيث بلغ حجم الفاقد نصف مليون فدان بسبب التعدي على الأراضي الزراعية.
وأشار إلى أن حملات إزالة التعديات التي أطلقتها الدولة ساهمت في تدارك الأمر بعد أن بلغ حجم الفاقد من الأراضي ٣٠ ألف فدان سنويًا، لتنخفض تلك النسبة بشكل ملحوظ منذ انطلاق الحملة.
وأكمل أنه بسبب صغر المساحة التي يعيش عليها سكان الأراضي القديمة من أهل الريف والتي دفعتهم للتعدي على الأراضي الزراعية بسبب الزيادة السكانية بدأت الدولة في عمل المشاريع خارج هذه الأراضي القديمة لاتاحة الفرصة للسكان خارج الأراضي الزراعية، مضيفًا أنه يفضل السماح بالتوسع الرأسي للمزارعين في منازلهم بدلا من التوسع الأفقي الذي يدخل على الأراضي وهو حل آخر لمنع التعديات.
إجراءات الحكومة لحماية الأراضي الزراعية
وكثفت الحكومة من حملات المرور الميداني على مستوى الجمهورية لحماية الأراضي ومتابعة التعديات وما تم اتخاذه من إجراءات، بالإضافة إلى إيقاف أي دعم يحصل عليه المتعدي على أي بقعة زراعية؛ سواء كان هذا الدعم من التموين، أو الخبز، أو الأسمدة، وغيرها من صور الدعم.
وكلف رئيس الوزراء وزير العدل بدراسة وإعداد مشروع قانون يتضمن مصادرة المبنى المخالف، واعتبار التعدي على الأراضي الزراعية "جريمة مُخلة بالشرف"، بالإضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة على المعتدين، وأن يتضمن مشروع القانون كذلك معاقبة المقاول الذي يتولى بناء المبنى المخالف.
التعديات وارتفاع الأسعار
وبحسب الدكتور يحيى متولي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، فإن التعديات على الأراضي كان السبب الرئيسي في انخفاض الناتج الزراعي على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي دفع المنتجين إلى رفع أسعار الخضراوات والفواكه بشكل هائل لتحقيق الربح الأكبر لهم، وكان يشتكي المواطنين من هذا الارتفاع في الأسعار.
وأضاف متولي، في تصريحات لـ"الدستور"، أن المشروعات الزراعية الجديدة التي نفذتها الحكومة بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي كانت هي المنقذ التي أعادت كفة الميزان إلى وضعها الطبيعي، من خلال توافر المحاصيل بشكل دائم طوال العام فالمنافسة أصبحت تتم على البيع بأي سعر لان هناك بدائل لأي منتج يحاول رفع سعره.
ووفقًا لإحصائيات صادرة عن مجلس الوزراء، فقد احتلت محافظة البحيرة المرتبة الأولى كأكبر المحافظات في عدد حالات التعدي على الأراضي الزراعية خلال الفترة من “2015-2019” بنحو 11.5% من إجمالي عدد حالات التعدي خلال تلك الفترة.
خسارة 2 مليون طن قمح
وفي تصريح سابق للدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، قال إن ما خسرته مصر سنويا 2 مليون و250 ألف طن قمح كان يمكن استغلالها في زراعات إنتاجية وتصديريه سواء من المحاصيل البستانية أو محاصيل الخضر، وهو ما تسبب في زيادة فاتورة استيراد المنتجات الغذائية من الخارج واستنزاف العملات الصعبة في تكلفة الاستيراد من الخارج بدلا من الاعتماد على الإنتاج الزراعي وحمايته من التعديات.