خبراء يوضحون تأثير الأزمة «الروسية ـ الأوكرانية» على مصر
تأثيرات كبيرة يشهدها العالم أجمع، عقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ترتبط بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، منها ارتفاع التضخم الذى سينتج من ارتفاع أسعار غالبية السلع الناتج عن ارتفاع أسعار الطاقة.
وعن مدى تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على مصر؟، وما جهود الدولة للتصدي لها؟، تواصلت “الدستور” مع عدد من خبراء في الاقتصاد لإيضاح ذلك الأمر.
وعلق الدكتور وليد جاب الله، خبير اقتصادي، على مدى تأثير الأزمة الناشئة بين روسيا وأوكرانيا على مصر؛ قائلًا: تعتبر مصر الشريك التجاري الأول لكل من روسيا، وأوكرانيا في إفريقيا، والشرق الأوسط، ومن ثم فإن لهذا الصراع تداعيات مُتشابكة جداً بالنسبة للاقتصاد المصري، حيث تعد روسيا هي المورد الأول للقمح لمصر بينما أوكرانيا هي المورد الثاني بالتالي فإن مصر مدعوة لمراجعة إجراءات سلاسل إمداداتها من تلك السلعة الاستراتيجية.
وأكد جاب الله، أن مصر لديها احتياطي يكفيها لمدة نحو 5 أشهر، وقد تمتد لأكثر من 9 أشهر مع حصاد القمح المصري في منتصف إبريل القادم، كما أن وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية على أتم استعداد من قبل بدء تلك الحرب، لإمكانية السيطرة على الوضع الفترات المقبلة.
وأضاف أن سعر النفط يشهد ارتفاع غير مسبوق بعد بدء الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أن هناك صعوبة في تقدير سعر النفط في الموازنة المصرية عند مُستوى 61 دولار للبرميل بينما تجاوز بفعل تلك الأزمة سقف الـ 100 دولار للبرميل، وقد يحد من هذا الضرر ارتفاع أسعار صادرات مصر من الغاز والصادرات البترولية التي وصلت إلى نحو 12,9 مليار دولار خلال عام 2021 .
وعن تأثير الأزمة على قطاع السياحة، يقول دكتور وليد جاب الله: ينتج عن الأزمة تراجع ملحوظ في أعداد السائحين الأوكرانيين لمصر، بينما ارتفعت أعداد السائحين القادمين من ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، منوهًا إلى أن لمصر تشابكات اقتصادية مُعقدة مع كافة أطراف الصراع في أوكرانيا وترتبط بعلاقات جيدة معهم جميعاً وهو الأمر الذي يحتاج إلى تعامل مرن يرصد المُتغيرات المُتسارعة.
وتابع أن حجم التبادل التجاري مع أوكرانيا وصل إلى نحو 2,6 مليار دولار خلال 2019 حيث تتركز صادرات مصر لأوكرانيا في الموالح، والأرز، والأدوية، والفراولة، والبطاطس، والتوابل، والنباتات الطبية، ومنتجات الحديد، وفحم الكوك، بينما تتركز الواردات المصرية من أوكرانيا على القمح، والذرة، والحديد، زيت عباد الشمس.
أما روسيا فحجم تبادلها التجاري مع مصر وصل لنحو 7,7 مليار دولار عام 2018 حيث تركزت الصادرات المصرية لروسيا على الفاكهة، والخضروات، والملابس بينما تركزت الواردات المصرية من روسيا على القمح، والوقود، والمعادن، والنحاس، والطائرات.
بعد الأزمة سينتج ارتفاع بمعدلات التضخم في معظم دول العالم
وقال الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، في تصريحات خاصة لـ"الدستور": إن الأزمة الروسية الأوكرانية لها تأثيرات وعواقب وخيمة ستلحق بدول العالم كافة ومنها مصر، مشيرًا إلى إن التأثير الأكبر يتركز في مدى توافر مخزون القمح، حيث تعتمد مصر على حوالي 90 % من استيرادها للقمح من دولتي روسيا وأوكرانيا ومن ثم ستكون هناك مشكلة في توفير القمح.
وتابع أن أسعار القمح ستواصل ارتفاعها الفترات القادمة نظرًا للجوء إلى أسواق دولية أخرى، معلقًا: "سيكون هناك أزمة في استيراده من دول أخرى لاحتمالية أن المعروض، مش هيكفي الطلب"، موضحًا أن أوكرانيا وروسيا من أكبر الدول المنتجة لمحصول القمح على مدار العام.
واستكمل الدسوقي: سيكون هناك تأثير كبير على أسعار الطاقة وخاصة البترول، فقد يلاحظ بدء ارتفاع أسعار البترول بشكل غير مسبوق، والذي سيؤثر بدوره على الناحيتين الإيجابية من حيث التصدير له، والسلبية من حيث استيراد مصر له من الخارج، مؤكدا أن تلك الحرب الكبيرة ستولد ارتفاع معدلات التضخم في معظم دول العالم، ونظرًا لوجود عولمة وترابط دولي، سينتقل التضخم بسهولة إلى دول العالم ومنها مصر.
وعن جهود الدولة لتلاشي تلك التأثيرات الجسيمة، قال: يجب أن تتوسع مصر في زراعة القمح، كما يلزم تكبير قاعدة استيرادنا من القمح أى لا نعتمد بدرجة كبيرة على استيراده من دولة واحدة مثل روسيا، وبصفة عامة زيادة إنتاج مصر من السلع الأساسية سيكون درع قوي في صد وتلاشي الكثير من المشاكل المحتملة مستقبلًا.