الجزء الأول من «مكافحة الفساد عبر التاريخ».. جديد عالم المعرفة
عن سلسلة "عالم المعرفة" التى يصدرها المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، صدر الجزء الأول من كتاب "مكافحة الفساد عبر التاريخ - من العصور القديمة إلى العصر الحديث» من تاليف رونالد كروزى أندريه فيتوريا – جى غيلتنر، وترجمة عبد الرحيم على.
الكتاب بجزأيه هو أول دراسة مقارنة كبرى لكيفية تعريف المجتمعات والسلطات في التاريخ الأوروبي وخارجه للسلطة الشرعية، من حيث مكافحة الفساد وتصميم آليات محددة لتنفيذ جدول الاعمال، بل ينظر إلى الفساد اليوم في العالم وتحديدا الأوروبي على مطاق واسع باعتباره إحدى اكثر المشكلات التى نواجهها إلحاحاً كمجتمع عالمي.
فقد مثل الفساد عقبة رئيسية امام الطريق إلى "الدانمارك" وهو مخطط أولي لبناء الدولة المستقر والناجح، وعلى الرغم أن موضوع الفساد ومكافحته قد جذب انتباه السياسيين والعلماء والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام العالمية، فقد أولى اهتماما ضئيل للعلاقة بين الفساد ووضع وتغيير وتنفيذ سياسات مكافحة الفساد عبر الزمان والمكان، مع التنوع المصاحب لذلك في كيفية تعريف الفساد واكتشافه ومكافحته.
الكتاب يقع في ثلاثمائة وتلاث وتمانون صفحة من القطع المتوسط، ويحوى مقدمة وعشرة فصول وبكل فصل بابين ويطرح عبر الفصول العشر، ماهية بل وكيفية محاربة الفساد بداية مما قامت به اثينا اليونانية الديمقراطية قديما وكيف كانت آليات المحاربة في العصور القديمة، وكذلك محاربة الفساد بالفكر والممارسات السياسية المباشرة وغير المباشرة في الجمهورية الرومانية المتأخرة.
كذلك يستعرض المؤلف، كيف كانت آليات مجابهة ومكافحة الفساد يسن لها القوانين الميدانية والبحرية بالعنف جهة قوانين عشوائية فرضتها الظروف القلقة والغير مستقرة سياسيا ومجتمعيا في العصور القديمة المتأخرة، ليتصاعد شرح تلك الآليات في سن قوانين مكافحة الفساد في العصور الوسطى في محاولات لتمكينه مقرراته وبنوده بين النظرية والتطبيق مثالا لما تم تسييره من قوانين بأرض دجلة والفرات في الحضارة العراقية أو حضارات بابل القديمة وصولا لاستعراض شكل ومقومات ونوعية تلك القوانين في كلا من فرنسا وانجلترا والبرتغال بداية من العام 1250 وحتى العام 1550.
وبداية من الفصل السابع يستعرض الكتاب كيف تم محاربة الفساد في الدولة المدينية الإيطالية من حيث كونه قانون مدنى / علمانى يراع مصلحة الوطن ويحفظ هيبة الدولة ومن قبل وبعد مصلحة المواطن في ظل ماعرف بتسميته “حداثة أوروبا المبكرة”، وكذلك يوغل المؤلف وفي استعراض منهجى كيف كانت لمفاهيم كلا من حرية التجارة وعلاقتها بسياسات الدول وماتقدمه تلك الدول من الحفاظ على حقوق المواطنة والمواطن في آن وهو إنطلاق كل تلك القوانين الوضعية بآليات ووكائز وخلفيات سياسية ممنهجة نمطلف من فكرة أو أفكار "الحرية" والبناء الفعلى للحداثة وما بعدها بعيدا عن كل ماهو نظرى.
وفي تتبع لأهم الركائز التي اعتمد عليها مؤلف الكتاب كانت تلك الخلفيات الذي طرحها وظل يدفع بها الاقتصاديون وعلماء السياسة وصناع السياسات من مقومات "للرضا" من قبل كلا من الممارس للتجارة مثلا والدولة وعلاقتهما بالمواطن من جهة، وكيف كانت الثمار الذي حصد كنتاج لهذه السياسات في مكافحة الفساد وخاصة ما ظهر من مؤشرات ناجحة جاءت نتيجة تتبع الاختلافات بين البلدان منخفضة الفساد والبلدان عالية الفساد في الماضى ورؤيته بموضوعية في الوقت الحاضر، وبالتالي صار هناك مؤشرات يتم صياغتها مباشرة مع عرض كل ماهو جديد كنموذج مثالي ومدنى حداثى صيغت له مؤشرات فعلية في كل السياسات والاتجاهات طويلة الأمد.