د. جمال إبراهيم يكتب: «من مقاصد الإسراء والمعراج»
من أجمل عطاء الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في رحلتي الإسراء والمعراج أن طمأنه بأنه على الصواب، وفي تكريمه برحلتي الإسراء المعراج تسلية ما بعدها تسلية، فما أجمل قول الحق في الإسراء "لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا"، وكأن المقصود من الإسراء: هو ما قاله الله تعالى: "لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا"، أي لنري محمدًا بعينيه آياتنا الكبرى في السماوات، والملائكة، والجنة، وسدرة المنتهى وغير ذلك.
مما رآه تلك الليلة من العجائب، وفي ختام الآية بقوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وعيد من الله تبارك وتعالى للكفار على تكذيبهم محمدا صلّى الله عليه وسلّم في أمر الإسراء، فهي إشارة لطيفة بليغة إلى ذلك، معناها أن الله هو السميع لما تقولون، البصير بأفعالكم، يسمع الله أقوال المشركين وتعليقاتهم على حادث الإسراء واستهجانهم وقوعه، واستهزاءهم بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في إسرائه من مكة إلى القدس، والله يبصر ما فعل أولئك المشركون، وبما يكيدون لنبي الله ورسالته..
وكأن الله تعالى يواسي حبيبه صلى الله عليه وسلم برحلة الإسراء، وبعدها المعراج، قائلاً له لا تحزن فبعد العسر يسرًا، كما ذكر الله في كتابه وبعد الشدة فرجاً، فعلى كل مسلم أن يستبشر كلما أشتد حاله وضاقت عليه دنياه فابتسم أخي ولا تحزن، فالله يريد أن يرى كيف تستقبل قضاءه لترفع درجات عند الرضى.
والعاقل وحده هو من يستقبل القضاء بابتسامة الرضى؛ لذا استقبل النبي صلى الله عليه وسلم صنوف العذاب من قومه بكل ألوان الرضى، وهو على ثقة في وعد ربه بالنصر والتمكين، ويطلب أصحابه- رضوان الله عليهم- الدعاء على المشركين، فيقول كما عند الإمام البيهقي "منْ حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" فإذا وصل المسلم إلى درجة الرضى واستقبل كل ما لا يحب بسعادة ورضًا جاءه الفرج ممن يملك أسباب الفرج جل وعلا، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا، واعلم أن القلم قد جرى بما هو كائن .
نسأل الله أن يجعلنا ممن قال فيهم نبيه صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك صدقة".
- مدير عام بوزارة الأوقاف المصرية ومسئول إدارة البحوث والفتوى في دائرة الشئون الإسلامية بالإمارات.