أوكرانيا وروسيا.. سيناريوهات تأثير الحرب على دول العالم
تبدو للوهلة الأولى الأزمة المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا التي تنبئ عن احتمالية وقوع حرب وشيكة بينهما، أنه أمر يخص الدولتين فقط، ولكن أثبت التاريخ بمرور أحداثه أن ما يحدث في بقعة من العالم يؤثر على باقي أجزائه، وقد تُقلبه واقعة وحيدة حدثت في بقعة صغيرة منه رأسًا على عقب.
لذا فقد كشف عدد من المُحللين السياسيين والخبراء تأثير حرب روسيا وأوكرانيا على الشرق الأوسط والعالم حال وقوعها.
المهاجرون والغاز ورقة ضغط روسية
وأكد الباحث السياسي جمال رائف، أنه في حال نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا فإنه لن يكون غزوًا عسكريًا تقليديًا بل سيكون بدعم الانفصالين الروس.
وتوقع رائف، في حديثه لـ"الدستور"، أنه سينحصر الأمر من قبل الناتو في توقيع بعض العقوبات على روسيا، أما من جانب روسيا أوضح أن مواجهتها مع أوكرانيا ستكون من خلال الانفصاليين الروس الذين سينتج عن نشوب الحرب تحركهم داخل أوكرانيا، وبالتالي حدوث الكثير من الأضرار.
وأشار إلى أن تمدد هؤلاء الانفصاليين وأفكارهم داخل أوروبا الشرقية قد يُهدد بحدوث نزيف من تحركات الآلاف من المهاجرين، وبالتالي استخدام هؤلاء كورقة تحرك داخل النطاق.
وتابع أن روسيا تعد من أكبر مُصدري الطاقة لأوروبا، مشيرًا إلى أن أوروبا تستورد من روسيا 40% من استهلاكها من الغاز الطبيعي، وهو السلعة الأهم بالنسبة لها، وهنا أوضح أنه بحرب أوروبا على روسيا فهي بذلك تعلن الحرب على نفسها قبل أي شيء.
وأكد كذلك الخبير السياسي على أن التحالف الصيني الروسي القوي، سيؤثر بالطبع على العلاقات الأوروبية الصينية في ظل كون الصين شريكًا اقتصاديًا أساسيًا وهامًا لها، وبالتالي بهذه الحرب ستخسر أوروبا هذا الشريك الهام.
أما عن الموقف المصري من الأزمة المحتدّة بين روسيا وأوكرانيا، أوضح رائف أن مصر دائمًا تشجع الخيار السلمي والسعي للحلول الدبلوماسية، لعدم خلق أزمات جديدة في المنطقة من شأنها التأثير سلبًا على العالم ودول الشرق الأوسط.
ارتفاع فاتورة استيراد القمح من أوكرانيا
بينما أوضحت الدكتورة نهى بدر، الخبير والمحلل السياسي، أنه إذا ما أقدمت روسيا على غزو أوكرانيا فإن هذه الحرب ستكون لها تداعيات كبيرة عالميًا وإقليميًا، وخاصة على منطقة الشرق الأوسط، وذلك للمصالح التي تربطه بدول الصراع، فعلى سبيل المثال تعد أوكرانيا أحد أهم منتجي القمح المُصدر للشرق الأوسط.
وتابعت أنه لذا وفي حال اندلعت الحرب قد يتأثر إنتاجها منه، وبالتالي سيرفع ذلك من فاتورة استيراد القمح على دول الشرق الأوسط، كما ستكون هناك حاله من عدم الاستقرار اقتصاديًا وسياسيًا.
وأضافت كذلك أن التصادم الواقع بين الولايات المتحدة وروسيا في قضايا الشرق الأوسط سينتقل كذلك بينهما إلى عدة قضايا أخرى، بما فيها الملف النووي والملف السوري وكذا الملف الليبي، وهو ما يزيد من تأجج الصراعات في ذلك الشرق الأوسط المُلتهب.
وأردفت أن نشوب الحرب يعني كذلك إمكانية تكرار التدخلات الروسية في مناطق متعددة من العالم، مضيفة أنه وفي هذه الحالة سيكون الشرق الأوسط هو التالي لمناطق التي سيحدث بها تغيير بعد مناطق الجنوب الأوروبي وجمهوريات آسيا الوسطي التي سيحدث بها التغيير المُباشر.
تغيير موازين القوى العالمية
ومن جهة أخرى لخص دكتور سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، ما سينتج من عواقب الحرب المتوقعة بين روسيا وأوكرانيا في حال نشبت بأنه "سينتهي عصر قطب القوة الأوحد في العالم".
وأشار إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تمثل القوة العظمى الوحيدة في العالم لعقود طويلة، ولكن وقعت بالسنوات الأخيرة العديد من الأحداث والتحركات الدولية التي هددتها بالمنافسة على هذا الأمر فمن شأن هذه الأحداث أن تقلب موازين القوى بالعالم.
وتابع أن نتيجة الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا سيُحدد من هي القوى المُتعددة العظمى التي ستشارك الولايات المتحدة القوة، مشيرًا إلى أنه من بين أبرز هذه الدول هي روسيا والصين والهند وكذا إيران.
كما تابع أنه إلى الآن مازالت الولايات المتحدة الأمريكية تمثل قوة هامة ومسيطرة لا يُستهان بها على الإطلاق.