خبراء: زيارة رئيس جيبوتى تخدم موقف مصر فى سد النهضة
وقّع الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الجيبوتى إسماعيل عمر جيله، خلال زيارة الأخير إلى القاهرة، عددًا من اتفاقيات التفاهم والتعاون بين البلدين فى العديد من المجالات، من بينها آلية تشاور سياسى بين وزارتى الخارجية فى البلدين، ومذكرة إنشاء منطقة لوجستية فى جيبوتى، ومذكرة تفاهم فى مجال الطاقة.
وقالت رحمة حسن، الباحثة فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن زيارة الرئيس الجيبوتى إلى القاهرة «مهمة جدًا»، وتعكس التقارب المصرى من العمق الإفريقى، خاصة فى ظل ما تشهده المنطقة من تحديات.
وأضافت الباحثة، لـ«الدستور»، أن الزيارة تأتى عقب زيارة الرئيس السيسى إلى جيبوتى فى مايو الماضى، الأمر الذى يعكس اتجاه الدولة المصرية نحو تعميق المصالح المشتركة القائمة على التكامل والاندماج مع الدول الإفريقية.
ورأت أن الزيارة تحمل عدة رسائل مهمة، منها التعاون والشراكة لمناقشة الوضع الإقليمى وتحقيق أمن المنطقة، فى ظل المكانة الجيوسياسية لجيبوتى، باعتبارها دولة تقع على البحر الأحمر، وامتلاكها عمقًا عربيًا وإسلاميًا وإفريقيًا، وعلى ضوء ما تشهده المنطقة من اضطرابات أمنية، سواء فى عملية الانتقال الديمقراطى فى الصومال، أو الخلافات الحدودية بين بعض الدول، أو الاضطرابات الداخلية كما هو الحال فى إثيوبيا، إلى جانب التهديدات الإرهابية من «حركة الشباب»، فضلًا عن وجود الحوثيين فى اليمن، وتهديدهم الأمن العربى وأمن البحر الأحمر.
وبينت أن كل هذه الأمور تهدد الأمن البحرى والإقليمى، ما يؤثر على أمن الإقليم وحركة التجارة العالمية، لذا فإن الزيارة تستهدف وضع رؤية وسياسة مشتركة لأمن البحر الأحمر، إلى جانب تعميق التعاون الأمنى والعسكرى، ووضع سياسة ورؤية موحدة تخدم أهداف المنطقة والإقليم والعالم أجمع، بعيدًا عن الإملاءات الدولية.
ونوهت إلى أن الزيارة تأتى أيضًا فى أعقاب زيارة الرئيس السنغالى ماكى سال، الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى، مشيرة إلى أن قضية سد النهضة كانت لا بد أن تكون حاضرة على الأجندة الإفريقية فى إطار الدبلوماسية الهادئة والخطوات السياسية التى تتخذها الدولة المصرية، لتأكيد الموقف المصرى الراغب فى الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم لتشغيل وملء السد، وفقًا للقانون الدولى ومخرجات مجلس الأمن.
وقالت الباحثة إن الرؤية المصرية قائمة على أن التنمية هى مفتاح الأمن، من خلال تعميق العلاقات المشتركة بين البلدين فى المجالات التجارية والاقتصادية والبنى التحتية وتعزيز الاستثمارات المصرية وبناء منطقة لوجستية، وتقديم الدعم الفنى وتبادل الخبرات والتدريب من خلال الوكالة المصرية من أجل التنمية.
هذا إلى جانب التعاون فى مجالات الصحة والتعليم والتعليم العالى والكهرباء والطاقة المتجددة، وهو ما سيصب فى تعميق الدور المصرى فى الحفاظ على البيئة، ويؤكد دورها الفعال فى مواجهة التغيرات المناخية، خاصة مع استضافتها مؤتمر المناخ، فى نوفمبر المقبل، والحاجة لوضع رؤية إقليمية وإفريقية لمواجهة التحديات القارية.
وقالت هبة زين، الباحثة فى المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مصر حريصة على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجى مع جيبوتى فى شتى المجالات، لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين، بما يعكس مزيدًا من التنسيق والتعاون حول قضايا الأمن الإقليمى، والعمل التكاملى لإرساء السلام والاستقرار فى المنطقة.
وأضافت أن كلمات الرئيس الجيبوتى، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس السيسى، تعكس عمق الروابط الأخوية والعلاقات الاستراتيجية الراسخة التى تربط البلدين، وحرص مصر المستمر على تلبية الاحتياجات التنموية لبلاده، وتحقيق الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى.
واعتبرت أن اختيار مصر لاستضـــافة قمة المنــــــاخ «٢٧ cop» ما هو إلا انعكاس للتقدير العالمى لجهود الدولة فى مختلف المجالات، خاصة فى الحفاظ على البيئة، ومواجهة آثار التغير المناخى.
وشددت على أن العلاقات الدبلوماسية التاريخية بين البلدين قديمة، ففى حين تمثل مصر البوابة الشمالية لمضيق باب المندب، فإن جيبوتى بمثابة البوابة الجنوبية، والمشرف على حركة الملاحة البحرية من مضيق باب المندب، والمدخل الجنوبى للبحر الأحمر فى اتجاه قناة السويس.
وواصلت: «جيبوتى دولة حيوية واستراتيجية بالنسبة لقضية سد النهضة، لأنها المتحكم فى غالبية حركة التجارة الإثيوبية المعتمدة على السواحل الجيبوتية، لذا فإن زيارة رئيسها يخدم الموقف المصرى فى تلك القضية».
ووصفت العلاقات بين مصر وجيبوتى بالمميزة على المستويين الرسمى والشعبى، فى ظل تنسيق وتشاور دائم على مستوى جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقى ومنظمة التعاون الإسلامى، بشأن القضايا التى تهم المنطقة، خاصة فى الوقت الراهن الذى تشهد فيه منطقة القرن الإفريقى والبحر الأحمر تحديات متلاحقة.
ونوهت إلى أن التعاون المصرى الجيبوتى لا يقتصر على الجانب السياسى فقط، وأنه من المتوقع تعزيز العلاقات الاقتصادية فى قطاعات البنية التحتية والطاقة والصحة والطيران والتعليم والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلًا عن زيادة الاستثمارات البينية، والارتقاء بمعدلات التبادل التجارى بين البلدين.