وزير الأوقاف: السلام البديل الحقيقى للحرب وتحقيقه مطلب دينى ووطنى
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن السلم والسلام غاية كل نبيل وشريف، وتحقيق السلام مطلب ديني ووطني وغاية إنسانية مشتركة، وأن ألفاظ: "السلم، والسلام، والسلامة، والإسلام" كلها تنبع من جذر لغوي واحد "سلم"، وأهم ما يميز هذا الجذر اللغوي هو السلم والمسالمة.
جاء ذلك خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية بالمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم المنعقد بدولة موريتانيا بحضور الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس دولة موريتانيا.
وأوضح أنه في هذا السياق يأتي حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم): "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ"، وهو ما يعني انتفاء وقوع أي أذى منه لأى إنسان على ظهر البسيطة ذلك لأن الأذى إما أن يكون قولًا وإما أن يكون فعلًا.
كما أوضح أن اللسان رمز للقول واليد رمز للفعل كتابة أو رسمًا أو ضربًا أو نحو ذلك، وإذا انتفى وقوع الأذى قولًا أو فعلًا انتفى وقوعه مطلقًا وهكذا يكون المسلم مفتاحًا لكل خير مغلاقًا لكل أذى أو شر، فديننا دين السلام، وربنا (عز وجل) هو السلام، ومنه السلام .
وتابع إن نبينا هو نبي السلام، وتحيتنا في الإسلام السلام، والجنة هي دار السلام، وتحية أهل الجنة في الجنة سلام، وتحية الملائكة لهم فيها سلام، وفي الحديث عن ليلة القدر يقول الحق سبحانه: "سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ"، ولم يقل: هي سلام فجعل السلام عمدة وأصلًا تدور عليه حركة الكون والحياة، ونهانا ديننا الحنيف أن نسيء الظن بمن ألقى إلينا السلام، فقال سبحانه: "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا"، بل نهانا أن نقبض أيدينا عمن مد يده وبسطها لنا بالسلام، فقال سبحانه: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا".
وأكد أن المسلم ليس سلمًا مع الناس فحسب بل هو سلم مع البشر والحجر والشجر، مع الحيوان والجماد، وصفاء مع نفسه ومع الكون كله، بحيث لا يتصور وقوع الأذى منه، إنما هو رحمة حيث كان، يُحسن اتباع من أرسله ربه (عز وجل) رحمة للعالمين فقال: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".
وشدد على ضرورة أن نحمل هذه الرحمة رسالة سلام وأمان للإنسانية جمعاء دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو اللغة .
كما أكد أن السلام العادل هو سلام الأقوياء الشجعان الذي له درع وسيف وقوة تحفظه وتحميه، فقراءة السياق القرآني تؤكد أن السلام لا يتحقق إلا للأقوياء .
وأضاف أن السلام هو البديل الحقيقي للحرب ولظلم الإنسان لأخيه الإنسان سواء أكان ظلمًا مباشرًا أم غير مباشر، بقصد أو بدون قصد، فالسلام لا يعني فقط عدم المواجهة في الحروب التقليدية والسلام الإنساني الذي ننشده أوسع من ذلك بكثير، فاحتكار بعض الدول للدواء مثلًا في أزمة كورونا أو للغذاء ظلم فادح لمن يحتاج إليه، وعدم احترام بعض الدول لاتفاقيات المناخ غير عابئة بتأثيرات التغيرات المناخية على الدول المعرضة لمخاطر هذه التغيرات ظلم فادح من الإنسان لأخيه الإنسان ولأبناء هذه الدول .
وختم وزير الأوقاف: "ومن هنا من العاصمة الطيب أهلها "نواكشوط" عاصمة دولة موريتانيا الشقيقة، وبالتعاون مع منتدى تعزيز السلم بأبو ظبي نعلن أننا جئنا واجتمعنا متضامنين لنرسل من هنا رسالة سلام للعالم كله لكنها، كما أكدنا ليست ضعفًا ولا استسلامًا، ولا سلام الضعفاء، إنما هو سلام الأقوياء الشجعان، فالضعيف لا يملك سلامًا ولا يحمله ولا يمكن أن يصنعه، إنما يحمل السلام ويصنعه الأقوياء، فشجاعة السلام لا تقل أبدًا عن شجاعة الحرب، وهو ما نبعث به إلى العالم كله من مؤتمرنا فنقول لكل عقلاء العالم تعالوا نعالج معًا تداعيات انتشار فيروس كورونا والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، ونجعل من مبادرات السلام الحقيقية بديلًا لظلم الإنسان لأخيه الإنسان بقصد أو بغير قصد، تعالوا معًا لكلمة سواء لننبذ كل مؤججات الحرب والاقتتال ونُحل محلها أُطر التعاون والتفاهم والتكامل والسلام".