«زوجي مات بشرف».. «الدستور» داخل منزل الشهيد «عامر عبد المقصود»
حفر اسمه بأحرف من ذهب في قائمة شهداء الشرطة المصرية، الذين ضحوا بحياتهم دفاعًا عن أمن واستقرار البلاد، وكان صامدًا في لحظاته الأخيرة قبل أن يودع الحياة على أيدي الجماعة الإرهابية، حين مثلوا به أمام مرأى ومسمع الجميع.
«الدستور» زارت منزل الشهيد العقيد عامر عبد المقصود، نائب مأمور مركز كرداسة، في الذكرى الـ٧٠ لعيد الشرطة، وتقابلنا مع زوجته السيدة نجلاء سامي، لتروي لنا لحظات الوداع الأخير، والبطولات التي أفنى الشهيد فيها حياته طوال فترة خدمته.
في يوم ١٣ أغسطس ٢٠١٣، تعرض مركز شرطة كرداسة لهجوم مشين من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، كان الشهيد أحد ضحايا ذلك الفعل الإجرامي، وجُسدت شخصيته في الحلقة الخامسة من مسلسل «الاختيار ٢»، الذي وثق جرائم الإرهابيين، عقب فض اعتصام رابعة.
تصف «نجلاء» اليوم المشؤوم، خلال حديثها مع «الدستور»: «الشهيد لم يهب الهجوم الإرهابي على مركز الشرطة، وظل صامدًا طوال الوقت أمام بطش الجماعة الإرهابية، مدافعًا عن مكانه لآخر لحظة، ورغم تمكن الإرهابيين من السيطرة على مركز كرداسة، إلا أنه استطاع بخبرته تهريب أسلحة المجندين والظباط خارج المركز في سرية تامة».
استكملت السيدة حديثها، والدموع تنهال من عينيها، حزنًا على فراق زوجها، ورغبة في الانتقام من القتلة، متذكرة الليلة التي شعرت فيها بالانتصار حين أصدرت المحكمة حكمًا بإعدام القتلة، لكنها حزنت بشدة حين علمت بالحكم الذي أصدر ضد المجرمة سامية شنن، بالسجن٢٥ عامًا.
الشهيد «عامر» كان صائمًا الـ6 أيام البيض في ذلك الوقت، ولم يتحمل جسده التعذيب لمدة ٤ ساعات، فضلًا عن قطع شرايين يديه، والتعدي عليه ضربًا باستخدام قطع حديد على رأسه.
في ذلك الوقت، كانت تترجى «نجلاء» زوجها بترك المكان، والعودة إلى بيته وأسرته، لكنه رفض بشدة، وقال: «مستحيل أسيب القسم، والإرهابيين يرفعوا عليه علم القاعدة».
جلست السيدة في بيتها أمام التلفاز، متابعة بتركيز تام للأخبار الواردة من مركز شرطة كرداسة، وفي ذهنها تتبادر كلمات زوجها: «لو شوفتي صورتي نزلت في التليفزيون، اعرفي إن جوزك شهيد بشرف وأمانة».
لم تمر لحظات على الحديث بينهم عبر هاتف أحد زملائه في المركز، وتم اختطاف الشهيد من قبل الإرهابيين إلى منطقة ناهيا، للتمثيل به أمام الجميع، وهناك بدأت الإرهابية سامية شنن في تعذيبه بطريقة أكثر بشاعة، حين أراد شرب المياه وقت احتضاره، وأعطته المجرمة مياة نار.
المشهد كان مهيبًا في ذلك الوقت، الجميع انتابه الشعور بالحزن والألم على فقدان الشهيد البطل «عامر عبد المقصود»، منطقة الدقي كانت ممتلئة بالمصريين الذين حضروا لتوديع جثمان فقيد الشرطة المصرية.
لم تستعب السيدة خبر قتل حبيبها وزوجها، وكانت تنادي بصوتِ عالِ أثناء استقبال الجثمان: «عامر مامتش.. شوية وهييجي محدش يقلق»، لكنها اقتنعت حين رأت جثمانه داخل مستشفى الشرطة، وفقدت وعيها على الفور في ذلك الحين.
بعد مرور ٩ سنوات على الحادث الأليم، تقف «نجلاء» حاليًا مرفوعة الرأس، فخورة بكل ما قدمه الشهيد للبلاد، والحكومية المصرية التي ردت لها حقها من المجرمين، آملة أن لا تفقد الشرطة المصرية رجلًا آخر من رجالها، وتبعث رسالة أمل لكل أم أو زوجة شهيد، قائلة: «أبطالنا سيظلوا خالدين في ذاكرة كل مصري، يجب أن نفخر بما ضحوا به من حياتهم دفاعًا عن مصر».
وأشارت في ختام حديثها، إلى حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي الدائم على تقديم يد العون لأسر الشهداء، والوقوف بجانبهم في أي أزمة يتعرضون لها، بجانب الخدمات التي توفرها وزارة الداخلية، من تعيين كل زوجة شهيد فى وزارة الداخلية، بجانب تكريم أسر الشهداء برحلة حج وعمرة.