جبران خليل جبران عن حب الوحدة: «مللت مجالسة الخشن الذي يظن اللطف ضعفًا»
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفيلسوف الكبير جبران خليل جبران، حيث ولد في 6 يناير 1883، وبهذه المناسبة تستعرض «الدستور» مقالا له عدد فيه مزايا الوحدة.
وقال جبران في مقاله الذي نشر في مجلة الزهراء بتاريخ 1 مايو 1928: لماذا أحب الوحدة؟، لكي لا أجالس أنصاف العلماء الذين يبصرون في المنام خيال العلم فيخيل إليهم أنهم أصبحوا من العلم بمقام النقطة من الدائرة، ويرون في اليقظة أحد أشباح الحقيقة فيتهمون أنهم قد امتلكوا جوهرها.
لماذا أحب الوحدة؟، لأنني مللت مجاملة الخشن الذي يظن اللطف ضربا من الضعف، والتساهل نوعا من الجبن، والترفع شكلا من أشكال الكبرياء.
لماذا أحب الوحدة؟، لان نفسي تعبت من معاشرة المتمولين، الذين يظنون أن الشموس والأقمار والكواكب لا تطلع إلا من خزائنهم، ولا تغيب إلا في جيوبهم، ومن الساسة الذين يتلاعبون بأميال الأمم وهم يذرون في عيونهم الغبار الذهبي، ويملأون آذانهم برنين الألفاظ، ومن الكهان الذين يعظون الناس بما لا يتعظون به، ويطلبون منهم ما لا يطلبونه من نفوسهم.
ولانني لم احصل على شئ من يد بشري إلا بعد أن دفعت ثمنه من قلبي، ولأن في الوحدة حياة الروح والقلب والجسد، ولأنني فيها أتمتع بغبطة البرية الخالية ونور الشمس، ورائحة الازهار وأنغام السواقي، ولأنني أريد معرفة أسرار الأرض والدنو من عرش الله.
ولكي لا ارى وجوه الرجال الذين يبيعون نفوسهم ليشتروا بأثمانها ما هو دونها قدرا وشرفا، لو أنني سئمت ذاك البناء العظيم الهائل الذي يسمونه حضارة، ذاك البناء الدقيق الصنع والهندسة القائم على رابية من الجماجم البشرية.
أما عن جبران خليل جبران فولد في (6 يناير 1883 – 10 أبريل 1931 م) شاعر، كاتب، فيلسوف، عالم روحانيات، رسّام، فنان تشكيلي، نحّات عُثماني من أدباء وشعراء المهجر، ولد في بلدة بشري في شمال لبنان زمن متصرفية جبل لبنان، في سوريا العثمانية ونشأ فقيرًا، كانت والدته كاميلا في الثلاثين من عمرها عندما ولدته وكان والده خليل هو زوجها الثالث. ولم يتلق جبران التعليم الرسمي خلال شبابه في متصرفية جبل لبنان. هاجر صبيًا مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليدرس الأدب وليبدأ مسيرته الأدبية، والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، امتاز أسلوبه بالرومانسية ويعتبر من رموز عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة في الشعر النثري.
كان جبران عضوًا في رابطة القلم في نيويورك، المعروفة حينها بشعراء المهجر جنبًا إلى جنب مؤلفيين لبنانيين مثل الأمين الريحاني وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي. اشتهر في المهجر بكتابه النبي الذي صدر في عام 1923، وهو مثال مبكر على "الخيال الملهم" بما في ذلك سلسلة من المقالات الفلسفية المكتوبة في النثر الشعري باللغة الإنجليزية، وحصل الكتاب على مبيعات جيدة على الرغم من الاستقبال الناقد والرائع. عرف أيضاً بالشاعر الأكثر مبيعًا بعد شكسبير ولاوزي، وقد ترجم كتاب النبي إلى ما يصل إلى 110 لغة منها الصينية.
توفي جبران في نيويورك في 10 أبريل 1931عن عمر ناهز 48 عاماً، بسبب مرض السل وتليف الكبد، وقد تمنى جبران أن يدفن في لبنان، وتحققت أمنيته في 1932، حيث نقل رفاته إليها، ودفن هناك في"متحف جبران".