حرب الدائرة الثالثة.. كيف تستعد إسرائيل لما بعد المباحثات النووية؟
في الوقت الذي تحاول فيه الدول العظمى التوصل لاتفاق مع إيران بشأن مشروعها النووي، تستعد إسرائيل لليوم التالي للاتفاق، والذي تعتبره إسرائيل اتفاقا سيئا مهما كانت بنوده، يشبه ذلك الذي تم توقيعه في عام 2015 حتى لو كان مختلفاً عنه.
الاستعدادات الإسرائيلية
الاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة إيران بدأت قبل 20 عاماً أو خلالها، ولكن في العامين الأخيرين بدأت الاستعدادات تأخذ شكلاً جديداً، والخطط التي كانت في الأدراج، وضعت قيد الاختبار والمراجعة والتطوير، وخلال تلك الأيام تم مناقشتها على طاولة هيئة الأركان العامة.
قبل أشهر كانت الاستعدادت في إسرائيل على عدة مستويات، سياسية ودبلوماسية وعسكرية، كان الخطة في تل أبيب تركز على حشد العالم ضد إيران، والقيام بحملة ضد مشروع طهران النووي، ووضع التطورات تحت أنظار العالم بالتزامن مع التحركات الدبلوماسية لمحاولة خلق جبهة دولية طهران؛ لكن في اللحظة التي جلس فيها الجميع في فيينا، أصبحت إسرائيل تركز اهتمامها على الاستعداد العسكري.
ترتيبات عسكرية
تشمل الاستعدادات الإسرائيلية (الجديدة) زيادة بنك الأهداف وزيادة التدريب وشراء معدات متطورة، قبل أشهر قليلة طُلب من الجيش الإسرائيلي أن يعرض على المجلس الوزاري المصغر في الكنيست تقريراً حوى مدى جهوزيته في مواجهة التهديد الإيراني، كان هذا شرطاُ قبل إقرار "علاوة استثنائية" بحجم 5 مليارات دولار لميزانية الدفاع تهدف إلى استكمال هذه الاستعدادات.
الاستعدادت والعلاوة الاستثنائية تلك تسمى داخل أروقة القيادة العسكرية في تل ابيب باسم حرب "الدائرة الثالثة"، حيث تعتبر الدائرة الأولى هي الدول المحيطة بإسرائيل، والدائرة الثانية هي الدول المحيطة بالدائرة الثانية، بينما الثالثة هي الدائرة البعيدة.
بعد المسافة التي يجب اجتيازها من أجل القيام بعملية عسكرية، والعمق الذي توجد فيه منشآت تخصيب اليورانيوم، والحماية حولها، كل ذلك معروف لجهاز الأمن الإسرائيلي منذ سنوات، ولكن مؤخرا ازدادت وتيرة الاستعدادات، خاصة في شراء الأسلحة ذات المدى البعيد.
بحيازة الإيرانيين الآن عشرات الكيلوجرامات من اليورانيوم المخصّب إلى نسبة 60%، وأكثر من 400 جهاز طرد مركزي من الطراز الحديث، والتي تقوم بتخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع، هذا وضع خطير بالنسبة لإسرائيل.
تداعيات المواجهة
أحد أهم الجوانب التي تشغل القيادة في تل أبيب هو تداعيات تلك المواجهة خطيرة، فعملية عسكرية مثل هذه قد تتسبب في رد فعل عنيف من ميليشات إيران في المنطقة (سوريا ولبنان واليمن والعراق) وضع كهذا يسمى في تل أبيب بـ "حرب متعددة الجبهات"، وهو من شأنه أن يجعل أي عملية عسكرية إسرائيلية حيال إيران أمرا شديد التعقيد، والقرار بشأنها شديد الخطورة.
السؤال الأهم حالياً هو: إلى أي مدى ستوقف العملية العسكرية الإسرائيلية المشروع النووي الإيراني؟، قد تضرب حقاً الطائرات الإسرائيلية المنشآت النووية بقوة، ولكن هذا لايعني أنهم سيسلبون الإيرانيين العلم والمعرفة التي راكموها، وهو ما قد يمكن الإيرانيين من العودة لمشروعهم في أي وقت.
لذلك، في المنظومة الأمنية الإسرائيلية شرحوا للمستوى السياسي بأن عملية عسكرية يجب أن تنفذ فقط إذا كانت نتائجها هي منع إيران من استعادة برنامجها النووي، أو كما حدد ذلك مصدر أمني: "هذا يجب أن يكون مثل السهم في قلب المشروع". ولا توجد مؤشرات حالية أن هذ سيحدث قريباً.