واحة للعلوم وجزيرة خضراء.. «البحث العلمي» مفتاح تنمية الصعيد
بدأت الدولة المصرية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، في الاهتمام بتنمية محافظات الصعيد، من خلال تحقيق اقتصاد تنافسي ومتوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة والاستفادة من مخرجات البحث العلمي.
وإيمانا من الرئيس السيسي بأن البحث العلمي إحدى الركائز الأساسية للتنمية الشاملة، لما له من ارتباط وثيق بتنمية اقتصادات الدول المتقدمة من خلال رفع معدلات الإنتاج وتحسين نوعيته وفعاليته، فقد وجه بزيادة حجم إسهامات منظومة البحث العلمي لأغراض العملية التنموية الشاملة في الدولة، مع زيادة مخصصات الدعم في هذا الإطار بهدف تطوير قطاعات الدولة وصياغة الحلول العلمية للتحديات والمشاكل المختلفة.
وفي هذا الصدد، قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من خلال أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بتنفيذ العديد من المشروعات البحثية المختلفة، في عدد من المجالات لتنمية محافظات الصعيد ، كما ركزت على الوصول إلى المبتكرين في صعيد مصر والتسويق لبرامج دعم الابتكار التي تتبناها الأكاديمية وهي جامعة الطفل، وبرنامج دعم مشروعات التخرج، ومنح علماء الجيل القادم، والحاضنات التكنولوجية (انطلاق) والتحالفات التكنولوجية في مجالات صناعة وتحلية المياه والدواء والصناعات الغذائية والنسجية والإلكترونيات والبتروكيماويات وغيرها.
ومن أبرز المشروعات البحثية التي تم تنفيذها في صعيد مصر، افتتاح المعمل المصري الصيني المشترك للطاقة المتجددة بمركز تنمية إقليم جنوب الصعيد التابع للأكاديمية بجزيرة قرمان في محافظة سوهاج، والذي يأتي تنفيذاً لاستراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي 2030، في مجال نقل وتوطين التكنولوجيا وتعميق التصنيع المحلى.
ويعد المعمل المصري الصيني الأول من نوعه كمركز للبحوث والتطوير والابتكار في مجال تصنيع الخلايا الكهروضوئية والألواح الشمسية، وتطوير صناعة الطاقة الشمسية وزيادة كفاءتها على المستوى القومي والإقليمي، كما تخطط أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا أن تكون جزيرة قرمان الفريدة بسوهاج جزيرة خضراء، ومقرا إقليميا للبحوث والتطوير والابتكار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وواحة للعلوم يخدم محافظات جنوب الوادي، وهى أول محطة بحثية في مبادرة طريق الحرير في مصر.
وبدأت فكرة تأسيس المعمل المصري الصيني المشترك للطاقة المتجددة بعد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المصري الصيني، أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للصين في ديسمبر 2014، وقد وقعت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا اتفاقاً مع وزارة البحث العلمي الصينية في أغسطس 2015 ، لبدء تنفيذ إنشاء المعمل المشترك وذلك أثناء زيارة وفد مصري برئاسة رئيس الأكاديمية إلى الصين، وتم الاتفاق على تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل المرحلة الأولى للطاقة الشمسية والمرحلة الثانية للكتلة الحيوية والثالثة لطاقة الرياح.
ويتيح المعمل المصري الصيني المشترك الفرصة لتدريب وتأهيل الكوادر البشرية في مصر ونقل التكنولوجيا الدولية، كما يوفر المعمل الاستشارات اللازمة للصناعة المحلية، من حيث التحقق من قابلية التكنولوجيا للتطبيق والتقييم العملي الشامل للأداء وعمليات التشغيل والتكاليف، هذا بخلاف دعم الأبحاث القائمة بالفعل وتطوير المواد والتكنولوجيات المستخدمة من أجل تحسين الأداء والمتانة والقدرة التنافسية.
كما تنفذ أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا حاليا "مشروع تنمية وتطوير ريادة الأعمال المصرية" في مجال البيئة النظيفة والخضراء، و الأعمال الزراعية، و الأعمال اليدوية والفنون ، والمشروع هو منحة ممولة من خلال صندوق متخصص يديره بنك التنمية الإفريقي للبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية.
ويستهدف هذا المشروع مناطق صعيد مصر والوادي الجديد والواحات بنسبة تزيد عن 50%، بهدف تهيئة بيئة مناسبة لريادة الأعمال وتمكين الشباب والسيدات لإدارة ناجحة لأعمالهم القائمة على أفكار مبتكرة، وسيساهم المشروع في خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة وخاصة في المناطق النائية بمصر.
ومن المتوقع أن يحقق المشروع عددًا من النتائج منها توفير 1860 وظيفة مباشرة و3720 وظيفة غير مباشرة، إلى جانب تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لأصحاب المشاريع وتوفير منح وبناء القدرات لحوالي 480 شركة ناشئة، ودعم ابتكارات جديدة وتعزيز الاندماج الاجتماعي من خلال تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تستهدف المجتمعات في المناطق النائية خصوصًا في الوجه القبلي والواحات.
وفي إطار هذا المشروع " تنمية وتطوير ريادة الأعمال المصرية"، أطلقت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمحافظة الوادي حاضنة أعمال الحرف اليدوية، وهي أول برنامج حاضنات من نوعه في المحافظة، تستهدف تشجيع الشباب والسيدات على الابتكار والاستفادة من المنح المقدمة من خلال المشروع، والذي يستهدف نشر ودعم ثقافة ريادة الأعمال في مجال الحرف اليدوية لما لهذا القطاع من أهمية اقتصادية ومجتمعية لسكان الواحات، ويدعم المشروع الشباب من سن 21 إلى سن 40 سنة وتمكين السيدات بنسبة 50%، حيث سيدعم 60 شركة في الوادي الجديد.
وحرصت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا على التعاون مع هيئة تنمية الصعيد من خلال بروتوكول تعاون مشترك، لتعظيم الاستفادة من الطاقات العلمية والتكنولوجية والمخرجات البحثية القابلة للتطبيق، والتي تمتلكها الأكاديمية و من أهمها الاستفادة من النباتات البرية القابلة للاستزراع ومنتجات الإبل بمناطق حلايب وشلاتين، وإنتاج السلالات عالية الجودة من النخيل بتقنيات زراعة الأنسجة بمحافظة الوادي الجديد.
وقامت الأكاديمية بدعم وإنتاج مواد دوائية من دود الحرير يمكن الاستفادة منها في المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل، واستخدام ألواح الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في الصناعات التي تشرف عليها هيئة تنمية الصعيد، إلى جانب الاستفادة من نباتات المانجروف والنباتات الملحية لإنتاج أنواع فائقة الجودة من عسل النحل، وإنتاج مياه مقطرة ومياه فائقة الجودة للسوق المحلي باستخدام محطات التحلية لمياه البحر.
وأطلقت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في فبراير 2018، المبادرة الوطنية "تمكين المرأة في الصعيد"، بالمركز الإقليمي التابع للأكاديمية بجزيرة قرمان بمحافظة سوهاج، بهدف ريادة الأعمال للمرأة مع تعزيز القدرات المحلية من خلال مجموعة من التدابير التي تهدف إلى الاستفادة القصوى من إمكانيات الموارد البشرية في مصر.
وتنفذ تلك المبادرة في أربع محافظات مختلفة في مصر بخلاف محافظة سوهاج، وهم (الشرقية، أسيوط، القاهرة، جنوب الوادي)، من خلال 20 دورة تدريبية وجلسات تعليمية معلوماتية، ودعم أكثر من 80 مشروع متناهي الصغر التي تقوم عليها المرأة، واحتضان 20 مشروعا على الأقل للمرأة المصرية، وذلك من خلال برنامج الحاضنات التكنولوجية "انطلاق" الذي أطلقته الأكاديمية منذ عام 2015.
ويعد برنامج جامعة الطفل الذي تدعمه وتتبناه أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا من أكبر البرامج في مجال التعليم الإبداعي المتاحة لجميع الطلاب بالمجان وبشراكة ناجحة مع الجامعات المصرية الحكومية والأهلية والخاصة، في جميع المحافظات ،ومن ضمنها محافظات الصعيد حيث وقعت الأكاديمية العديد من بروتوكولات التعاون مع تلك الجامعات لتدريب أطفال الصعيد نحو مستقبل جامعي أفضل وتنمية الإبداع الفكري والثقافي.
وشددت الأكاديمية على ضرورة الابتكار في مختلف فنون العلوم البحثية والتطبيقية، وذلك من خلال الممارسة والتجربة لأطفال المستقبل داخل الجامعات والعمل على تنمية الموهبة العلمية داخل الكليات العملية في سن مبكرة، وذلك إيمانا بأن الأطفال هم أدوات التغيير الإيجابي في المستقبل والقادرين، على مواجهة التحديات المستقبلية التي تعوق مسيرة التقدم والعمل على دفع عجلة الإنتاج في مصر.