أبو جليل يروي حكاية «جامع البنات» وفتوى الدرويش لحل عُقدة العنوسة
بين ألف مئذنة تقع فى قاهرة المعز، تكثر الحكايات والقصص والتى تناول بعضًا منها الكاتب الكاتب حمدي أبو جليل في كتابه «القاهرة جوامع وحكايات»، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وعلي طريقة مكاتب الزواج، التى كانت هدفًا للباحثين عن الزواج، تعلق “جامع البنات” بحكاية طريفة يرويها “أبو جليل” عن ذلك المسجد العجيب الذي اكتسب شهرته من الحكايات التى رويت عنه ةأن كل من تدخله أو تزوره تتزوج وتودع عنوستها.
درويش جامع البنات
يشير "أبو جليل" إلي أنه وأمام إضراب الشباب عن الزواج، فكرت الفتيات في إعلان ثورتهن ولكن منعهن الحياء، فجاءت الانفراجة على يد أحد دروايش القاهرة الذى أطلق فتوى قال فيها أن البنت التي تدخل من الباب الأمامي لجامع الأمير المملوكي "فخر الدين عبد الغني" وتخرج من بابه الخلفي أثناء صلاة الجمعة تُرزق بالزوج المناسب بإذن الله.
هذه الفتوي الغريبة كانت أشبه بقشة في بحر العنوسة الكئيب، وبناء عليه احتشدت بنات القاهرة كل يوم جمعة في جامع الأمير المملوكي، ليستمعن بخشوع للخطبة، وبمجرد أن تبدأ الصلاة وبالتحديد أثناء السجدة الأولي يندفعن فوق رؤوس المصلين ويخرجن فرحات وربما مزغردات من الباب الخلفي للجامع، ومع تكرار اندفاعهن تحول إسم الجامع إلى “جامع البنات”ليبقى بهذا الإسم حتى يومنا هذا.
إطلالة على تاريخ الجامع
جامع البنات بُني بأمر السلطان المؤيد أبي النصر سيف الدين شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري أحد حكام الدولة المملوكية خلال عصر المماليك الجراكسة، يقع في شارع بورسعيد وحتي قرب نهاية القرن التاسع عشر كان ينتصب علي ضفاف الخليج المصري الذي يجري في الشارع علي مدي قرون طويلة حتي ردمه الخديو إسماعيل، والبعض يذهب إلي أنه ردم بعده أيام الاحتلال الإنجليزي، كما أن الجامع يمثل نقطة البداية لمركز القاهرة الأصلي، وبالقرب منه درب سعادة وباب زويلة والغورية ونهاية شارع المعز لدين الله الفاطمي قصبة القاهرة الفاطمية.
عمارة جامع البنات
ويلفت "أبو جليل" إلي أن عمارة الجامع تتميز بالدقة والمهارة الفائقة في كافة مكوناته وزواياه، خاصة تلك الزخارف البديعة التي تزين محرابه المصنوع علي شكل نصف دائرة تتوجها طاقية مدببة ترتكز على عامودين رُخاميين، وعلى يمين هذا المحراب مباشرة ينتصب منبر الجامع المزخرف بأطباق مصنوعة علي شاكلة النجوم ومطعمة بأفخر أنواع الصدف والسن العاج.
وجامع البنات مقام علي هيئة مدرسة، وهو في ذلك يتوافق مع معظم الجوامع المملوكية، ومبناه مكون من طابقين، ويحتوي علي سبيل وكتاب إلي جانب المسجد الذي يقع في الطابق الأرضي، ويضم أربعة إيوانات تفتح كلها علي الصحن، وهي تتميز بتعامدها، وأكبرها تحتوي علي القبلة المهيبة المصنوعة من الرخام والتي رغم صغرها بالمقارنة بمعظم الجوامع المملوكية الشهيرة فإنها تتميز بالأناقة والفخامة وتناسق الألوان والزخارف.