«أكياس الشيكولاتة».. كيف يمكن العلاج من «قاتل الأجنة»؟
"كنت بحس بسكينة بتطعني في الحوض"، كانت بداية كلمات كريمة حسن، صاحبة الثلاثين عامًا وهي غير متزوجة، تعمل معلمة في إحدى مدارس منطقة الهرم، حينما عادت بذاكرتها لتروي ما عانته.
وأشارت حسن، إلى أن بداية الألم كان مع بداية بلوغي والتعرف على الدورة الشهرية لأول مرة، والتي كان وقتها عمرها 12 عامًا، ولم تعرف منذاك سبب هذا الألم الشديد المصاحب لكل دورة شهرية فكأنه قاتل يباغتها شهريًا، وأصبحت عميلة دائمة للأطباء الذين لم يتوصلوا للسبب الحقيقي لهذا الألم، وبعد فترة تعلمت بعض التمارين من جلسات العلاج الطبيعي للتأقلم مع ألم الحوض، أصبحت أفضل حالًا بنسبة قليلة.
ومنذ وقت قريب اكتشفت أن ما تعاني منه يسمى بطانة الرحم المهاجرة أو أكياس الشيوكلاتة، وقد احتار فيه الأطباء ولم يصل أحد منهم إلى التشخيص الصحيح بسبب اختلاف أعراضه من سيدة لأخرى، لذا فهو مرض صعب التشخيص، واختتمت "كريمة"، التي فضلت أن تختار اسمًا مستعارًا لاعتبارات شخصية، أن الألم لا زال يلازمها ولم تصل إلى علاج جذري له.
أكياس الشيكولاتة أو بطانة الرحم المهاجرة يصيب حوالي 190 مليونًا من النساء والفتيات في سن الإنجاب على مستوى العالم، والذي أصيبت به الفنانة ياسمين عبد العزيز، وكاد أن يودي بحياتها قبل أن تتماثل للشفاء، وهو داء حميد فيه تنمو بطانة الرحم في غير مكانها الطبيعي، لذلك نسميها البطانة المهاجرة ومن هنا جاءت التسمية، وفي السطور التالية نعرض تجارب سيدات وبنات تعاني من هذا الداء، ونبحر معهم في كيفية اكتشافهم له وما العلاج الذي تلقوه للشفاء منه.
نادية: أجريت جراحة لاستئصال أكياس الشيكولاتة
نادية علي، صاحبة الخمسة وعشرين عامًا، متزوجة منذ عام، تعمل موظفة بقسم العلاقات العامة بإحدى شركات الأدوية، كانت لها أيضًا تجربة مع بطانة الرحم المهاجرة، فتروي أنها بعد زواجها بأشهر عدة اشتاقت نفسها وزوجها في إنجاب طفل يقر عينهما، وبالفعل بعد فترة ليست طويلة رزقها الله في رحمها بجنين، إلا أنه بعد إتمام 3 أشهر في بطنها لم يكتمل فاتخذ الأطباء قرار الإجهاض لها، فنزل القرار كالصاعقة على أذنها، لكن لم يكن لها حيلة فتم الإجهاض.
لم يمر سوى 9 أشهر حتى رُزقت بجنين في بطنها مرة أخرى إلا أنه لاقى مصير أخوه وتم الإجهاض للمرة الثانية، وانتابت "نادية"، التي اختارت أن يكون اسمها مستعارًا لاعتبارات شخصية، حالة نفسية سيئة، لكنها عادت لدائرة الأطباء مرة أخرى، آملة أن يجدوا لها حلًا لها ويكتمل الجنين في بطنها، وبعد صولات وجولات كثيرة استقر أحد الأطباء أنها تعاني من بطانة الرحم المهاجرة وهي السبب الرئيسي في عدم الحمل، وأن الحل في إزالة تلك البطانة من خلال عملية جراحية، وتم تحديد الموعد، فانتظرت إتيان هذا اليوم على أحر من الجمر.
وتتذكر "نادية" أن العملية استغرقت حوالي ساعة إلا ربع الساعة، وفيها تم إخراج 3 أكياس منهم اثنين من جهة اليسار وكيس من جهة اليمين، كما كان هناك التصاقات بين المبيض والرحم، ثم بدأت مرحلة مراجعة الطبيب أسبوعيًا، وبعد فترة رزقها الله بطفل اكتمل نموه في بطنها 9 أشهر ثم أضاء بنوره عالمها.
أخصائي نسا: البطانة المهاجرة سببها الرئيسي وراثي
وقالت الدكتورة فايزة العبادي، أخصائي نساء وتوليد وحالات العقم، إن أسباب الإصابة بمرض أكياس الشيكولاتة خروج الحيض في اتجاه عكسي وعودته إلى الحوض عن طريق القناة الرحمية، وتزداد فرص الإصابة بالمرض في حال إصابة إحدى الأقارب من الدرجة الأولى، أو خلل الجهاز المناعي.
ولفتت إلى أن أعراضه عبارة عن نزول دم الحيض بغزارة شديدة، تأخر الحمل، آلام أثناء العلاقة الزوجية، آلام متقطعة في منطقة الحوض في غير أيام الحيض تشبه آلام الدورة الشهرية، وآلام شديدة خلال فترة الحيض.
وعن العلاج، أوضحت "العبادي"، في حديثها، أن هناك أكثر من وسيلة منها: حبوب منع الحمل للتقليل من الأكياس وتهدئة أعراضه، المسكنات كالإيبوبروفين والباراسيتامول، أو الجراحة لاستئصال الأكياس وذلك برفع الكيس وكي أنسجة البطانه المنتشره بالحوض بواسطة المنظار، لافتة إلى أن أكياس الشيكولاتة تتسبب في تأخر ومنع الحمل، ويؤدي إلى أسباب مزمنة بسبب الالتصاقات، لكنه لا يؤدي للإصابة بمرض السرطان.
تؤكد دراسة سابقة نُشرت عام 2019 أن الفشل في تشخيص هذا المرض في الوقت المناسب، والإدارة المناسبة له قد يعزِّزان تطوُّره، إذ يضر بخصوبة الفتيات ويزيد من آلام الحوض المزمنة لديهن.
علياء: خشيت أدوية منع الحمل للعلاج
التجربة الأخيرة التي سردت لنا تجربتها كانت علياء محمود، 27 عامًا، متزوجة، وتعمل مهندسة بإحدى شركات الديكورات، تروي أنها زواجها أتم عامه الثاني منذ وقت قريب، لكن في تلك الأثناء لم يشأ القدير أن يرزقها بطفل، ورغم محاولات عدة قامت بها بين الأطباء ما بين فحوصات وأدوية إلا أن المحصلة النهائية صفر.
بدأ الإحباط يتسلل إلى "علياء"، التي اختارت اسمًا مستعارًا لاعتبارات شخصية، إلى أن دلتها صديقة لها على طبيب آخر وبدت صديقتها واثقة أنه سيكون محطة "علياء" الأخيرة قبل الإنجاب، وبالفعل لم تنتظر إلى أن حصلت على موعد للكشف عليها بعد أن أصبحت آلام فترة الدورة الشهرية أكثر سوءً من ذي قبل وبدأت تتفاقم شهرًا بعد شهر.
جلست "علياء" أمام الطبيب وشرحت له كافة الأعراض التي باغتتها، ففحصها بالسونار ليكتشف إصابتها بأكياس الشيكولاتة أو بطانة الرحم المهاجرة، فوصف لها مجموعة من الأدوية من ضمنها منع الحمل، فساورها القلق في البداية لكن سرعان ما شجعها زوجها على اتباع نصيحة الطبيب، وبالفعل بعد شهر من المتابعة والانتظام على الأدوية تم حل المشكلة، وفي الشهر التالي سجدت لله شكرًا لأنه رزقها الطفل الذي تمنته.
ونصحت، في ختام حديثها، أن أي فتاة تعاني من اضطرابات أو آلام شديدة أثناء فترة الحيض أن تتوجه للطبيب وتتوقع إصابتها بهذا المرض، فعند اللحاق مبكرًا به يصبح من السهل حل المشكلة بشكل أسهل.