حسين عبد البصير:«حور.. سنوات الجراد» تدافع عن جماليات الكتابة
قال الدكتور حسين عبد البصير، مدير عام متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، خلال مناقشة المجموعة القصصية "حور.. سنوات الجراد" لمنال رضوان: من أجمل المجموعات القصصية التي قرأتها في الفترة الأخيرة.. تنتصر للهم الإنساني وتدافع عن جماليات الكتابة في لغة أدبية متميزة واحساس عال يتجاوز آفاق الواقع ويصل إلى سموات المستحيل.
تتنوع أماكن القص داخل المجموعة بشكل لافت ودال. تحس وانت تقرا المجموعة وكأنك تعايش الشخصيات وتشعر بها من حيث الظروف والتكوين في تناغم حميمي يحتفل بالحياة ويقهر الحزن وينتصر للإنسان من خلال اللعب بالزمن والحكي عبر أزمنة متعددة.. قبل أن تهجر حور جنتها وقبل أن يأكل الجراد سنوات من عمر الأبطال والاوطان.
تعيش مع نورية وبيلار وتعرف مارسيل وتسمع بيانو جميلة وتشاهد شريط سينما روعة وتطرق أبواب الفردوس مع بتول وتحزن مع وسيلة وأنت تعرف قصة شهيد اليمن الأشهر.
ومن جانبها، قالت منال رضوان: النص الأدبي بتنويعاته يمثل ترجمة وانعكاسا للقضايا الفكرية أوالأحوال الإنسانية والاجتماعية، ولابد أن يشتمل على نماذج من الوعي الفردي والجمعي للإنسان، وفي إطار تلك القناعة قررت كتابة تلك المجموعة وقد واجهتني بعض الأمور، أولها زخم الأحداث والتطورات المتلاحقة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحقبة الزمنية الواقعة بين سقوط الحكم المدني ووصول التيار الأصولي إلى سدة الحكم بإيران.
وثانيها مراعاة الخيط الرفيع والفاصل بين استلهام التاريخ في حقبة ما منه والتوثيق له سرديا في عمل أدبي علي نحو تقريري دون اجتهاد أوتقديم نص إبداعي يستلهم التاريخ في حقبة زمنية ما لتقديم سرد إبداعي يعبر عن هم إنساني وفكرة إنسانية وتجربة إنسانية.
وأردفت: على سبيل المثال في قصة الشهيد التي تناولت أحداث انقلاب العشرة أيام في اليمن وإعدام العقيد أحمد يحيى الثلايا بساحة تعز في أبريل من عام ١٩٥٥ أوردت المعلومات التاريخية كما هي وأذكر أنني استعنت على سبيل المثال في هذه القصة بالمذكرات الخاصة بالسيد فتحي الديب ضابط المخابرات وقتها كما استعنت أيضا بدراسات ومؤلفات للسيد سامي شرف سكرتير الرئيس عبد الناصر في ذلك الشأن غير أن هذا لم يمثل عائقا تجاه الخط الدرامي الذي ابتدعته، ولم يؤثر عليه بالسلب بل كانت المعلومات مصدر ثراء للعمل ذاته وأضفت عليه روحا من المعايشة، قصة وسيلة الفتاة التي أحبت ذلك البطل اليمني وآمنت به رافضة أن تقص جديلتها لاستعداء القبائل عليه. فالثابت تاريخيا أن الثلايا كان متزوجا من السيدة حبيبة ابنة قبيلته، ووسيلة أو حور هنا أوجدتها دراما الحدث ليس إلا .
وأضافت: أما الأمر الثالث الذي واجهته أو لنقل وظفته هو استخدام الصوت السردي المباشر الذي أتاح لي حرية التعبير عن الفكرة والتدفق السردي وسهولة التحرك زمنيا داخل النص فيما بين السنوات المختلفة.
فيما كان الأمر الرابع هو الرهان على الكتابة بالشكل الكلاسيكي وهو الكلاسيكي الناعم الذي يفيض بالمشاعر وإضافة بعض الحوارات الرومانسية أو المرحة فيما بين الأبطال للتخفيف من وطأة الأحداث محاولة إبراز الفكرة الرئيسة في الأحداث وهي أننا أضعنا الكثير كشعوب عربية وإسلامية من أعمار بلداننا وأطعمناها للجراد بالتناحر والصراعات على الموارد أو كراسي الحكم وكيف أثر ذلك على حور التي رمزت بها إلى الخصب والنماء والأرض الطيبة .أرجو أن أكون قد وفقت في ذلك.
واختتمت منال رضوان: لم أتناول في هذا العمل مجريات وتجليات وتوابع ثورة واحدة أو تحول واحد في بلد واحد وإنما تناولت من خلال صيغ متراوحة وأبطال متنوعين وبطلات متنوعات وتجارب إنسانية مختلفة هذا الشأن والهم ففي العراق تناولت أحداث ٨ شباط ٦٨ وإعدام عبد الكريم قاسم وتأثير هذا على جميلة وصبري كاظم حمدان وهؤلاء من اختراعي. كما رمزت بقصة نورية التي تدور حول وقف جدتها بلديز خاتون بالأمل المفقود في وجود مجتمع عربي أو إسلامي قوي وظلت حور تتكرر باسماء وشخصيات مختلفة طوال القصص وكل هذه الأحداث تدور في فترة غنية بالأحداث الساخنة الفارقة التي استتبعت بعدها تحولات كبري.
