مصطفى نصر: برغم كل المعوقات كنت واثقا من قدرة الجيش المصري على فعلها
حكى الروائي السكندري الكبير مصطفى نصر تفاصيل يوم 6 أكتوبر في حياته، يقول: «زرت في هذا اليوم صديقي إبراهيم في بيته يوم 6 أكتوبر عام 1976، كان نائما، انتظرته حتى استيقظ من نومه، أخبرته – وأنا سعيد – بأن جيشنا اخترق خط بارليف ووصل للناحية الأخرى من القناة، فقال: «أنت بتصدق الكلام ده.. قلت: كنت على يقين من أننا سننتصر، لعدة أسباب: أولها إن تأثير حضارة الـ7 آلاف سنة، تظهر مع المصريين في وقت الشدة، فلو حدثت هزيمة يونيو 67 في دولة أخرى غير مصر لأنهت الحكم فيها، فعندما انتصرت الهند على باكستان في عام 1971، انتهى حكم ذو الفقار علي بوتو، وتم إعدامه، لكن مصر لها حسابات أخرى مختلفة، فقد أعلنوا بأن موشيه دايان – وزير الحرب الإسرائيلي – يجلس الآن بجوار التليفون منتظر اتصال من جمال عبدالناصر معلنا استسلامه».
وأضاف لـ«الدستور»: «طال انتظار موشيه دايان وهو جالس بجوار التليفون حتى اليوم التاسع من يونيو، عندما أعلن جمال عبد الناصر تنحيه عن الحكم، فخرجت الجماهير رافضة هذا التنحي.. لقد خرجت ثائرا ومعترضا على تنحي جمال عبد الناصر، كان خروج ملايين الجماهير في مصر وغيرها من الدول العربية ردا على موشيه دايان، بإننا نرفض إعلان الاستسلام، وإننا سنكمل المشوار وسننتصر، وقرأت كثيرا عن صلابة وقوة خط بارليف، وإن القنبلة الذرية لن تستطيع تفجيره أو خلعه».
وتابع: «صدقوني، رغم هذا كنت واثقا من النصر، لأن مصر تختلف عن كل شعوب العالم، كما أن جمال عبد الناصر بعد هزيمة يونيو 67، تخلص من معوقات كثيرة كانت تعيق تقدمه، يعني كان يحكم بمفرده، بعيدا عن تأثيرات كثيرة كانت مفروضة عليه، والدليل على ذلك إن معارك كثيرة اشترك فيها جيش مصر المهزوم ونجح فيها، انتصارات كثيرة حارب فيها الجيش المصري بكل وحداته وتحقق له النصر.. الإحساس بمرارة الهزيمة، جعل الجندي المصري يسرع للعمل، قال لي ضابط في الجيش، العمل الذي يحتاج لفرد يسعى لتنفيذه العشرات، الكل يريد أن يشترك في الحرب ليمحو عار الهزيمة».
وأكد: «ما حدث في حرب يونيو 67، وما تحقق بعد ذلك، دفع الكثير من خبراء المعارك العسكرية وخبراء السياسة والإقتصاد لدراسة هذه المعجزة العالمية، وكانت النتيجة مدهشة»:
1 – إن جمال عبد الناصر بعد أن تخلص من سيطرة عبد الحكيم عامر، يحكم الآن وحده دون تأثيرات خارجية.
2- وجود رغبة ملحة من كل أفراد الشعب لمحو عار الهزيمة. فقد أعلنها جمال عبد الناصر: أن لا صوت يعلو على صوت المعركة، وتحقق هذا بوضوح. الكل كان يسعى للنصر ومحو عار الهزيمة.
3 – وجود قطاع عام قوي، فكل شركات القطاع العام كانت تعمل لصالح المعركة، شركتي – شركة الورق الأهلية – كانت تصنع ورق ضرب النار. وشركة قها وأدفينا كانتا ترسلان كميات هائلة من علب الطعام للجيش. وقد جاءني قبل حرب أكتوبر 1973، مندوب من شركة بترول تورد مواد بترولية لشركتنا، قال لي:
- أنا في حاجة لشيك اليوم.
سألته: ما الذي حدث؟
قال: ما عندناش فلوس لصرف مرتبات العاملين.
سألته: لماذا؟
قال: الجيش بيسحب مواد بترولية، ولم يسدد ثمنها للآن.
5 – أستطاع جمال عبد الناصر أن يمر بالأزمة دون أن يحس الشعب المصري بهزة في اقتصاده، بل تم توريد كميات هائلة من الأغذية المستوردة كانت تباع في المجمعات الإستهلاكية بثمن قليل.