«كورونا طويلة الأمد».. متلازمة المرض الذي لا ينتهي
لم يكد يشفى مصاب كورونا من إصابته بالفيروس المستجد، حتى يحلم باللحظات التي يسترد فيها قوته سريعًا، ويظن آملًا أن يعود بنيانه كما كان بعد ما أرهقه المرض، وذلك في الوقت الذي تخرج فيه دراسة مفاجأة تؤكد أن من أصيب بفيروس كورونا قد يكتب عليه أن يصاب بما يتبعه أو ما يسمى "كورونا طويلة الأمد"، والذي يظل مصاحبًا لمن أصيب بالفيروس لفترات طويلة حتى بعد الشفاء منه، وعلى الرغم من سلبية نتائج مسحة الاختبار، وغيرها من الكشوفات ليعيش مصاب كورونا رعبًا أثناء الإصابة ولا ينتهي معه بعدها.
الصداع والتعب وضيق التنفس الأكثر شيوعًا
بحسب ساندرا لوبيز -أستاذة علم الأوبئة الجينية بجامعة "إراسموس روتردام" الهولندية، حلل فريق بحثي بيانات 15 دراسة سابقة، ركّزت جميعها على الأعراض التي ظهرت خلال فترات امتدت من 15 يومًا وحتى 110 أيام بعد التعافي.
و شملت الدراسة حالات من أعمار مختلفة تراوحت بين 17 إلى 87 عامًا، كما شملت عدة أعراض وصفت بأنها "الأكثر شيوعًا"، وهي التعب ثم الصداع، ثم اضطراب الانتباه ثم تساقط الشعر، وأخيرًا ضيق التنفس.
وتواصلت “الدستور” مع بعض متعافي فيروس كورونا، والذين وجدوا أنهم في الحقيقة لم يحصلوا على الشفاء التام الذي كانوا يصبوا إليه، بل لم تعد صحتهم وأجسادهم طوعهم كما كانت قبل أن يزورها كورونا.
تضخم عضلة القلب بعد التعافي
محمد حسن (42 عاما) موظفًا حكوميًا، ظل مصابًا بالإجهاد بعد 7 أشهر على شفاؤه من فيروس كورونا أي بعد أن أُثبتت سلبية المسحة، وكذلك الفحوصات، ويصف أن شعور التعب والإجهاد ظل يزداد يومًا عن يوم لديه حتى ظن أنه ليس إلا نتيجة لإصابته بدور "إنفلونزا عادي" وذلك إلى أن تفاجأ بتشخيص الأطباء بأنه يعاني تضخم في عضلة القلب موضحين أنه قد أصيب به كواحد من مضاعفات فيروس كورونا وأحد نتائجه.
مشاكل الشم
شكت منى أحمد ربة منزل 37 عامًا، والتي تعافت منذ شهرين من فيروس كورونا من عدم انتظام حاسة الشم لديها قائلة: "ساعات بشم وساعات لا.. رغم إني خفيت"، موضحة أنها في حال لا تشعر بحاسة الشم، فهي تفقد بالتالي حاسة التذوق، وهو ما يسبب لها ألمًا نفسيًا كبيرًا فليس هناك -على حد قولها- أصعب من أن يتناول الشخص طعامًا دونما أن يشعر بمذاق ما يتناوله.
وتابعت أنه بعد التردد على عيادات الكثير من الأطباء أجمعوا على ما تعانيه من فقدان لحاستي الشم والتذوق هو مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا، ناصحين إياها بتقبل الأمر مع الالتزام ببعض الأدوية التي يمكنها المساعدة على الشفاء، وليس الشفاء الكامل.
ضعف الإبصار
وتروي نهى أحمد 18عامًا طالبة وهي إحدى متعافي فيروس كورونا، أنه منذ تعافيها من الإصابة بالفيروس، وقد لاحظت بعض التغييرات على مستوى إبصارها، مشيرة إلى أنها لم تكن تعاني من قبل الإصابة من أي ضعف بالرؤية، إلا أن الأمر اختلف معها حاليًا وأصبحت تفكر في ارتداء نظارة طبية بعد تأكدها من تأثير فيروس كورونا المزمن على بصرها.
ضيق تنفس مستمر
كذلك يروي أحمد عادل (45 عامًا) كهربائي أنه أصبح يعاني بعد تعافيه من فيروس كورونا بضيق تنفس مزمن وليس له أسباب، موضحًا أنه على الرغم من تعافيه من فيروس كورونا منذ أكثر من 9 أشهر إلا أن ضيق التنفس أصبح يعتريه من أقل مجهود ممثلًا له كابوسًا يطارده في كل مكان، ولا يجد له علاجًا وأضاف أن الأطباء أكدوا له أن ذلك أمرًا واقعًا ويعد أحد مضاعفات فيروس كورونا والتي تختلف من شخص لآخر، ولكن على الجميع تقبلها مع تناول بعض الأدوية المناسبة لكل شخص.
تشوه في أنسجة القلب أو الرئتين أو المخ
وقال الدكتور محمد حسن، استشاري أمراض المناعة، إنه وُجد أن معظم المتعافين لديهم تشوه في أحد الأنسجة، سواء القلب أو الرئتين أو المخ أو الكبد، مضيفًا أنه لاحظ الأطباء تعرُّض المتعافين لآثار نفسية، وأغلبها متعلق بالتقلبات المزاجية الشديدة أو الاكتئاب والقلق، فالبعض منهم اشتكى عدم معرفته العودة للمارسة حياته الاجتماعية كما كان قبل الإصابة.
وأضاف محمد أن أكثر أعضاء الجسم تأثرًا لدى المتعافين من الفيروس هي الرئتان ثم الكلى ثم القلب، مشيرًا إلى أن أسوأ ما في الأمر هو عدم اهتمام كثير من هؤلاء المتعافين بمتابعة حالته مع الطبيب عقب خروجه من المستشفى وذلك اعتقادًا منه بتمام التعافي، وهو ما يتتج عنه للأسف الإصابة بجلطات عقب خروج هذه الحالات من المستشفى بشهرين أو أقل، لذا نصح عبد الرحمن بضرورة المتابعة الدورية والفحص من المتعافين لصحتهم خاصة إجراء الكشف على الرئة والقلب.