وغاب نور أحد أعلام التنوير المصرية.. إطلالة على أبرز مؤلفات طلعت رضوان
يعترف الكاتب المفكر طلعت رضوان، والذي غادر عالمنا صباح اليوم، في "كتابه مثقفون مع الأصولية الإسلامية"، أنه كغيره من ملايين المصريين وقع ضحية كثير من المثقفين المحسوبين علي النخبة المصرية وثقافتها السائدة من كتاب وباحثين وإعلاميين تمثلت الخدعة في أن عددا كبيرا من هؤلاء المثقفين والنخبة نالوا صفة الليبرالية وأحيانا العلمانية وبالتالي تم تصنيفهم علي أنهم ضد الأصولية الإسلامية بينما منتجهم الثقافي علي النقيض تماما مما يدعون أي أنهم مع الأصولية.
ويشير "رضوان" إلى أنه بعدما تمعن في كتبهم كتب عنهم محللا كتباتهم تلك ليستفاد منها المصريين خاصة الأجيال الجديدة وفي حديثه عن 13 شخصية ذاع صيتها في الأوساط الثقافية جاء ذكر "محمد عمارة مستجليا" سيرته أوائل حياته أثناء إنضمامه للحركة الشيوعية المصرية وإعتقاله في الستينيات وبعد خروجه من المعتقل انتقل من صفوف الحركة الماركسية إلى صفوف الأصوليين المُدافعين عن الدولة الدينية وعدم الإيمان بعلمنة مؤسسات الدولة فاستتبع ذلك الهجوم على العلمانية والليبرالية والماركسية وما ترتب عليه من حتمية مهاجمة الغرب وتشويه كل آلياته فى مجال الحكم ليستمر نمط الحكم الاستبدادى السائد فى مصر وفى البلاد العربية،يستدل رضوان بكتاب محمد عمارة جمال الدين الأفغانى موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام للتدليل علي تبني عمارة الموقف الإصولي المناهض للحداثة والتنوير واصفا الكتاب بأنه يسعى لتجميل وجه الأفغانى وبالتالى ترسيخ مفاهيمه التخريبية خاصة ما كتبه فى مجلة العروة الوثقى عن أنّ ما يُجمع الشعوب هو الدين وليس الوطن وهو ما صاغه فى تعبير دأب على ترديده أطلق عليه الرابطة الدينية.
يرتبط بهذا الكتاب كتاب آخر لعمارة وفيه يهاجم عمارة المفكر لويس عوض أما الأكاذيب فهى الكم الهائل من المراجع التى اعتمد عليها لويس عوض وتجاهلها الكاتب المُدافع عن الإسلام ومن واقع المراجع التى قرأها لويس عوض تمكن من طرح الأسئلة المسكوت عنها لماذا أخفى الأفغانى والثقافة السائدة بالتبعية ما أثبتته الوثائق أنه وُلد فى قرية أسد أباد بالقرب من مدينة همدان غرب إيران؟ ويؤكد ذلك أنّ لغته الأصلية هى الإيرانية فلماذا أخفى أصوله الإيرانية؟ والسؤال بصيغة أخرى لماذا أخفى مذهبه الشيعى ليبدو سنيًا فى أفغانستان وتركيا ومصر؟ من ساعد الأفغانى ليتنقل بين المحافل الماسونية الإنجليزية والفرنسية والإيطالية؟ ما سرالعلاقة الوطيدة والتأييد المـُتبادل بين الأفغانى ورياض باشا عدو الديمقراطية؟ ولماذا سعى الأفغانى لتحقيق حلم الإنجليز بخلع إسماعيل من أجل تنصيب ابنه توفيق عميل الإنجليز؟ وكيف استطاع إخفاء حقيقة دعوته للجامعة الإسلامية فترة اندماجه مع الحركة الوطنية المصرية وكان شعارها مصر للمصريين لا للعثمانيين ولا للأوروبيين وكيف استطاع أثناء إقامته فى مصر الجمع بين حملته ضد الإنجليز وتعاونه معهم فى الهند؟ ولماذا سمح الإنجليز له أنْ يُقيم فى الهند؟ الإجابة لأنه كان موصى عليه من الباب العالى لماذا كان تفسيره للثورة العرابية زريًا ؟ هل لأنّ الثورة العرابية لم ترفع شعار التبعية العثمانية ورفعت شعارمصر للمصريين وبعد تحول عمارة من الماركسية إلى الأصولية وهو يمتدح الخلافة الإسلامية رغم أنه كتب عن مساوىء تلك الخلافة فذكر أنّ معاوية قال إنّ جميع ما تحت يدى لى فما أعطيتُ فقربة إلى الله وما أمسكتُ فلا جناح علىّ وكتب أنه نشأتْ حول علاقة الخليفة بمال الأمة أفكار شبيهة بنظرية الحق الإلهى التى تـُطلق يد الخليفة يتصرف فى فضول الأموال كما يشاء وذكر أنّ الخليفة عثمان قال ما لى لا أفعل فى فضول الأموال ما أشاء وكان عثمان أول من اقتطع أرض الصوافى وكانت ملكـًا لبيت المال ودخلها فى عهده خمسة ملايين درهم وأول من اقتطع أرض سواد العراق وفاز بنو أمية من هذه الاقطاعات بأوفى نصيب
ــ طلعت رضوان وغاب نور أحد أعلام التنوير المصرية
ويعد الكاتب المفكر طلعت رضوان واحدا من أعلام التنوير المصرية، ممن حملوا مشاعل الفكر النقدي التنويري من خلال كتبه الفكرية وإبداعاته الأدبية، حيث صدر له أعمال: مدينة طفولتى، رواية "ترنيمة عشق" ورواية "روح الفراشة"، ورواية "دوائر النور والنار".
كما صدر له مجموعتين من القصص القصيرة للأطفال، كتب عن رادوبى السندريلا المصرية قام بمعالجة القصة فى شكل مقال و قصة قصيرة و مسرحية.
وفي مجال الكتب الفكرية صدرت له أعمال شتي نذكر من بينها: «التوراة والحضارة المصرية» عن مؤسسة أروقة للنشر، وفيه يتناول "رضوان"العداء غير المبرر على المستويين العلمى والإنسانى ضد أجدادنا المصريين القدماء٬ والذين أسسوا وأشادوا الحضارة المصرية، والتى كتب عنها علماء علم المصريات أنها أول وأعظم حضارة إنسانية وأنّ اليونانيين أخذوا الكثير منها - ومن اليونان انتقلت إلى أوروبا ومنها إلى كل دول العالم.
وقد اعتمد فى كتابه على ما ورد فى مجلد العهد القديم - الذى يضم التوراة، بخلاف باقى الأسفار العديدة - وكذلك ما ورد فى العهد الجديد الذى يشمل أسفار الديانة المسيحية - والنتيجة التى توصل إليها هى أن الصراع بين مجتمع الرعاة الذين حرمتهم الطبيعة من أرض خصبة للزراعة مثل التربة المصرية حرمتهم من الاستقرار الذى هو أساس أى مجتمع إنسانى ينشد التطور.
ــ «مصر الحضارة والانتصار للحياة» كتاب يفند أكاذيب أعداء المحروسة.. وفي كتابه "مصر الحضارة والانتصار للحياة" والصادر عن دار الهلال٬ يذهب مؤلفه الباحث طلعت رضوان٬ إلي أن أعداء الحضارة المصرية٬ يركزون فى هجومهم على جدودنا المصريين القدماء، على عدة محاور منها: أنّ الحضارة المصرية حضارة موت٬ وأنها قامتْ على السخرة والعبودية٬ تاريخ مصرالقديمة كله طغيان٬ المصريون القدماء ليس لهم إسهام بارز فى الحضارة الإنسانية وإنّ اليونانيين هم أصل الحضارة.
والملاحظ أنّ أغلب الكتابات المعادية للحضارة المصرية، ليس لها أدنى علاقة بعلم اللغويات ولا بعلم المصريات ومن أمثلة ذلك ما كتبه الكاتب البريطانى جون تيلور٬ الذى روّج لنظرية قال فيها إنّ بناة الأهرام كانوا من أبناء شعب الله المختار٬ ومن نفس السلالة التى انحدر منها إبراهيم٬ وإنْ كانوا من أزمنة سابقة بطبيعة الحال أقرب إلى نوح فى واقع الأمر.